إيمان حكيم

كلب العمدة

الأربعاء، 10 يناير 2024 12:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

في سرادق العزاء يلتف أهالي القرية حول العُمدة لتغليف مشاعر الحزن الحار على رحيل الغالي، الذي لم يكن سوى "كلب العمدة"، رغم أنَّ الفاقد لا يُبالي بمنْ رحل؛ كونه يتسطيع جلب بدل الكلب عشرة، كما أنَّ المُتوفى لم يكن وفيًا لصاحبه، ذلك أن المُرَفَّهون يعضون اليد التي مُدّت إليهم، بخلاف كلب أحد أهالي القرية الذي يعطيه من الوفاء أطنانًا، فهو اختار أحد المواطنين بدون درجة عُمدة، فيتبادلان الوفاء محبة وإخلاصًا.

 

"كلب العمدة" عاش مُرفَّهًا، ومات غير مأسوف عليه، وخلال رحلة حياته لم يبادر إلى ذهنه أي درجة من درجات الوفاء؛ ذلك أنه بنى علاقته على المصلحة التي تربطه بصاحبه؛ العمدة الذي لم يذرف دمعة على رحيله، لأنه كان يعلم أن الوفاء بعيد عن تفكير صاحبه.

 

المُعزُّون يعتقدون أن كل الكلاب أوفاء، ويرسمون صورًا خيالية لعلاقة بُنيت على أسس غير سلمية، لكن ظاهر الأمور غير باطنها، والأصول لا تُشتري أو تباع، لكنها تبقى أحد المسلمات البديهيات التي يخلق الكائن الذي ينبض قلبه كل يوم بدقات تشير إلى أنَّ الحياة باقية لمن يحافظون عليها، لا من يركلونها في لحظات الترفه، ويبكون عليها في أوقات الزوال.

 

علاقاتنا الاجتماعية لم تعد ترقى لمستويات العلاقة بين بشر وكلب، نظرًا لغياب الشجاعة الأدبية، ما يؤهل أحد الطرفين ليتحلى ببعض صفات حيوان يحفظ الود ويراعي لحظات الألفة والعشرة، فصير في مراحل عديدة دون أوصاف البشر المفترض أن تقترب من درجات  الإنسانية أو الكلب الذي يملك في رصيد الصفة الأهم "الوفاء".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة