يُشكل توافر مقومات الصحة فى صورتها البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية مكونات الصحة العامة التى تُعد من العوامل الرئيسة لإحداث النهضة والتقدم فى المجتمعات؛ نظرًا لأن الاهتمام والعناية بالموارد البشرية من الغايات الكبرى للتربية، ومن ثم فالفرد الذى يتمتع بصحة جيدة يتمكن من أداء ما يوكل إليه من مهام وأعمال، بل ويحقق النتائج التى تفوق التوقع منه.
وثمت ضرورة تجاه إكساب الفرد المفاهيم الصحية وما يرتبط بها من ممارسات تساعده فى أن يمتلك وعيًا صحيًا يُسهم فى تحسين الصحة العامة لديه، وتحضه على نشر الثقافة الصحية بين أفراد المجتمع؛ حيث يستشعر المسئولية على المستوى الفردى والجماعى، ويتطلع لحياة صحية أفضل مما هى عليه.
وامتلاك الوعى الصحى يعنى إدراك الفرد للسلوكيات والعادات الصحية السليمة، بما يمكنه من أن يحمى نفسه وغيره من الأمراض والمشكلات الصحية، ويحاول استغلال الخدمات الطبية المتوافرة بمحيط مجتمعه، ويسعى إلى أن يتعرف ويستوعب المعلومات المتعلقة بالقضايا الصحية الآنية؛ ليشارك بفعالية فى الحد من المخاطر والمشكلات الصحية التى قد تتمخض عنها، ويُحقق ذلك كلية التوازن الصحى الذى ينعكس أثره المباشر على صحة الفرد والمجتمع.
وهنا يتطلب أن يكتسب الفرد الوعى الصحى الوقائي؛ ليتمكن من خلال آليات بعينها من منع أو إيقاف أو الحد من أثر الأمراض حال انتشارها، ويسفر عن ذلك إلمام الفرد بالممارسة السليمة التى بواسطتها يتفادى الخطورة ويقى نفسه وغيره من الأذى أو الضرر الصحى المتوقع، ومن ثم تتحدد الوقاية فى مستويات ثلاثة تبدأ بالإجراء الذى يمنع حدوث المرض مثل أخذ التطعيم، ثم بالإجراء الذى يحد من المرض أو يحاصره حتى لا ينتشر مثل التدخل العلاجى، وتنتهى بالعناية التى تخفف معاناة المريض وتحد من تدهور حالته على المستوى البدنى والنفسي.
والمؤسسة التعليمية تُعد مركزًا للتجمع يتوجب من خلالها نشر الوعى الصحى الوقائي؛ لنضمن تعزيز السلوك الصحى الذى يحافظ على الفرد والجماعة، ونحد من مخاطر الأمراض المعدية وغير المعدية، ومن ثم نقلل من تفاقم انتشار الأوبئة، ونحمى أولادنا من خطر الحوادث والنوازل، ونعضد الخروج من فكرة العلاج إلى مفهوم الوقاية، ونرسم خريطة الغذاء الصحية التى تساعد فى بناء الجسم بشكل سليم وترفع من مناعته، ونهتم بالفحوصات الدورية التى تقدمها المؤسسة التعليمية تحت رعاية الدولة؛ بالإضافة إلى الحد من الشائعات عن طبيعية الأوبئة المستحدثة؛ ليتم التعامل معها بوعى وسلوك صحيحين.
وجهود الدولة واضحة فى تنمية الوعى الصحى لدى طلاب المدارس؛ حيث تحرص على تقديم وجبات غذائية توصف بالمتكاملة تلبى احتياجات الفرد، كما تراقب عن كثب الأحوال الصحية للطلاب بالمدارس وتقدم لهم الدعم الطبى اللازم، وتحرص على منع الأطعمة غير الصحية داخل المؤسسات التعليمية؛ نظرًا لخطورتها على الصحة العامة وتفشى الأمراض وفى مقدمتها ضعف المناعة.
وتحرص الدولة المصرية على التعاقد مع الشركات ذات الجودة والريادة فى مجال التغذية لتوفر من خلالها ما يلزم من غذاء وفق اشتراطات مسبقة؛ بالإضافة إلى تكليف وزارة الصحة لمتابعة الحالة الصحية بصفة مستمرة وتقديم ما يلزم من رعاية طبية على المستوى العاجل أو طويل المدى، ناهيك عن إيفاد متخصصين لتوعية المجتمع المدرسى حال انتشار الأوبئة المعدية بغرض تنمية الوعى وإجهاض الشائعات التى تستهدف بث الذعر وإضعاف المنتج التعليمى للمؤسسات التعليمية.
وتتوالى الجهود لتشمل توجيهات الدولة للقائمين على تطوير المناهج الدراسية نحو تضمين الخبرات التعليمية اللازمة لتنمية الوعى الصحى، وتصويب أنماط الفهم الخطأ نحو بعض العادات السلوكية السليمة وتعضيد الممارسات الصحية السليمة والتوقف عن ممارسة العادات الصحية غير السليمة، من خلال الأنشطة التعليمية المقصودة التى تتضمن مهامًا يقوم بها المتعلم فى صورة فردية أو جماعية.
وتُعد الأسرة النموذج الرئيس لتنمية الوعى الصحى السليم من خلال الممارسات والعادات اليومية فى المأكل والمشرب والنظافة الشخصية والعامة ومن ثم تكوين الاتصاف القيمى المرتبط بالعادات الصحية السليمة، ويبدو ذلك جليًا عبر تناول الأطعمة الصحية التى تجهز بالمنزل والخالية من المكونات أو المواد الضارة مثل مكسبات الطعم، وتوفير قدر ولو بسيط من الفواكه والخضروات، وتجنب قدر الإمكان الأطعمة الغنية بالزيوت والسكريات والدهون المشبعة.
وللمؤسسة التعليمية دور رائد فى تنمية الوعى الصحى لدى منتسبيها؛ حيث تهيئ البيئة الصحية التى تحقق الأهداف المنشودة منها، وتعقد الندوات وتعلق المنشورات والملصقات التى تؤكد على الممارسات الصحية السليمة وتحذر من بعض الأمراض التى تتأتى من الممارسات غير الصحية مثل خطر السمنة وأمراض القلب والسكرى والأمراض السرطانية وأمراض المناعة، مما يضعف التركيز ويزيد من مستويات الإرهاق ومن ثم يؤثر سلبًا على تحصيلهم الدراسى ومستويات التفكير لديهم.
وبالطبع تتكامل التغذية الصحية مع النشاط البدنى الذى ينبغى أن يحرص عليه الفرد، وتحثه المؤسسة التعليمية وتفرد له الوقت اللازم وتهيئ له المُناخ الداعم.
حفظ الله أولادنا وجعلهم زخرًا لبناء الوطن، ووفق قيادتنا السياسية لما فيه الخير والرشاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة