عندما يقع الرجل فى الحب، فإن أول شىء يفكر فيه هو كيف يستطيع أن يجمع الشمل بينه وبين حبيبته، يبحث عن عش الزوجية ثم يتفق مع أهل العروس على أثاث المنزل والأجهزة الكهربائية والمفروشات، التى تفضل بعض الأسر تقسيمها بين العائلتين حسب العادات والتقاليد المتبعة، التى يعتمد الكثير منها على المغالاة فى الشراء للتفاخر بين الأهالى والجيران، وهو ما يتسبب أحيانا فى إنفاق العائلتين الكثير من النقود فى شراء أغراض ليسوا بحاجة إليها، حيث تتوارث العائلات عادات لم تعد تتناسب مع غلاء الأسعار والظروف الاجتماعية الحالية.
التفكير فى الإنفصال
ميك اب أرتيست ومولد كهربائى
قالت مريم محمد، فى العشرينيات من عمرها: إن هناك أغراضا تتسبب فى إنفاق الكثير من النقود ولا تستعمل بعد ذلك، منها النيش و100 ملاية سرير بجانب الفوط وأغراض أخرى ثانوية نشترى منها أعدادا كثيرة، وفى النهاية لا تستخدم.
وأشارت مريم محمد إلى أن جلسة تصوير العروسين والميك اب أرتيست يتكلفان الآلاف من الجنيهات، من أكثر البنود التى تهدر الأموال فى الزيجات. فيما قالت سميرة حسن، وهى شابة فى العشرينايت من عمرها: إن عريسها طلب منها أن تشترى له ضمن الأثاث جهاز لاب توب، ما جعلها فى مأزق من أمرها، خاصة أن والديها أنفقا أموالا طائلة فى تكاليف الزواج. وأشارت أيضا نادية على إلى أن عريسها طلب منها أن تشترى مولد كهربائى وجهاز تكييف ضمن جهازها، ووالداها تعجبا من طلبه هذا، ولكن اضطروا فى النهاية أن يشتروا له ما طلبه حتى يتمموا الزيجة.
فيما قالت ندى حسن، وهى شابة فى العشرينيات: إن زوجها اشترط عند الاتفاق مع أهلها أن تبنى فى منزلهما فرن بلدى، لأنه أعتاد على تناول الفطائر والخبز من الفرن.
التفكير فى الإنفصال
وقال حسين محمد: إن والدة زوجته اشترطت عليه أن يشترى لابنتها شبكة بقيمة 100 ألف جنيه ليثبت حبه وكرمه لها، ولكن ما استطاع أن يجمعه 60 ألف جنيه وبعد عدة جلسات اتفقت العائلتان على أن يشترى العريس بهذا المبلغ والباقى يكتب فى قائمة المنقولات.
وأشارت ليلى حسن، إحدى الفتيات، إلى أن العريس تقدم لخطبتها، وأثناء الاتفاق طلب منها أن تشترى موتوسيكل له، لأنه يعمل فى توصيل الطعام للمنازل، بداعى أن الحياة مشاركة بين الزوجين، الأمر الذى رفضه الأب. بدورها، أكدت سماح حسين، أن زوجها اشترط خلال تقسيم أغراض تجهيز المنزل بينهما، أن تشترى جهاز راوتر، لأهميته فى المنزل ورغم تعجبها من شرطه فإنها نفذت طلبه فى نهاية الأمر.
عالم أزهرى: المغالاة تخالف الشرع
قال الدكتور السيد سليمان، عالم من علماء الأزهر الشريف لـ «اليوم السابع »: «تجهيز بيت الزوجية والشبكة والمهر وجميع أمور الزواج تعود إلى كل حالة على حدة والظروف المادية للعروس والعريس، لكن سيدنا الرسول قال فى حديثه الشريف: «أقلهن مهرا، أكثرهن بركة»، وهذه إشارة إلى عدم المغالاة فى تكلفة الزواج، أما بالنسبة للأعراف والتقاليد، فالقاعدة المعروفة أن كل عرف يخالف الشرع فهو فاسد، فالشرع يقول إن السرف أو التبزير حرام ومنهى عنه، والإسلام يدعو للوسطية ولا يدعو للإفراط ولا التفريط، وتابع: «المهر يجوز ألا يكون مالا، كما أن المغالاة فى شراء الشبكة مخالف للشرع، وإن كان عرفا، فهو عرف فاسد لأنه خالف الشرع، والشبكة تشترى حسب مقدرة الزوج المادية، لكن لا يشترط عليه، حتى وإن اشترط عليه، فالقاعدة هنا أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا حدث اتفاق بين العائلتين على شبكة بمقدار معين وكذلك المنقولات، فإنه عليه أن يلتزم، لكن كقاعدة عامة كما ذكرت فإن الإفراط فى الاتفاق حرام، وليس من الشرع »، «أما فى حال إذا لم يكتب للمرأة صداق أو مهر، فهنا نرجع لمهر المثل أى أن تساوى المرأة بمهر مثلها من النساء فى العائلة، ولكن يقاس فى حدود الاعتدال وليس المغالاة».
زواج
وبالنسبة لقائمة المنقولات، قال: «أصبح المجتمع يعتبر قائمة المنقولات بمثابة مهر للزوجة، لأن أكثر الشباب لا يستطيعون دفع المهر، ويختار أن يؤسس منزله وكتابة ما اشتراه بقيمته ويعده مهرا للزوجة فى حالة الانفصال، وأنا أرى أن هذا الأمر لا بد أن يتغير، لأنه ظلم للزوجة لأنها عند الانفصال تحصل على منقولات بالية استعملت لمدة سنوات، فالمفروض أن يقدر للمرأة مهر تأخذه، ثم يقوم الزوج بتأسيس منزله بما يصلح للحياة، فى حدود طاقته، وأن أرادت المرأة أن تساعده فلا مانع، وإن لم تستطع فهو مسؤول بذلك».
الإنفصال
عشاء أم العريس وصباحية العروسة
توجد فى بعض القرى بالأرياف والصعيد عادة متعارف عليها، وهى عشاء أم العريس، فهى من العادات والتقاليد التى اعتاد عليها الأهالى هناك بجانب صباحية العروس وملء ثلاجتها، الأمر الذى يكلف العائلات الكثير من النقود والكثير من المشاكل أيضا.
قالت منى سعيد، وهى بالعشرينيات من عمرها: إن عائلتها أنفقت الكثير من المال على زواجها، لذلك اشتروا لوازم ثلاجة العروس وأرسلوا لها فى الصباحية خزينا كبيرا من الطعام، وفوجئت بأن حماتها أرسلت لها رسالة مفادها أنها غاضبة منها، لأن والدتها لم ترسل لها عشاء أم العريس، مثلما فرضت العادات والتقاليد بالبلد، ما تسبب فى مشاكل بينها وبين حماتها حتى أرسلت والدتها العشاء لحماتها.
الإنفصال
وأشارت سمر حسين إلى أنه يوجد عادة فى بلدتها الريفية بأن عائلة العروس عليها أن ترسل الكثير من الطعام لابنتهم وعشاء احماتها، وهذا ما فعلته عائلتها، حيث أرسلوا سيارة ربع نقل مليئة بالفطائر البلدى وبرطمانات العسل الأسود والأبيض والسمن والبيض والجبن، حتى لا ينتقدهم الأهالى.
فيما قالت شيماء نجيب، وهى شابة من المحلة: من العادات المنتشرة أن أهل العروس لا بد أن يحضروا فى الصباحية الكثير من الأطعمة، منها كعك وبسكويت وغريبة وبيتيفور مع لحوم الطيور ومخللات وأصناف مختلفة من المربى، وشيكولاتة وفول سودانى وكاجو ولب وبطاطس، وهو ما تسلمه أسرة العروس لوالدة العريس حتى توزعه على أقاربها وجيرانها.
وأضافت رانيا حسين: عائلتى أحضروا عشاء لوالدة زوجى، وكان عبارة عن طيور من حمام وديك رومى وبط، بالإضافة إلى وجبة العشاء الخاصة بى أنا وزوجى.
خبير علم اجتماع: الحل فى المبادرات الاجتماعية
قالت الدكتورة أسماء محمد نبيل إحسان، أستاذ مساعد علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس، لـ«اليوم السابع »: «يتصرف الأفراد بناء على معتقداتهم، ويتأثرون بمجموعة من المعايير التى تحيط بهم، ويجب أن تتضافر الجهود لفهم المواقف والأعراف التى تؤثر فى قرارات الأهل وسلوكياتهم وكيفية تغييره، كما أن ارتفاع تكاليف الزواج والمغالاة فى المهور يعد من المخاطر والدافع لعزوف الكثير من الشباب عن الزواج، وهذه المخاطر تهدد المجتمع وتؤدى إلى انهيار سلامة المنظومة الأخلاقية ».
تابعت: «أصبحت المبالغة فى تكاليف الزواج نوعا من الوجاهة الاجتماعية، فكلما كانت الأسر أكثر ثراء غالت وبذخت فى التكاليف، كما أصبحت قائمة المنقولات للتباهى والمقارنة وغيرها من سلوكيات اجتماعية خاطئة، فمن أهم العقبات التى تواجه المقبلين على الزواج، خاصة فى الريف، هى العادات والتقاليد البالية، كعادة الفرجة على الفرش فى البيت، والنظرة للزواج على أنه وسيلة للتفاخر والمباهاة، وارتفاع وزن القيم المادية وتراجع القيم الأخلاقية، وبروز الثقافة الاستهلاكية ».
وأضافت: «وقد نجحت الحداثة فى ربط السعادة بالاستهلاك المادى، فأصبحت كل زيادة فى الاستهلاك مؤشرا لتحقيق درجات أعلى من السعادة، فخلقت كائنات مستهلكة بامتياز ، فمن الضرورى تفعيل دور مختلف المؤسسات المعنية بالأسرة وقضاياها، لمواجهة ظاهرة الإنفاق الترفى على مراسم الزواج بتوعية أفراد المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة، وحثهم على الاقتصاد وتقليل النفقات لتسهيل عملية الزواج، والمبادرات المجتمعية التى تحث الأسر فى الريف والحضر على تخفيض المهور بالتراضى بين العائلات للتغلب على أزمة غلاء المهور ».
6 مقترحات شبابية لمواجهة ارتفاع تكليف الزواج
إلغاء النيش
تقترح ريهام حسين إلغاء النيش، لأنه من قطع الأثاث غير العملية، وفى نفس الوقت تكلف الكثير من النقود وتحمل بداخلها أوانى لا تستخدم وقد يكون مصيرها الكسر.
إلغاء حفل الزفاف
ترى منى وجدى أنه يمكن إلغاء حفل الزفاف، والاكتفاء بحفل بسيط يوم كتب الكتاب، وادخار الأموال التى كان من المقرر إنفاقها على الحفل فى شراء أشياء مهمة أو السفر للخارج.إلغاء غرفة الأطفال
يقترح أحمد إبراهيم إلغاء شراء غرفة نوم الأطفال، فى بداية الزواج، لأنها مكلفة ماديا وفى نفس الوقت لا داعى لها فى بداية الزواج.
شراء المستلزمات المهمة
تنصح مريم شحاتة بضرورة الاكتفاء بشراء المستلزمات المهمة، وتجنب الإفراط بغرض التفاخر، وإنفاق الكثير من النقود على شراء أغراض لا تستخدم بعد ذلك.
إلغاء الفوتوسيشن والتأثيرات بالقاعة
يفضل محمود الديب إلغاء جلسات التصوير، التى تسبق حفل الزفاف، وكذلك التأثيرات بقاعة الحفل من كشافات وغيرها والتى تكلف الكثير من النقود.
الاكتفاء بثلاجة العروس
اقترحت سارة حسين عدم اتباع التقاليد المرتبطة بالصباحية وعشاء أم العريس، والاكتفاء بملء ثلاجة العروس بالمشاركة بين العائلتين مع عدم التبذير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة