عصام محمد عبد القادر

التعليم الفني لبنة بناء الجمهورية الجديدة

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023 12:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تقوم فلسفة التعليم الفني على تنمية المهارات لدى الفرد من خلال اكسابه المعارف المرتبطة بها بصورة صحيحة في جانب أو أكثر من الجوانب الحرفية المهنية المطلوبة لدى سوق العمل، كي يتشكل وجدانه نحو مهنة أو حرفة بعينها بعد مروره بالخبرة المتعلمة؛ إذ يهتم هذا النمط من التعليم بوظيفية الخبرة في مجالاتها المختلفة؛ فيصبح الفرد قادرًا على الممارسة، وقد يصل إلى مستوى الابتكارية في أدائه.

وترتبط المهارات المهنية التي يكتسبها الفرد ارتباطًا وثيقًا بالمجال الصناعي أو الزراعي أو التجاري جراء التحاقه بالتعليم الفني؛ حيث يتم إعداده وفق متطلبات العمل بهذه المهن المتمثلة في العديد من التخصصات، والتي قد تشمل النجارة، أو الكهرباء، أو السباكة، أو النحت، أو التصوير، أو الزراعة، وغير ذلك من المهن، وهناك مجالات عامة يعتني بها التعليم الفني منها الرسم والموسيقى. ومواصلة الدراسة في هذا النمط من التعليم متاحة؛ حيث يمكن للفرد الالتحاق بالدراسات المتخصصة أو الكليات النوعية. سواءً ارتبطت بالفنون أو دراستها الأكاديمية المتخصصة.

ويُسهم التعليم الفني في تنمية المهارات الفردية لدى منتسبيه؛ إذ يهتم بالكشف عما لديهم من مواهب، ويركز من خلال استراتيجيات وطرائق تعليمية على تعظيم تلك المواهب؛ ليجد الفرد أن خبرته تتواكب مع متطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية، بما يدفعه لمزيد من التعلم والابتكار في مجال تخصصه، وهذا بالأحرى يتطلب تعزيزًا جماعيًا من قبل المعلم وإدارة المؤسسة التعليمية، وأيضًا تشجيعًا ودعمًا من قبل الأسرة.

ويوصف منتسبو التعليم الفني بالفئة المنتجة التي تستثمر الأفكار والمعلومات وتترجمها لعمل خلاق، ما يؤدي إلى إحداث مُناخ من التنافسية والريادة نحو استثمار المورد البشري بصورة وظيفية، وينعكس ذلك بقوة على سلوكيات الفرد المنتج؛ حيث يتحلى بالإيجابية، ويؤدي ما يُوكل إليه من مهام؛ ليصل لمستوى الإتقان في ممارساته، ومن ثم يتزايد لديه حُب العمل والرغبة في الوصول لمستوى الجودة وفق عطاء متواصل.

ويترتب على تنمية الخبرات المربية المهنية والفنية، تنمية الاقتصاد؛ إذ يستطيع الفرد أن ينخرط في سوق العمل أثناء دراسته أو عقب الانتهاء منها، ليلبي احتياجات ومتطلبات السوق المتغير، والتي تقوم على التجديد، وتشجع على الاستثمار لأصحاب رءوس الأموال على المستويين الداخلي والخارجي.

ويؤدي الاهتمام بالحرف المرتبطة بالمجال الثقافي والتراث إلى تنشيط السياحة بالبلاد؛ حيث تدخل تلك الفنون مجالات الإعمار والبناء؛ من خلال الرسم والنحت والتصميم، وبعض الحرف اليدوية، التي تجذب السياح من شتى أنحاء العالم؛ إذ تعبر مخرجات تلك الفنون على العمق الثقافي للبلاد وتضيف إلى تراثه المجيد، ومن ثم تعزز الهوية الثقافية لدى الفرد والمجتمع، وتصقل شخصيته.

وعبر الأنشطة التعليمية الجماعية بنمط التعليم الفني تنمو المهارات الاجتماعية؛ حيث تزداد المشاركة بين المتعلمين ويتبادلون الأفكار والرؤى ويتشاركون مسارات الابتكار ليصلوا إلى منتج يتسم بالجدة والأصالة، ما يؤدي إلى تعزيز العلاقات فيما بينهم وتعضيد روح المحبة والتسامح والاحترام بالقول والفعل، وعليه يتشكل المواطن الصالح المحب لوطنه ولأقرانه ولمجتمعه قاطبة.

وما يفرزه التعليم الفني من أفراد يمتلكون المهارة والخبرة في المجالات المهنية المختلفة، يحدث بالضرورة تغييرًا في الوعي تجاه هذا النمط من التعليم؛ حيث التأثير المباشر الذي يبهر كافة فئات المجتمع من خلال ما يقدمونه من خدمات ضرورية للمجتمع، ومن ثم يستطيع المتعلم المثقف الذي يمتلك الخبرة العملية أن يغير من اتجاهات المجتمع إزاء التعليم الفني والحاجة الماسة إليه، ومستقبله الباهر الذي ينتظر أصحاب الكفاءات من خريجيه.

إن ما يقام من مشروعات قومية على أرض المحروسة يتطلب أصحاب مهن ذوي كفاءة في مجالاتهم المختلفة؛ حيث يتوقف النجاح فيها على المهارات الفنية المتطورة التي تُساعد في تسريع المنتج وتحقق الغاية بصورة تتسم بالمعيارية، وتسعى للتطوير بشكل مستمر؛ ليتناسب هذا المنتج مع تطلعات العميل ورضاه.

ونستطيع القول بأن التعليم الفني ركن أصيل من مسارات التنمية المستدامة بمصر العزيزة؛ فمن خلاله تحدث التنمية الاقتصادية، والتوعية والمشاركة المجتمعية، والوعي الثقافي، والحرص على حماية البيئة وصيانتها، والاهتمام بالجودة من خلال الحرص على الوصول لمستوى الإتقان، ناهيك عن تحقيق الذات وترسيخ القيم المجتمعية النبيلة وتعزيز الهوية والمواطنة.

حفظ الله بلادنا وحقق أماني شعبها الكريم، ووفق قيادتنا السياسية لمزيد من النهضة والإعمار، ونحو مستقبل زاهر بمشيئة الرحمن.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة