د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: صاحب قرار

الجمعة، 01 سبتمبر 2023 04:26 ص
د. داليا مجدى عبد الغني تكتب: صاحب قرار  د. داليا مجدى عبد الغني

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"ليس هناك مَنْ أكثر بُؤسًا من المرء الذي أصبح اللاقرار هو عادته الوحيدة".. هذه مقولة لـ"ويليام جيمس".
 
تخيلوا معي شخصًا أصبح فاقدًا للقدرة على اتخاذ أي قرار في حياته، فهو فقط يسمع، ويُفكر، ويحتار، ولكنه أضعف من أن يختار، فهو يُكرر ولكنه من المُستحيل أن يُقرر، يُتقن الاستماع ويعجز تمامًا عن الكلام، يُفكر ولا يُنفذ.
 
هل شخص بهذه المواصفات يستطيع أن يشعر بالسعادة؟ أعتقد هذا هو السؤال الذي يجب أن يقفز إلى العقل، أما السؤال الآخر الذي ربما يتساءله البعض فإجابته هي "نعم"، وهذا السؤال هو: "هل هناك شخص بهذه المواصفات؟".
 
نعم، يوجد أشخاص كثيرون بهذه السمات، أعجز من أن يتخذوا أي قرار في حياتهم، فهم فقط يُنفذون ما يتلقونه من تعليمات، ولا يُدركون قيمة أن يكون الإنسان صاحب قرار في حياته، ولديه القدرة على تحمل تبعاته، خاصة لو كان دارسًا إياه بدقة، ولديه أسباب وجيهة لاتخاذه، فهنا فقط يكون لهذا الإنسان قيمة حقيقية في الحياة.
 
فما معنى حياة الإنسان وهو اعتاد ألا يتخذ أي قرارات، ويظل حبيس خوفه من تحمل نتيجة قراراته، فهو يُؤثر السلامة، وينتظر دائمًا من الحياة أن تُقرر له، فهي الشماعة التي يُعلق عليها فشله وضعفه وعجزه.
 
فالواقع أثبت أن مَن يعجز عن اتخاذ القرار هو بلا هوية ذاتية، يعيش بالاسم فقط، فلا يُؤثر في أحد، ولا يتأثر بأحد، ولا يترك أي بصمة في أي مكان أو مع أي شخص، لأن صاحب القرار هو مَنْ لديه القدرة على إحداث التغيير، وهو مَنْ يستطيع أن يكون مثارًا جدل الآخرين، وهو مَنْ يعيش الحياة، ولا يسمح لها أن تعيشه وتُحوله إلى آلة تنفيذية لا صوت لها ولا صدى.
 
فإذا كنت ترغب أن تصبح إنسانًا له معنى، فكن صاحب قرار، ربما تُخطئ في قرار ما ذات مرة، وربما تُصيب مرات، ستُصدر قرارًا وتتحمل تبعاته، وستسحب قرارًا أثبت فشله، ولكنك في النهاية ستتعلم أن إتيانك للحياة لم يكن بقرار منك، ولكن استمرارك فيها لابد أن يكون بقرار منك.
 
فكن صاحب قرار، وإلا ستسقط في بئر بُؤس وفشل بلا قرار.
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة