تتمتع مصر بموقعٍ جغرافيٍ متميزٍ، لا يدور الحديث حوله؛ لكن يمكن الإشارة إلى أن حالة التوزان التي تختص بها الدولة دون غيرها تجعلها تسلك الطريق الصواب في علاقتها الرائدة مع الدول الغربية والأفريقية والعربية في شتى المجالات الاجتماعية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والصحية.
والعلاقات المصرية مع دول الجوار تقوم على التبادل والشراكة التي تحقق النهضة والاستدامة التنموية في المنطقة، كما تؤدي مصر دورًا مهمًا في حل المشكلات والنزاعات بين هذه الدول، كونها تؤمن بمُسلمة التعايش السلمي، وتتخذ من النزاهة والشفافية الأسلوب الأمثل في التعامل مع جميع الأطراف.
والمساعدات الإنسانية المصرية تتواصل مع الأشقاء ودول الجوار لتؤكد على روابط الأخوة وضرورة التضافر بين بني البشر في المحن والنوازل، كما تصل المساعدات لحد الإيواء للشعوب والجنسيات العربية وغير العربية حال النزوح إليها؛ فلم يسبق في تاريخها أن لفظت من قصد أراضيها المباركة.
وبرغم الأزمات والتحديات التي تمر بها مصر إلا أنها تلبي نداءات الإغاثة الصادرة من جميع دول العالم؛ حيث تبادر بتقديم صور المساعدات المتطلبة لنجدة الشعوب، وتشارك في صور الإعمار التي تُعيد البلاد المُصابة أو المنكوبة إلى حالة الاستقرار والتماسك التي تؤهل تلك البلاد نحو استكمال مسيرتها التنموية والخروج من عثرتها.
وتُسارع الدولة المصرية دون الانتظار لطلب المساعدة في تقديم ما يمكنها القيام بها بكافة مؤسساتها لنجدة الدول العربية حال وقوع مصاب بها؛ إذ يُعد هذا الأمر نابعًا من المروة التي يتشبع بها الشعب المصري وقيادته السياسية، والتاريخ والحاضر والمستقبل يؤكد هذا الأمر، ولا يستطيع كائنٌ من كان أن يغفل دور مصر في الخضم.
ومصرنا الحبيبة صمام الأمن والأمان وبوابته في المنطقة؛ إذ تمتلك المقومات التي تُساعدها في تحقيق هذا الأمر؛ فجيشها العظيم من أقوى جيوش العالم ومن ثم فتحالفاتها العسكرية قائمةٌ على قوتها للتصدي لأي عدوان ينال من المنطقة بأسرها، ويعزز ذلك أمران، أولهما عقيدة الجيش الراسخة في الدفاع عن الأوطان ومقدرات الشعوب، وثانيها الاستقرار الداخلي نتيجةً للترابط المجتمعي القائم على نسقه القيمي الذي يؤكد في النفوس ماهية الوطن والمواطنة.
لقد ضربت مصر القوية المثال الذي يحتذى به في محاربة التطرف والإرهاب على المستوى الفكري والمادي، واقتلعت جذوره سريعًا، وحاصرت منابعه وتمويلاته في الداخل والخارج، ومن ثم فقد عززت الدولة من أمنها القومي، واصطفت كافة أطياف المجتمع مع مؤسسات الدولة في هذا الأمر الذي يُعد قضية بقاءٍ ووجودٍ، ولم تبخل الدولة بخبراتها العميقة في تعضيد الدول العربية وغير العربية في مكافحة التهديدات الإرهابية التي نالت من أمنها واستقرارها.
وسعت الدولة المصرية وقيادتها السياسية الرشيدة إلى إحلال السلام وتحقيق الاستقرار في المنطقة عبر المسار الدبلوماسي الذي يقوم على أُسس الحوار ولغة التفاهم في حل المشكلات وتناول القضايا والأزمات مع الدول المختلفة، كما حرصت مصر على عقد شراكات إقليمية تُسهم في تناول النزاعات والخلافات السياسية بطرق سلمية ودبلوماسية ذات جدوى.
وعطاء الدولة المصرية ماضٍ نحو تحقيق أمن وأمان الدول؛ إذ تحاصر الهجرة غير الشرعية عبر تأمين حدودها المشتركة، ومن ثم تساعد في القضاء على الاتجار في البشر أو تهريبهم وتمنع تهريب المواد المخدرة التي تستهدف البلاد أو دول الجوار، ناهيك عن دورها الرائد في التعاون القضائي لدحر الجريمة المنظمة والقضاء على منابع الفساد وتحقيق العدالة المطلقة من خلال تمكين تطبيق القوانين.
إن ما ذكر ما هي إلا ومضات وإشارات يصعب أن تغطي عطاءات الدولة المصرية الفياضة والمستدامة؛ فبمنة من الله وإرادته الغالبة وبصدق نوايا القائمين على أمرها ستمضي بلادنا نحو النهضة والازدهار والرقي، حفظ ربي بلادنا وحمى المخلصين من أبنائها البررة وأدام عطاء قيادتنا السياسية الرشيدة.
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر