في الثامن من مارس عام 1969 قصفت المدفعية المصرية عددا من مواقع العدو على الضفة الشرقية من قناة السويس ضمن عمليات حرب الاستنزاف التي استمرت عملياتها على مدار عام ونصف سابقين، وكان الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري يتابع عن قرب تلك العمليات ونتائجها، ولذلك كان وجوده في الإسماعيلية في اليوم التالي لتفقد نتائج قصف اليوم السابق وتحديدا عند موقع نمرة 6، وهو الخبر الذي تسرب للعدو بوجود شخصية عسكرية مهمة في ذلك الموقع فبدأ القصف المعادي الذي على الرغم من قوته وكثافته فإن عبد المنعم رياض رفض ترك جنوده واتخذ لنفسه موقعا بينهم، فسقطت دانة وانفجرت بالقرب منه فكان استشهاده.
كان الخبر حزينا على المستوى الرسمي والشعبي واتخذت مصر منذ حينها من ذلك التاريخ يوما للشهيد، وطلب الرئيس جمال عبد الناصر من أبنائه أبطال الجيش المصري الرد على هذه الجريمة، فكان أن تم اختيار المجموعة 39 قتال بقيادة البطل إبراهيم الرفاعي ليكونوا أبطالا لهذا الرد، كما وقع الاختيار على يوم 19 أبريل ليكون هو احتفاء أبطالنا بذكرة الأربعين للشهيد عبد المنعم رياض.
أصر الرفاعي ورفاقه على أن يكون الرد في مكان الجريمة نفسها قصاصا من الموقع الذي قام بالقصف دون غيره، فقاموا من أعلى نقطة في مبنى الإرشاد بمراقبة الموقع لأكثر من أسبوع وأعد الخطة التي درب عليها رفاقه في صحراء دهشور حيث تم إنشاء موقع مشابه للموقع المرصود، كما تم التدريب على العبور في بحيرة قارون، ومن نمرة 6 نفسها قام أكثر من ستين عنصرا من الفرقة 39 قتال بالعبور في عدة قوارب زودياك إلى الضفة الشرقية يغطيهم قصف مدفعي لتأمين انتقالهم إلى الضفة الشرقية للبحيرة، وعقب نزولهم من القوارب توجهت القوة المصرية إلى موقع الدشمة الإسرائيلية الحصينة، حيث أباد أبطالها كل من فيها تقريبا باستخدام القنابل اليدوية، وقنابل الدخان لإجبارهم على الخروج، كما دمروا دبابتين وعربة مدرعة نصف جنزير كانت في الموقع، ورفعوا العلم المصري على الموقع، حيث ظل مرفوعا طيلة ثلاث أشهر، وقد بلغت خسائر الجانب العدو 44 قتيلاً، إضافة إلى المعدات، وبعض الأسلحة الخفيفة التي استولى عليها أفراد الصاعقة المصرية، ومنها رشاش العوزي الذي أهداه إبراهيم الرفاعي فيما بعد للرئيس السادات في زيارته للمجموعة، في حين أصيب فقط فردان من الجانب المصري.
في هذه الموقعة تجلت شجاعة الجندي المصري في مواجهة مباشرة تم استخدام الأسلحة البيضاء فيها وتصاعدت صرخات جنود العدو عبر أجهزة اللاسلكي رعبا من وحوش الصاعقة المصرية الذين استطاعوا في ذلك اليوم كسر أسطورة الجندي الإسرائيلي بصورة لا مجال لإنكارها غير أن العدو كعادته ينكر ويرفض ويحاول إثبات أن هذه الوقائع لم تحدث.
إنها واحدة من بطولات إبراهيم الرفاعي الذي يستحق منا الكثير لكي نستطيع إبراز ما قدمه لتراب هذا الوطن، ولتاريخه، هو البطل الذي لم يتوان يوما عن الإقدام في وجه كل المخاطر لكي يمحو كل حزن وألم عن وجه مصر، فكان في مقدمة الفدائيين على الدوام ملتمسا شهادة حصل عليها بعد أن قدم نموذجا للمصري الحقيقي الذي يجب أن يكون رمزا مثبتا في وعي أبنائنا.