معركة دبلوماسية شرسة خاضتها القاهرة، وما زالت، لتنصر فلسطين وتحاصر وحشية إسرائيل، وتفرض ثوابتها الدائمة تجاه قضية العرب الأولى، وقد نجحت فى إنفاذ المساعدات وأعادت «حل الدولتين» إلى الطاولة.
وطوال 100 يوم من الحرب، كثفت الدبلوماسية المصرية تحركاتها لوقف العدوان عبر سلسلة اتصالات لوزير الخارجية سامح شكرى، وجولات مكوكية أعادت بناء الموقف العربى إقليميا ودوليا، وروجت الرؤية المصرية الراسخة للحفاظ على الحقوق الفلسطينية.
ولعبت الدبلوماسية دورا محوريا فى التصدي للمخططات الإسرائيلية الهادفة للقضاء على القضية وتصفيتها، ومساعى تهجير الفلسطينيين من أرضهم وفرض واقع سياسى وعسكرى جديد بالأرض المحتلة. وشملت «قمة القاهرة للسلام» نقطة تحول تجاه العدوان، ومهدت لدخول المساعدات وبدء اتصالات قادت إلى الهُدنة الإنسانية لاحقا.
واحتضنت العاصمة الإدارية القمة فى أكتوبر الماضى، بمشاركة دولية واسعة بالتزامن مع فتح معبر رفح لشاحنات الإغاثة، وكانت بذلك أول تحرك دبلوماسى دولى رفيع المستوى عقب أحداث 7 أكتوبر وعدوان إسرائيل على غزة.
وإلى ذلك، تنوعت التحركات عبر مسارات دبلوماسية وسياسية لحشد المواقف الإقليمية والدولية الداعمة للرؤية المصرية، وتمثلت فى ضرورة تكثيف جهود الإغاثة، واستمرار التنسيق والتواصل مع الأطراف الفاعلة فى المشهد، سواء الأردن أو السلطة الفلسطينية، والتنسيق مع قادة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ودول الاتحاد الأوروبى وغيرها من الأطراف المتفاعلة مع تطورات الأوضاع فى الشرق الأوسط، بهدف الدفع لإقرار هدنة إنسانية وإدخال مزيد من المساعدات، فضلا عن التحرك لبحث سبل وآليات تحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار. وقادت مصر ممثلة فى قيادتها السياسية تحركا نشطا مع كل الأطراف بغرض الوصول إلى بيئة صالحة للتهدئة وخفض التصعيد، وركزت الدعوات المصرية على ضرورة خفض منسوب التوتر والدعوة لوقف إطلاق النار، وتأكيد الحقوق العادلة للفلسطينيين، ووأد مشروع التهجير الذى يروج له جيش الاحتلال فى إطار مخططه لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها تمهيدا لتصفيتها بشكل كامل.
وجاءت القمة العربية الإسلامية فى نوفمبر 2023 لتؤيد موقف مصر وجهودها السياسية والإنسانية، وتعزز مفهوم الوحدة العربية والإسلامية للوقوف فى وجه الاحتلال، وأكدت مصر رفضها التام للتهجير القسرى للفلسطينيين معتبرة إياها غير مقبولة ولا يمكن تبريرها بالدفاع عن النفس ولا بأية دعاوى أخرى، وخرجت توصيات القمة مطابقة للرؤية المصرية ومحتوى كلمة الرئيس السيسى أمامها.
وتبنت مصر ثوابت صارمة للقضية الفلسطينية، تتضمن حق الفلسطينيين المشروع فى إقامة دولة مستقلة، والعمل على إقرار تسوية عادلة للصراع من خلال مبدأ حل الدولتين، كما أعلنت مصر عن رؤيتها الهادفة للتوصل إلى حل شامل يضمن الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط، بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، ما أجهض المخططات الإسرائيلية وقاد لتعديل مواقف بعض الدول الغربية المنحازة للاحتلال.
ويعيش الفلسطينيون حالة من الإحباط التام نتيجة الحصار الإسرائيلى وعدم وجود أفق للحل السياسى، مع إمعان الحكومات الإسرائيلية المتطرفة فى التغول على الفلسطينيين والتنكيل بهم، ورفض الاعتراف بأى حقوق لهم أو القبول بتفعيل حل الدولتين، وفى المقابل تواصل مصر تحركاتها التى لم تتوقف يوما لحماية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، والدفاع عنها أمام مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
p
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة