سادت فى الأونة الأخيرة، نغمة متصاعدة على مواقع السوشيال ميديا، وفى جلسات مرضى منخفضى منسوب الوعى، بأنه لم يعد هناك وجود لجماعة الإخوان، وأن معظمهم متهمون فى قضايا فى السجون، والبعض منهم هربوا خارج البلاد، وأن هذه النغمة إلا مصيدة كبرى، هدفها انصراف أعين المجتمع والدولة بعيدا عن محاولات عودة الجماعة من جديد، على الأرض، بعد سنوات من تهيئة الأجواء بالتشكيك والتسخيف، فى كل نجاح وإنجاز وقرار مهم للدولة المصرية، على مواقع السوشيال ميديا، مستغلة أوضاع وظروف سياسية عالمية، أثرت سلبا على كل دول العالم، ولا تحدث إلا كل قرن من الزمان وكل حدث منها يقع على حدة، وليست مجمعة مثلما حدث بدءا من عام 2020 بانتشار وباء كورونا.
ثم ما أعقبه من موجة تضخم، وما لبثت الدول أن تتعافى منه، حتى وقعت الحرب الروسية الأوكرانية، فى فبراير 2022 فوضعت العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة، وما كاد العالم يستفيق من تخفيف وطأة الحرب، وانصراف الداعمين الأوروبيين والأمريكان عنها، حتى اندلعت النيران على بوابة مصر الشرقية، عندما شنت إسرائيل حربا بربرية وحشية على غزة لتستمر حتى كتابة السطور، ويستعصى على كل عباقرة التحليل السياسى، والخبراء الاستراتيجيين، ومنجمى التنبوء بالمستقبل، معرفة ما ستؤول إليه هذه الحرب البشعة!
النغمة المتزايد ترديدها هذه الأيام، عن اختفاء الجماعة الإرهابية، ما هى إلا مصيدة كبرى، وتنويم مغناطيسى للمجتمع والدولة، بحيث تنصرف عنهم الأنظار، فتعيد نشاطها إلى ما قبل 2011، أى بعد عشر سنوات من الانتقال من فوق السطح بنوره، إلى الأنفاق تحت الأرض بظلامه، من خلال محاولات تجنيد وجوه جديدة، من صغار السن، وتغير الاستراتيجية وفق معطيات ومتغيرات المشهد العام برمته!
ومن المعلوم بالضرورة أن الجماعة بارعة فى العمل «تحت الأرض» وفى الانفاق، والعيش فيها بأريحية ومتعة، فى مرحلة يطلق عليها «الكمون» والتى تستمر على الأقل عقدا من الزمن، بعدها تبدأ فى إعادة نشاطها من جديد، مثل الخلايا السرطانية، سرعان ما تعود، مستغلة تكاسل، أو إهمال طبى وعدم اتخاذ تدابير الحماية والمتابعة الدورية المستمرة، استمرار مدة الحياة على الأرض.
وعلى الجميع، شعبا وحكومة، اليقظة المفرطة، ألا يقعوا فى فخ هذه النغمة النشاز بأن الجماعة انتهت، ولم يعد لها وجود، فهى جماعة شبيهة إلى حد التطابق مع الخلايا السرطانية، التى تعاود الانتشار بعد الاستئصال وبشراهة أكثر، فى حالة الإهمال، والزهو بأن الجسد استرد عافيته، ولا يحتاج لمتابعة دقيقة ومستمرة من الطبيب المعالج، وتعاطى العقاقير اللازمة للوقاية وكبح جماح العودة والانتشار.
فالجماعة، وقولا واحدا، تتبع لولاية الأمر التمويلى والسياسى «تتفرعن» على الوطن، بينما تُقبل الأيادى والأقدام لمن تأتمر بأمرهم، ولم تكن يوما نصيرة للوطن، ومدافعة عنه وعن مقدراته، بل هو فى دستورها مجرد «حفنة تراب عفن» ولم تكن يوما زاهدة فى مطامع دنيوية كالمال أو الحكم، وإنما دستورها الكذب والغش والخداع، والتجارة بالدين، فى أبشع صورها الاستغلالية والاحتكارية!
نعم، جماعة الإخوان تنشط فى الظلام، وتقتات على جثث الأبرياء، وتحقق مكاسب الشهرة، والمال، من فوق أنقاض الخراب والدمار، وفيضانات الدماء التى تسيل فى الشوارع، بينما الأمن والاستقرار والتنمية والبناء، أمور تزعجهم وتتقاطع وتتصادم مع مصالحهم، وأدبياتهم.
والمؤكد أن الأمتين العربية والإسلامية على كثرة ما خرج فيها من فرق وتيارات منحرفة، لم تعرف، جماعةً أضل من جماعة الإخوان الإرهابية، فالدين مطيتهم، والكذب وسيلتهم، والنفاق صناعتهم، والقتل هوايتهم، والإرهاب طريقتهم، والشباب ضحيتهم، وإبليس قدوتهم، وتمزيق الأوطان هدفهم، والسياسة غايتهم.
96 سنة، وخلايا الإخوان السرطانية، تنخر فى جسد الأمة الإسلامية بشكل عام، وأجساد المصريين، بشكل خاص، ومع كل عملية استئصال لهذه الخلايا، وبعد حالة من الكمون والخمول المتعمد، سرعان ما تعاود الانتشار بشراهة، وأعراضها الدائمة والثابتة، المسكنة والمتاجرة بآلام الناس!
جماعة الإخوان الإرهابية، تسكن جيناتهم الداخلية أمراض الخيانة، والكراهية، وروح الانتقام من الجميع، مواطنون عاديون، كانوا، أو الجالسون على مقاعد السلطة، لذلك لديهم استعداد للتعاون مع الشيطان فى سبيل ممارسة المكايدة السياسية، وأنهم فرسان الرهان لهذا الزمان، فيأمرون والجميع يلبى، ويخشاهم القوى قبل الضعيف!
لا نريد أن تتكرر انتكاسة كل عملية استئصال لهذه الأورام السرطانية، بالعودة بعد حقبة من الزمن، لتنتشر وتتوغل فى جسد الأمة، وتسبب له آلامً موجعة، وتطرحه على فراش المرض، ونظل فى هذه الدائرة الجهنمية، والمستمرة منذ 1928 أى ما يقرب من قرن من الزمان، دون استيعاب الدروس، والاستفاقة من التنويم المغناطيسى الذى تمارسه الجماعة للمجتمع والدولة، وتجيده باحترافية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة