عادل السنهورى

"حياة كريمة" وقرار "المتحدة للخدمات الإعلامية".. والمسئولية الاجتماعية

الخميس، 03 أغسطس 2023 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بالتبرع بصافى عوائد مهرجان العلمين لصالح مبادرة "حياة كريمة" يستحق الإشادة والتقدير والتحية للقائمين على هذه الشركة الوطنية، التى حققت من وراء قراراها عدة أهداف.
 
الأول هو الإدراك الوطنى للشركة المتحدة بالتفاعل مع المبادرات والمشروعات القومية الكبرى، التى تستهدف تحسين معيشة ملايين المواطنين والارتقاء بمستواهم الاجتماعى والاقتصادى.
 
الهدف الثانى وهو التوجه نحو تنمية الموارد الذاتية والتفكير خارج الصندوق، واستغلال الإمكانات والمزايا السياحية الكبيرة التى تتمتع بها مصر وجذب ملايين السياح من الداخل والخارج، وتوفير موارد مالية لدعم المشروعات الكبرى فى الداخل مثل مشروع حياة كريمة، أضخم مشروع انسانى فى القرن الـ21 لتحسين معيشة ما يقرب من 60 مليون مواطن مصري، وبتكلفة تقترب من 800 مليار جنيه.
 
الهدف الثالث وهو الرد على أبواق الداخل والخارج التى تطلق سمومها ومحاولة بث نعرات التمييز الاجتماعى والتقسيم الطبقى بين المصريين، بتخصيص عائدات مهرجان العلميين فى دورته الأولى لصالح مبادرة "حياة كريمة"، وهو ما يؤكد أن إدارة تلك المهرجانات والمسئولين عن تنظيمها ليسوا بعيدين عن قضايا ومبادرات ومشروعات الوطن الكبرى وضرورة المساهمة فيها، وهى الرسالة والقيمة الجوهرية والحقيقية من وراء قرار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
 
الأهم فى رأيى هو أن قرار "المتحدة" أعاد النظر من جديد فى قضية ثقافة المسئولية الاجتماعية للشركات الخاصة والعامة سواء كانت وطنية أو أجنبية فى جانب المشاركة الفعالة فى خدمة قضايا المجتمع واحتياجات مواطنيه، ونشر مبادئ التضامن والتكافل الاجتماعى عبر آليات مؤسسية.
 
فالمسؤولية الاجتماعية تهدف وترمى إلى تحمّل الشركة لمسؤولياتها عن أعمالها، إضافة لتشجيع إحداث أثر إيجابى، من خلال نشاطاتها، فى البيئة والعملاء والموظفين والمجتمعات والمساهمة الاختيارية فى التنمية المجتمعية من خلال تنفيذ المشاريع والبرامج التنموية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها فى الدولة.
 
هناك دول عربية اتخذت قرارات لترسيخ مبدأ المسئولية الاجتماعية عبر تأسيس صندوق وطنى للمسئولية الاجتماعية يخصص لدعم المبادرات والمشروعات الاجتماعية والبيئية ويهدف الى دعم وتحفيز قطاع الأعمال للمشاركة الفاعلة فى ممارسات المسؤولية المجتمعية ذات تأثير إيجابى بما يتماشى مع أولويات وأهداف التنمية المستدامة على الجانب الاقتصادى والاجتماعى والبيئى.
 
هنا يبدو لى سؤال أو اقتراح إمكانية تأسيس صندوق للمسئولية الاجتماعية فى مصر يستهدف الارتقاء بالوعى المجتمعى بمفهوم المسؤولية المجتمعية وتفعيل الشراكات التنموية المستدامة مع القطاع العام والخاص وتفعيل أطر العمل للمسؤولية المجتمعية وتحفيز الشركات من خلال وضع سياسة عامة للامتيازات وتنظيم وتوجيه مساهمات الشركات نحو المشاريع التنموية المجتمعية.
 
برامج المسؤولية المجتمعية للشركات بتنوعها فى الدول التى نزعت إلى ذلك منذ سنوات بعيدة حققت التواصل، والتفاعل، والتماسك المجتمعى بين أفراد المجتمع ومؤسساته، مع تشجيع المؤسسات فى تحقيق التوازن بين الربح المادى وخدمة المجتمع وسلامة البيئة والتسويق الاجتماعى لمشاريع وبرامج المسؤولية المجتمعية التى توازن بين الخدمة المجتمعية والعمل المؤسسى.
 
الدول التى سبقت إلى تأسيس صناديق المسئولية الاجتماعية ألزمت الشركات بتحديد نسبة قليلة -لا تتجاوز 2.5% من صافى الأرباح السنوية- لصالح برامج المسئولية المجتمعية، فلنتصور لو تبرعت أو خصصت الشركات العاملة فى مصر نسبة ولو بسيطة من صافى أرباحها من أجل خدمة المجتمع مبادراته الإنسانية والاجتماعية.
 
أنا لا أقترح أفكارا لا شبيه لها ولكنها أفكار تم تطبيقها وتنفيذها فى دول كثيرة حول العالم وفى دول عربى خليجية أيضا تماشيا مع ما دعت إليه الأمم المتحدة التى تحتفل كل عام من يوم 25 سبتمبر باليوم العالمى للمسئولية الاجتماعية للمؤسسات. وفى مصر نحن فى حاجة بالفعل لتطبيق هذه الثقافة بصورة مؤسسية وبآليات واضحة وليس مجرد عملا تطوعيا.
 
فالمسؤولية الاجتماعية للشركات لم تعد مجرد مسؤولية أخلاقية لكنها أصبحت التزاما قانونيا يتوجب على الشركة الإيفاء به، بالإضافة إلى كونه التزام أخلاقى، بعد إطلاق (الميثاق العالمى للمسؤولية الاجتماعى للشركات) الذى شرعته الأمم المتحدة عام 2000 لتشجيع الحكومات على إضفاء البعد القانونى على المسؤولية الاجتماعية، مدفوعة بقضايا الفقر، وتحسين مستوى المعيشة، وخلق فرص جديدة للعمل، وهى من أهم الأسباب التى دعت الأمم المتحدة إلى الاهتمام ببرامج المسؤولية الاجتماعية للشركات.
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة