هيثم الحاج على

حكاية رأس العش

الخميس، 17 أغسطس 2023 12:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في واحدة من حلقات مسلسل رأفت الهجان، تلك التي كانت تالية لحلقة يونيو 1967 والتي أثارت كثيرا من شجون من شاهد المسلسل، كان بطل المسلسل قد عاد إلى مصر وهو متخذ قراره باعتزال العمل المخابراتي والبقاء في مصر، غير أنه يستيقظ على ضجة من العاملين بالمنزل الذي يقيم فيه، فيهرول إلى النافذة ليسألهم، فيجدهم متحلقين حول الراديو – الوسيلة الأساسية للاتصال بالعالم وقتها – يستمعون لأخبار ينقلونها له: "قوات العدو حاولت تدخل راس العش لكن قواتنا المكونة من أربع وعشرين جندي مسلحين بأسلحة خفيفة تصدوا لهم ورجعوهم".

ربما تكون هذه الكلمات هي الشرح الوحيد في وسائل الإعلام منذ وقتها عن إحدى المعارك الخالدة في تاريخ هذا الوطن، حيث إنه في صباح الأول من يوليو عام 1967، أي بعد وقائع يونيو بأيام قلائل، تصدت مجموعة من المقاتلين يقودهم ملازم فتحي عبد الله  (توفي عام 2021 حاملا لرتبة اللواء) لهجوم قوات من العدو تشمل سرية دبابات (ثلاث دبابات) مدعمة بقوة مشاة ميكانيكة في عربات نصف جنزير، وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التي تشبثت بمواقعها بصلابة، وأمكنها تدمير ثلاث دبابات معادية، ثم عاود العدو الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، أو بالتشويش أو بالالتفاف من الخلف، لكنه وعلى مدار سبع ساعات من المواجهات المباشرة فشل تماما في القضاء على صلابة الأبطال المصريين، بل كانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير، بالإضافة لخسائر بشرية واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973.

كانت رأس العش التابعة لبور فؤاد – التي تقع شرق قناة السويس في مقابل بورسعيد – هي المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم يتم احتلالها في يونيو، ونظرا لأهميتها التي تمنح محتلها السيطرة على بورسعيد وعلى مدخل قناة السويس الشمالي، فقد حاول العدو أكثر من مرة احتلالها لكنه فشل في مواجهة جنود دافعوا بكل بسالة عن وطنهم، ودافعوا عن سمعة الجندي المصري الذي حين تتاح له الفرصة للتضحية لا يتوانى مستخدما كل إمكاناته للذود عن أرضه، وفي هذه المعركة تحديدا سنجد كثيرا من البطولات الفردية ربما أبرزها بطولة الرقيب الفدائي حسني سلامة الذي تعامل مع سلاح مضاد للدبابات للمرة الأولى، واستطاع تدريب زملائه عليه، وكان له أثر كبير في القضاء على محاولات التفاف العدو خلف القوة المصرية.

هذه المعركة التي كانت الشرارة الأولى لحرب الاستنزاف، وكانت بمثابة معركة استرداد الثقة في قدرة الجندي المصري، هي واحدة من المعارك الكثيرة التي يذخر بها التاريخ وخاصة في فترة الاستنزاف ونصر أكتوبر 1973، وهي تلك الذخيرة التي ما زلت أحلم بالتنقيب عنها وكشفها لأبنائنا لتعزز معرفتهم الحقيقية بتاريخ وطنهم وبطولات أجدادهم وآبائهم، فليس أقل من الاحتفاء بكل هؤلاء الأبطال كل في بلده ومحافظته لنحيي بصورة عملية اليوبيل الذهبي لأكتوبر المجيد عن طريق إحياء أسماء هؤلاء في أماكنهم التي عاشوا فيها وبين أهلهم وذويهم.

وللحديث بقية.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة