في سنة 1096 شهد العالم ظاهرة غريبة، هي خروج جيش من الفقراء الأوربيين ناحية الشرق، ليغزو الشرق، فيما عرف بحملة الفقراء، والتي سبقت الحملة الصليبية الأولى، ولدى الآن اعتقاد قوى بأن معظم من كانوا في هذه الحملة ما كانوا يعرفون أيضًا أين يقع "الشرق" الذى خرجوا ليغزوه، لكنهم أطاعوا صوتًا قادمًا من "الشر الخاص"، زعم لهم أنهم بذلك في "رضوان المسيح".
كان البابا أوربانوس الثانى يتبنى بشكل خاص أفكارًا عن غزو الشرق، والسيطرة على بيت المقدس، والاستيلاء على الخيرات، لذا راح يدعو للغزو، مستعينًا بكارثة أطلق عليها "صكوك الغفران"، ادعى أنه يملك مفاتيح الجنة، ويملك القدرة على منح الغفران، وأنه سيهب ذلك لكل من يخرج يحمل سيفًا ليقتل فى أهل الشرق.
جيش من الفقراء والعبيد والفرسان المعدمين انطلقوا إلى القدس بمفردهم، بعدما كان العبيد قد ابتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096، ويبدو أن بعضهم رأى فى الحملة الصليبية مهربًا من واقعهم المرير.
وفى المقابل، كان صدى دعوة البابا فوق كل التوقعات، ففى حين أن أوروبانوس كان يتوقع بضعة آلاف من الفرسان انتهى به الأمر بهجرة جماعية قد تصل إلى 100 ألف معظم من فيهم من المقاتلين غير المتمرسين وبينهم نساء وأطفال.
وكان قائد الحملة راهبًا صاحب شخصية مؤثرة ومتحدثًا مفوهًا اسمه بطرس الناسك من أمينس كان القائد الروحى لهذه الحركة، عرف أيضًا بركوبه حمار وبسيط اللباس، كان قد وعظ بنشاط لأجل الحملة فى شمال فرنسا ادعى أنه عيّن من قبل المسيح ذاته.
لم تصل الحملة التى كان جنودها يحملون العصى والسيوف الخشبية والسكاكين إلى القدس أبدًا، فبعد وصولهم إلى المجر، التى لم يرحب الناس هناك باستضافتهم، وبدأت المناوشات، وأدى خلاف على سعر زوج من الأحذية فى السوق إلى أعمال شغب واسعة، تحولت إلى هجوم كامل على المدينة قتل خلاله 4000 هنجاري، واستكملوا بعدها المسير، وفى أغسطس 1096 نشب خلاف بين قادة الحملة وتفرق الجنود، فى الوقت الذى نجحت الدولة السلجوقية فى نصب كمائن متعددة لهم خسروا خلالها آلاف الأرواح، يقال مات فيها ثلاثة أرباع الحملة.
هذه الأرواح التي أزهقت دفعها لذلك حشد دينى "لا منطق" له، ظن أنه يحمل "الخلاص" فأورد الناس إلى التهلكة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة