ـ خبراء سعوديون لـ«اليوم السابع»: حجم مصر إلى جانب قوة السعودية والإمارات الاقتصادية والنفطية بالتأكيد سيكون له إضافة كبيرة لبريكس.
ـ "بريكس" شبه مسيطرة على سوق الطاقة عالميا وتسيطر على أهم المضائق العالمية فى الاقتصاد.. السعودية والإمارات تُساهم فى تأمين النسبة الأعلى من الواردات النفطية لبعض دول المجموعة.. ومصر تشهد تحولا اقتصاديا إلى جانب موقعها الجغرافى المُهم وقناة السويس الاستراتيجية يُضيف إلى هذا التكتل
لا يُمكن لأى مُتابع أو متخصص فى عالم السياسة والاقتصاد الفصل بين المجالين، فكلاهما يرتبط أو يمثل انعكاسا للآخر؛ فتطور السياسات التى تعنى بالاستقرار والازدهار فى الأوطان، من المؤكد أنها تصُب فى صالح الاقتصاد الوطنى على المدى البعيد، حيث تتخذ سياسات البناء والتنمية وقت حتى يُمكن للمواطن أن يلمس التغيير، ولعل دعوة تجمع «بريكس» لمصر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة للانضمام له، أمس الأول الخميس؛ لخير دليل على نجاح الدول الثلاث فى رؤيتها للتنمية والتى تنتهجها خلال السنوات الماضية، فالجميع يحرص على تحقيق نقلة نوعية تعود على الوطن والمواطن بالنفع والرخاء والاستقرار، بما يحفظ أمن المنطقة بأكملها.
عهد جديد من الدبلوماسية
وطبقا لبعض من التقارير والتحليلات الغربية، فإن «بريكس» بات ليس فقط تكتلا اقتصاديا وإنما أيضا تحالف دبلوماسى وجيوسياسى يُمكنه أن يُمثل قوة حقيقية أمام سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، والتى ظلت لسنوات طويلة، ما يُمثل توازنا سياسيا عالميا يضمن مصالح الجميع بعيدا عن فكرة هيمنة الصوت الواحد، ولأول مرة تنضم دول عربية لهذا التكتل، ما من شأنه تعزيز التأثير العربى فى الأوساط الدولية، وفى تصريحات إعلامية، أكد وزير الاقتصاد الإماراتى عبدالله بن طوق المرى على أن التكتلات الاقتصادية أصبحت اليوم واحدا من أهم التوجُهات التى ترسم ملامح المشهد الاقتصادى الحاضر والمستقبلى، لافتا إلى أن الانضمام لهذا التجمع من المؤكد سيُحدث تحولا ليس فقط فيما بين الدول المُكونة للبريكس، وإنما على صعيد الاقتصاد العالمى، كما أكد وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة تتمتع بعلاقات استراتيجية مع دول «بريكس» وتتطلع إلى مزيد من التعاون، مشيرا إلى اهتمام المملكة بمبدأ احترام سيادة الدول واستقلالها وتسوية النزاعات بطرق سلمية، بالإضافة إلى حرصها على ممارسة مسؤولياتها لاستدامة التعاون الدولى.دور كبير بالاقتصاد العالمى
ويشير عضو مجلس الشورى السعودى، مستشار اقتصادى ومصرفى، فضل بن سعد البوعينين، إلى أن زيادة عدد أعضاء مجموعة بريكس بما فيها مصر والسعودية والإمارات، سيُحقق مزيدا من القوة الاقتصادية للمجموعة، كما ستتحقق المنفعة للأعضاء الجدد أيضا، قائلا فى تصريحاته لـ«اليوم السابع»: «هناك توقعات بسيطرة بريكس على ما نسبته 44% من الاقتصاد العالمى بحلول عام 2040»، مضيفًا أن حجم مصر إلى جانب قوة السعودية والإمارات الاقتصادية، والنفطية، بالتأكيد سيكون له إضافة كبيرة لبريكس، فى ظل أن هناك دولا بين المجموعة تعتمد على كُل من السعودية والإمارات فى تأمين النسبة الأعلى من واردتها النفطية، كما أوضح «البوعينين» أن حجم مصر وما تشهده من تحول اقتصادى، ومُحفزات للاستثمار، إلى جانب موقعها الجغرافى المُهم وقناة السويس الاستراتيجية، وعدد السكان الكبير بها، بالتأكيد يُمثل أهمية بالنسبة لهذا التكتل، وأشار إلى أنه بشكل عام يُعد توسيع قاعدة بريكس؛ زيادة لنفوذها وتوسعها عالميا فى مواجهة التكتلات الاقتصادية الأخرى.
وقال: «أتوقع أن يكون للدول العربية دور رئيسى فى المجموعة، بما سينعكس إيجابا عليها وعلى الأعضاء الآخرين، خاصة فى جانب الفرص الاستثمارية النوعية برامج التنمية الشاملة إلى جانب أمن الامدادات النفطية، كما أنه من المؤكد استفادة المنطقة العربية بأكملها من وجود الدول العربية فى المجموعة، بما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية بالمنطقة وربما أمنها الاستراتيجى أيضا».
أهمية استراتيجية للمنطقة
وقال جمال بنون - صحفى وكاتب اقتصادى فى تصريحات لـ«اليوم السابع» إن فكرة انضمام مصر والسعودية والإمارات لبريكس هى فكرة جريئة وطموحة، تهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين هذه الدول العربية و5 دول نامية هى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، مشيرًا إلى هذه الفكرة تستند إلى التشابهات والمصالح المشتركة بين هذه الدول، سواء فى مواجهة التحديات العالمية أو فى استغلال الفرص الإقليمية».
وأكد على أن انضمام مصر والسعودية والإمارات لبريكس سيكون له تأثير إيجابى على اقتصاد وقوة المنطقة، إذا تحققت بعض الشروط والضمانات؛ فمن ناحية، قد تساهم هذه الفكرة فى زيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات بين هذه الدول، وفتح أسواق جديدة ومتنوعة للسلع والخدمات، وتحسين البنية التحتية والمواصلات والاتصالات، وتشجيع الابتكار والإبداع فى مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة والبيئة. ومن ناحية أخرى، قد تسهم فى رفع مستوى التأثير والنفوذ لهذه الدول فى المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وإصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية، بحيث يعبر عن مصالحها بشكل أفضل، كما قد تساهم فى تعزيز دور هذه الدول فى حل القضايا الإقليمية والدولية، مثل الأزمات السورية والليبية والفلسطينية وغيرها، بطرق سلمية وشاملة.
مشددا على ضرورة أن تضع الدول الثلاث فى اعتبارها بعض المخاطر والتحديات التى قد تواجهها فى سبيل تحويل هذه الفكرة إلى حقيقة ولتحقيق التأثيرات الإيجابية السابقة الذكر، فمن جانب، يجب على هذه الدول أن تحافظ على علاقات جيدة مع باقى شركائها، وأن تتجنب أى تصادم أو تنافس معها، ومن ناحية أخرى يجب عليها أن تتوافق على رؤية واستراتيجية مشتركة للتعاون مع «بريكس»، وأن تضع آليات ومؤسسات فعالة لتنسيق مواقفها ومصالحها.
العملات المحلية فى مواجهة الدولار
بدوره أشار المستشار الاقتصادى وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، سليمان العساف، إلى أن مصر والسعودية والإمارات لها تأثير قوى جدا فى الشرق الأوسط، بما يزيد من نفوذ هذه المجموعة، مشيرا إلى توقعاته فى المستقبل بأن يبدأ التبادل التجارى بين الدول الأعضاء بعملاتهم المحلية، وبالتأكيد ستستفيد مصر من زيادة التبادل التجارى، وعملية تبادل الاستثمارات وفتح الأسواق.
كما يتوقع «العساف» أن «بريكس» ستسعى خلال الفترة المقبلة إلى تعزيز بنك التعاون وإصدار الصكوك بالعملات المحلية وعملية الإقراض والتبادل التجارى بالعملات المحلية، بينما ألقى الضوء على أهمية إدراكنا إلى صعوبة إزاحة الدولار كعملة أساسية فى العالم على المدى القصير أو المتوسط، موضحا أنه قد يحدث على المدى البعيد، وذلك بسبب قوة الدولار وقدرته على مواجهة الاختلالات التى تعرض لها الاقتصاد العالمى، كما أنه لا توجد حتى الآن عملة لها نفس المزايا.
وتابع فى تصريحاته لـ«اليوم السابع» أن «بريكس» منظمة تم إنشاؤها من حوالى 14 سنة، والهدف الأساسى منها مواجهة الدولار والخروج من الهيمنة الأمريكية اقتصاديا، ولكن عيب هذا التجمع أنه جمع بين دول متناقضة مثل الهند والصين، والتى بينها بعض المشاكل أو حتى اختلالات اقتصادية سواء من ناحية قوة العملة أو الديون أو الضرائب أو حتى التشريعات المالية والاستثمارية، ولكنها على الرغم من ذلك يُحسب لها أولًا أنها قررت أن تجتمع لتُكون هذه المنظمة، والأمر الثانى أنها أنشأت بنك التنمية والذى يُعد مُواجها للبنك الدولى من أجل الخروج من سيطرة الدولار وتحركات العملات.
وعن دعوة دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات، قال: «سيكون لانضمامهم أهمية كبيرة لهذه المنظمة من ناحية التوسع الجغرافى، خاصة أنها تتميز عن غيرها من التجمعات، فى أنها شبه مسيطرة على سوق الطاقة عالميا، حيث لديها أكبر الموارد من الغاز والنفط، كما أنها تسيطر على أهم المضائق العالمية فى الاقتصاد».