المواجهة التى تجرى فى مجلس النواب حول السوق والأسعار والرقابة، مهمة لضبط العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، باعتبار المجلس ممثلا للشعب، وعليه أن يجبر الحكومة على تنفيذ إجراءات التعامل مع الأسواق بحسم، وتفعيل أدوات الرقابة.
ومع الاعتراف بأسباب الأزمة ينبغى أن تكون تعاملات الحكومة وأجهزة الدولة استثنائية، فى الأوقات الاستثنائية، والمعلومات أهم خطوة لمواجهة الشائعات، والرقابة وتطبيق القانون هما الجناح الثانى لمواجهة اختلالات الأسواق والتلاعب فى الأسعار.
وإذا كان ارتفاع الأسعار محليا وعالميا له أسبابه، لكنه يأخذ اتجاها آخر عندنا، من حيث زيادات غير منطقية فى أسعار بعض السلع الأساسية، وظهور محتكرين يلجأون إلى تخزين السلع ورفع أسعارها بشكل يتجاوز قواعد اقتصاد السوق، وتتحالف منصات الشائعات مع المحتكرين والمتلاعبين فى خلق حالة إرباك متعمد عن نقص سلع، أو إجراءات قادمة، بما يحدث تشابكا بين الأزمة ومحاولة استغلالها من قبل المحتكرين وتجار السوق السوداء، لتحقيق أرباح غير مشروعة.
من هنا تأتى أهمية جلسات البرلمان، لمناقشة الأمر برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، لمواجهة الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، بنحو 98 أداة رقابية تشمل 91 طلب إحاطة وأسئلة حول سبل رقابة الوزارة على الأسواق لمواجهة الاحتكار وارتفاع الأسعار ونقص بعض السلع.
النواب تساءلوا عن خطة وزارة التموين فى ضبط أسعار السلع الأساسية والرقابة على الأسواق، ومواجهة الغلاء، النواب اتهموا وزارة التموين بالسير عكس سياسات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يوجه الحكومة بالشفافية والعمل على توفير السلع بأسعار مناسبة، وأهمية مواجهة الأزمات المصطنعة، وطالب النواب بوضع حد لهذه الأزمة، وتفعيل آليات الرقابة لمواجهة ومحاسبة المحتكرين والمتلاعبين بحسم.
على مدى الشهور الماضية، وربما منذ نهاية عام 2022، وجه الرئيس الحكومة لعقد مؤتمرات للإجابة عن تساؤلات الشارع، والحرص على ضمان توفير السلع الأساسية، وتحركت الحكومة وعقد رئيس الوزراء مؤتمرا أجاب فيه عن تساؤلات الشارع، وقدم خططا للتعامل، لكن على مدى الشهور تواصلت الشائعات ومؤخرا بدا أن هناك انفلاتا فى السوق، وارتفاعات فى أسعار السكر والأرز والحبوب عموما، وبشكل جعل أسعارها متفاوتة ومختلفة بين محل وآخر، مع استمرار إطلاق شائعات عن إجراءات قادمة، يستغلها المحتكرون للتلاعب وتحقيق أرباح محرمة.
النواب انتقدوا انفلات السوق، وطالبوا بمضاعفة تفعيل آليات التعامل مع الأسواق، وتحديد السلع الاستراتيجية وفرض أسعار عادلة لها ومواجهة أى تلاعب أو احتكارات.
هناك سوابق لتعامل الحكومة، فى نهاية 2022 عقد رئيس الوزراء مؤتمرا بتوجيهات من الرئيس حاول فيه الإجابة عن أسئلة الاقتصاد والسوق والأسعار، ووعد بإجراءات للتعامل، وقبل أيام أصدر رئيس الوزراء قرارا باعتبار 7 سلع من المنتجات الاستراتيجية وهى: زيت الخليط، والفول، والأرز، واللبن، والسكر، والمكرونة، والجبن الأبيض، والتى يطبق عليها حكم المادة 8 من قانون حماية المستهلك رقم 181 لسنة 2018، التى تحظر حبس تلك السلع والمنتجات عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخرى، وذلك لمدة ستة أشهر تبدأ من 30 ديسمبر.
أمام مجلس النواب تحدث وزير التموين الدكتور على مصيلحى، عن عوامل وأسباب عالمية لارتفاع أسعار بعض السلع، مثل نقص المعروض ومضاعفة أسعار الشحن والتأمين، وارتفاع سعر الدولار وعدم استقراره أمام الجنيه، ورغم اعترافه بالأزمة فإنه قال إنها أسباب خارجة، لكن الوزير لم يجب عن أسباب وجود أكثر من سعر للسكر أو اختلاف الأسعار من مكان لآخر، ولم يتطرق إلى عمليات ضبط محتكرين ومتلاعبين وفاسدين.
المواجهة التى تتم للحكومة أمام مجلس النواب، مهمة وضرورية، والأهم هو التعامل من قبل الحكومة وأجهزة الرقابة بحسم، لضمان وجود أسعار عادلة.. الأجهزة الرقابية ممثلة فى وزارة التموين وجهاز حماية المستهلك بالتعاون مع الداخلية ووزارة التنمية المحلية والمحافظين، عليهم التحرك معا لإحكام الرقابة على الأسواق، وتطبيق قواعد إلزام التجار بكتابة الأسعار ومواجهة التلاعب والاحتكار.