أكرم القصاص

فى العالم الافتراضى.. وصفات طبية واقتصادية افتراضية مفبركة!

الجمعة، 22 سبتمبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

«الفرجة».. ربما تكون هى أبرز ما يتيحه عالم مواقع ومنصات التواصل، حيث يبقى عدد الناشطني ممن ينشرون مواد جديدة، أقل ممن يتابعون هذا المولد الافتراضى، ويقعون ضحايا المعلومات المضروبة، والوصفات الخاطئة، وفى العالم الافتراضى «هناك الكثير من الكلام والقليل من المعرفة»، ولا قواعد حاكمة لهذا البث المستمر.

منذ تسعينيات القرن العشرين، رسم خبراء المستقبليات صورة للعالم، فى ظل عصر المعلومات، منها ما سجله آلفين توفلر، فى كتابه «تحول السلطة» حيث توقع أن يطيح عصر المعلومات بشكل السلطة التقليدى، لصالح سلطات افتراضية، والسلطة هنا ليست فى السياسة فقط، لكنها تمتد إلى عوالم أخرى، مثل سلطة الطب، أو ما يمكن أن تسمى سلطة الخبير فى شأنه.

ومن يتأمل مواقع التواصل، سوف يجد عشرات ومئات ممن يقدمون وصفات طبية، وينافسون زملاءهم ممن يستعرضون مهاراتهم فى فيديوهات الطبخ، أو وصفات التجميل وفرد الشعر، وكمال الأجسام وخفض الوزن وزيادته، وعلاج كل الأمراض المزمنة وغير المزمنة، بجانب أصحاب نصائح التنمية البشرية، على طريقة «كيف تحقق أحلامك.. أهم 20 نصيحة لمن يريد التفوق، تحقيق الذات وبناء المشروعات، مدربين للحياة، والنفس والرياضة والطعام والشراب».

وفى مجال الطب، من الصعب على الطبيب أن يتعامل مع الحالات بشكل جماعى، وكل حالة تختلف عن غيرها، لكن «أطباء العالم الافتراضى» واثقون من أنفسهم تماما، يخرج الواحد منهم ليتحدث بثقة، فى فيديوهات هدفها جذب مشاهدات وتحقيق أرباح، ولو كان هذا الشخص طبيبا أو صيدلانيا، بالطبع سيكون له عمل يدر عليه دخلا، لكن هؤلاء فى الواقع يحققون أرباحا من نسب المشاهدة، وبالتالى من الصعب أن يتم التحقق من مؤهلاتهم، وصلاحيتهم لتقديم نصائح أو علاج طبى، والمفارقة أن بعض الأطباء من محترفى الدعاية استخدموا عالم التواصل فى إنتاج وترويج فيديوهات ترويجية، ساهمت فى جذب مرضى اكتشف بعضهم أنهم تعرضوا لخداع الدعاية والتسويق، وأن هؤلاء الأطباء ينفقون على التسويق من خلال مواقع ومنصات وشركات متخصصة فى التسويق، نجحت فى تسويقهم، حتى لو لم يكونوا خبراء فى تخصصاتهم، ووصل الأمر إلى أن جراحا من محترفى عمليات التخسيس والنحت والنفج والشفط، ينشر فيديوهات لزبوناته «قبل وبعد»، فى مخالفة صريحة لقوانين الطب، وخصوصية المرضى، ومع هذا لم تتحرك أى جهة لمحاسبته، وهو ما شجع آخرين على سلك نفس الطريق، حتى لو كان مخالفا لأبسط قواعد الطب أو الإنسانية.

وهنا يختلط محترفو الطب، بمجهولين لا يمكن التحقق من مؤهلاتهم، يقدمون وصفات لعلاج كل الأمراض فى فيديوهات لا تتجاوز عدة ثوان، والخطورة أن هناك متابعين ينفذون نصائح ووصفات خبراء العالم الافتراضى، الذين يفتون فى الطب وغيرهم يفعل نفس الشىء فى الاقتصاد والسياسة والطبخ، وهدفهم الربح، وتحقيق مشاهدات، أو جمع «لايكات» وتسجيل فى مواقعهم، بعضهم يشتهر ويحقق أرباحا، فيشجع آخرين على سلك نفس الطريق، وهناك ضحايا لهذا النوع من التسويق الافتراضى، لا يمكنهم الاعتراض أو مقاضاة ومحاسبة من يضرهم، على أساس أن «القانون لا يحمى المغفلين والافتراضيين».

قبل سنوات أحال جهاز حماية المستهلك موقعا شهيرا فى التسويق الإلكترونى للنيابة، بتهمة الخداع، بعد أن روج لأدوية اتضح أنها غير فاعلة، وبعضها ضار بالصحة، بعد أن تقدم مواطنون ببلاغات أكدوا فيها أنهم اشتروا الوهم، ومع هذا فقد استمرت هذه المواقع والمنصات فى تسويق المفروشات، والحلل والطاسات، والكمبيوتر والكاميرات، وأدوية، باستخدام عمليات غسل مخ ممنهجة، وصلت إلى فبركة آراء جمهور مجهول، أو استطلاعات رأى وهمية.

الأزمة أن مواقع التواصل، تشجع مثل هذه الأنشطة، لأنها تجذب لها مشاهدات أكثر، ولو على حساب الزبائن الوهميين، الذين يقعون ضحايا خبراء الطب، والآراء السياسية والاقتصادية الوهمية.

p.8
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة