سجل الذهب رابع خسارة أسبوعية له على التوالي في ظل تراجع الطلب عليه كملاذ آمن وتزايد الضغط السلبي سواء من ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي، أو المستويات القياسية التي سجلتها عوائد السندات الحكومية الأمريكية.
وانخفضت أسعار الذهب الفورية خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.3% ليفقد 24 دولار تقريباً ويسجل أدنى مستوى في 5 أشهر عند 1885 دولار للأونصة، وبذلك يكون انخفض الذهب منذ بداية شهر أغسطس حتى الآن بنسبة 3.9%، وفق تحليل أداء الذهب الأسبوعي من جولد بيليون، كما فقد الذهب 190 دولار من قيمته منذ تسجيله أعلى مستوى تاريخي في شهر مايو الماضي وحتى الآن، وذلك بعد تغير توقعات السوق بالنسبة للسياسة النقدية الأمريكية في ظل تماسك التضخم وتعهد الفيدرالي بمحاربته واستمرار سياسة التشديد النقدي.
تقرير الاقتصاد الأمريكي
صدر عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع المنتهي بيانات مبيعات التجزئة عن شهر يوليو لتشهد ارتفاع بنسبة 0.7% بأعلى من القراءة السابقة 0.3% والتوقعات 0.4%، كما ارتفع المؤشر الجوهري الذي يستثنى عوامل التذبذب بنسبة 1% من القراءة السابقة 0.2%.
بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية التي تعد مقياس للإنفاق الاستهلاكي أظهرت مرونة كبيرة في الاقتصاد الأمريكي على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة لأعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عام، وهو ما يظهر قوة الاقتصاد الأمريكي وإمكانية تحمله المزيد من التشديد النقدي لمواجهة التضخم دون السقوط في خطر الركود الاقتصادي.
استقبلت أسعار الذهب بيانات مبيعات التجزئة بشكل سلبي دفعها إلى كسر مستوى الدعم الرئيسي عند 1900 دولار للأونصة، لتواجه عمليات بيع قوية عقب محضر اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي والذي أظهر تحيز أعضاء البنك تجاه استمرار تشديد السياسة النقدية، بحسب تحليل جولد بيليون.
تقبل الاقتصاد الأمريكي رفع جديد للفائدة
مرونة الاقتصاد الأمريكي وتقبله لقرارات رفع الفائدة بشكل جيد ساهم في استمرار التضخم في التماسك وعدم استجابته القوية للسياسة النقدية للبنك الفيدرالي، وهو ما دفع أعضاء البنك إلى المطالبة باستمرار التشديد وإمكانية اللجوء إلى رفع جديد في أسعار الفائدة.
التوقعات الخاصة باجتماع الفيدرالي في سبتمبر القادم تشير إلى تثبيت الفائدة عند مستوياتها الحالية، ولكن المؤكد أن معدلات الفائدة ستستقر عند أعلى مستوياتها لفترة طويلة من الوقت قد تصل إلى منتصف عام 2024 وفقاً للتوقعات الأخيرة، حتى إذا لم يقم الفيدرالي برفع الفائدة خلال أي من الاجتماعات الثلاث المتبقية هذا العام.
وكشف تحليل جولد بيليون أن الرابح الأكبر في الأسواق المالية هذا الأسبوع كانت أسواق السندات الأمريكية، فقد اجتذبت الأسواق العديد من الاستثمارات سواء من أسواق الذهب أو أسواق الأسهم وذلك في ظل ارتفاع العائد لمستويات قياسية مقارنة بأي سوق مالي آخر خلال هذا الفترة حيث ارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال الأسبوع الماضي بنسبة 2.4% وسجل أعلى مستوى منذ أكتوبر الماضي عند 4.328%، بينما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 سنة ليسجل أعلى مستوى منذ 12 عام.
أما عن العائد على السندات قصيرة الأجل في الولايات المتحدة فقد تخطى الـ 5% وشهد إقبال كبير من المستثمرين، فبالنسبة لهم الاحتفاظ بالسندات الحكومية لمدة 3 أشهر بفائدة 5% أفضل بكثير من الاستثمار في الذهب، خاصة أن الاقتصاد الأمريكي لن ينهار في يوم وليلة بالتالي هي فرصة مثالية للاستثمار قصير الأجل.
أما عن الدولار الأمريكي فقد سجل ارتفاع للأسبوع الخامس على التوالي وفقاً لمؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، ليرتفع خلال الأسبوع المنتهي بنسبة 0.6% ليسجل أعلى مستوياته منذ شهرين.
قوة الدولار الأمريكي كانت المحرك الرئيسي لضعف الذهب خلال الفترة الأخيرة، وقد استطاع الدولار جذب المزيد من الاستثمارات والمكاسب بدعم من الأداء القياسي في أسواق السندات الحكومية الأمريكية، الأمر الذي انعكس على الذهب بمزيد من الهبوط والتداولات السلبية.
الذهب يفقد خاصية الملاذ الآمن في الأسواق المالية
على عكس البيانات الاقتصادية الإيجابية عن الولايات المتحدة الأمريكية، كان هناك أخبار اقتصادية ضعيفة قادمة من الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبالرغم من تزايد التشاؤم في الأسواق لم يكن هناك ما يكفي لإثارة أي طلب للملاذ الآمن على المعادن الثمينة.
أظهرت البيانات الاقتصادية الصينية عن تباطؤ النمو في الإنتاج الصناعي والإنفاق الاستهلاكي. وأعلن المكتب الوطني للإحصاء إن الطلب المحلي لا يزال غير كاف وأن أساس تعافي الاقتصاد لا يزال بحاجة إلى التعزيز، وفق جولد بيليون.
وخفض البنك المركزي الصيني سعر الفائدة على قروضه لأجل عام بنسبة 0.15٪ إلى 2.50٪، تمشيا مع توقعات السوق، ويعد هذا هو الخفض الثاني لسعر الفائدة هذا العام بعد خفض بنسبة 0.10٪ في يونيو. أظهرت بيانات أخرى تباطؤ الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة. بينما واصلت الاستثمارات العقارية في الصين ركودها.
وتعد هذه البيانات بمثابة أخبار سلبية بالنسبة للمعادن بشكل عام والذهب بشكل خاص، لأنها تشير إلى ضعف الطلب من الصين التي تعد أكبر مستهلك للذهب والمعادن في العالم، من جهة أخرى كان من المعتاد أن نشهد الذهب ينتعش في فترات عدم اليقين الاقتصادي وضعف أداء الاقتصاديات الكبرى كونه الملاذ الآمن الأول في الأسواق، ولكن الذهب فقد هذا الدولار لصالح الدولار والسندات الأمريكية بشكل واضح.
ماذا ينتظر سوق الذهب؟
وتوقعت جولد بيليون أن يستمر تراجع الذهب بعد كسر المستوى 1900 دولار للأونصة والاستقرار أسفله تزايدت التوقعات بمزيد من الهبوط، حتى وإن كان الاتجاه العام للذهب لا يزال نحو الأعلى، ولكن هناك تشبع كبير بالبيع في الأسواق وهو ما قد يدفع الذهب إلى بعض التصحيح الإيجابي هذا الأسبوع.
تنتظر الأسواق هذا الأسبوع ندوة جاكسون هول للبنوك المركزية والتي ستشهد حديث لرئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول والذي من المنتظر أن يتعرض خلاله لأداء السياسة النقدية المتوقع في مواجهة التضخم المتماسك.
التعليقات المحايدة من باول قد تكون كفيلة لدعم أسعار الذهب لأنها قد تشير ان عائدات السندات قد بلغت ذروة الارتفاع، وهو أخبار إيجابية بالتأكيد لأسواق الذهب.
أيضاً الجدل الحالي بشأن مستقبل النمو في الاقتصاد الأمريكي وهل سيشهد ركود أم هبوط معتدل أم مجرد نمو بأقل من المتوقع قد أفقد الذهب المزيد من الدعم، بعد أن كانت التوقعات جميعها تشير إلى ركود للاقتصاد الأمريكي وبالتالي انتعاش للذهب قامت البيانات الاقتصادية الأخيرة بتغيير هذه التوقعات لأداء أفضل للاقتصاد الأمريكي، وقد يساعد حديث باول في توضيح المشهد بالنسبة للأسواق وبالتالي قد يؤثر هذا على تحركات الذهب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة