أكرم القصاص

انتخابات رئاسية استكمال تجربة مصرية لإدارة التنوع

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات عن الجداول الزمنية للانتخابات الرئاسية المقبلة، تبدأ مصر مرحلة جديدة، مرحلة انتقالية إلى تأسيس خطوات أوسع، وتنوع أكثر، بعد نتائج أرساها الحوار الوطنى على مدى شهور، وأتاحت لفئات وتيارات متعددة فرصة لتقديم آراء ومقترحات تحولت إلى توصيات وتم تنفيذ بعضها بالفعل، بما يشير إلى جدية واضحة ورغبة فى أن يتم وضع أسسها، بناءً على تجربة سنوات سابقة، منحت الكثير من التيارات نضوجا.
 
مع إعلان مواقيت الانتخابات الرئاسية يتوقع وجود مرشحين متعددين من تيارات سياسية مختلفة، أو أفراد، خاصة مع وجود ضمانات أعلنتها الهيئة الوطنية للانتخابات، تتيح الفرصة للمنظمات المدنية والصحفية والإعلامية بالداخل والخارج متابعة الانتخابات بعد التسجيل فى موقع الهيئة، والحصول على التصاريح المتعلقة بذلك، كما هو متبع فى مثل هذه الفعاليات، وتكفل فرصا متساوية لجميع المرشحين لطرح برامجهم، مع الالتزام بقواعد تمويل الحملات وإدارتها. 
 
والواقع أن الانتخابات الرئاسية، قد تكون فرصة لاختبار ما تحقق خلال الحوار الوطنى، لكنها مقدمة لأكثر من انتخابات سوف تجرى بناءً على توصيات ونتائج الحوار الوطنى، أهمها الانتخابات المحلية، ثم مجلسى النواب والشيوخ. والانتخابات هنا وسيلة لاختيار ممثلين يمكنهم التعبير عن مصالح الأفراد والجماعات والفئات المختلفة، خاصة أن الحوار كشف عن وجود رغبة لدى قطاعات كثيرة للانخراط فى هذا الحوار كلٌ بطريقته، وحتى هؤلاء الذين أبدوا رفضهم أو تحفظهم، لم يتوقفوا عن طرح آرائهم فى القضايا المختلفة، فى السياسة والاقتصاد والقضايا الاجتماعية، وهى اقتراحات أو أفكار، بعضها صالح للمناقشة والتطبيق، وتم تضمينه فى توصيات اللجان، بما يعنى أن إمكانية إدارة التنوع واردة، ومهمة، تدعم وتقوى السياقات العامة وتبنى جسور الثقة.
 
ونؤكد دائما أنه من الطبيعى أن تكون خطوات التحرك للأمام بعد عشر سنوات وانتهاء الإرهاب، مختلفة، وتتجه أكثر لتوسيع المشاركة ومنح المواطنين الحق فى طرح آرائهم ومشاركتهم، وهو ما أتاحه الحوار الوطنى الذى عقد على مدى شهور، وهو الطريق الطبيعى لبناء تجربة سياسية ومجتمعية تفصيل، وليس الاعتماد على مقولات لم تختبر وتختلف كل تجربة حسب طبيعة كل مجتمع، والواقع أن تجربة 12 عاما من العمل والتفاعل يفترض أن تكون مفيدة، فى التفرقة بين الأقوال أو الشعارات، وبين بناء سياقات سياسية واجتماعية. 
 
والدعوة هنا للمجتمع الطبيعى، وليس لهؤلاء الذين يعزلون أنفسهم فى مقولات أو مواقف، فى العالم الافتراضى، الذى يمثل بالطبع مؤشرات لا يمكن أن تكون مقياسا للواقع. 
 
المهم أن يكون التيارات والخبراء قادرين على قراءة الملفات والتعامل مع الأرقام والقضايا الاقتصادية والاجتماعية، بناءً على دراسة، وليس فقط من خلال بوستات وتويتات، وإذا كان الحوار أتاح فرصة النقاش حول المستقبل وتوسيع المجال العام، فإن هذا يفتح آفاق التفاهم، ويرتب مسؤولية على أطراف الحوار، يدفعها للاستعداد بشكل يجعلها قادرة على الإقناع، وليس فقط طرح هذه القضايا، وأن يكون الحوار الوطنى بداية وليس نهاية، بعد أن كان دائما فرصة للجادين من كل الأطراف.
 
ونظن أن الانتخابات الرئاسية، مقدمة لمرحلة من التنوع، وتوسيع المجالات، والبناء على ما تحقق، والاستفادة من الأرضية التعددية التى أنتجها الحوار الوطنى، وتنوع الآراء، بشكل يجعل هناك أهمية للتعامل مع الانتخابات الرئاسية، باعتبارها نقلة جديدة فى توسيع المجال العام، وبناء تجربة تناسب مرحلة جديدة من العمل السياسى، تستوعب التحولات التى شهدها العالم على مدى العقود الأخيرة من ثورات التكنولوجيا والاتصال ومنصات التواصل الاجتماعى، التى غيرت من شكل السلطة وممارستها فى العالم كله، ويفترض أن تضع الأحزاب والتيارات المختلفة هذا كله فى الاعتبار، وتنتهز الفرصة للمشاركة فى بناء تجربة «تفصيل» وليس البقاء عند نماذج جاهزة، والاعتراف بأن كل دولة لها ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، وأن السياسة ضرورية، والتنوع مطلوب، والمجال العام يسمح بالمزيد من التفاعل وبناء الثقة، ومخاطبة جمهور حقيقى، وليس أشباحا افتراضية.
p.8






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة