يخطئ من يعتقد أن فكرة البرنامج النووي المصرى لتوليد الكهرباء وليدة السنوات القليلة الماضية، لأنها فى الحقيقة انطلقت منذ ما يقرب من 68 عاما، ولكنها توقفت عشرات المرات نتيجة عدة أسباب منها السياسية و الضغوط الخارجية وغيرها من الأسباب التى عرقلت تنفيذ الحلم النووى المصرى و تمكين مصر من الدخول لعصر الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وظل المشروع طوال هذه السنوات كل ما يحتاجه ليخرج للنور هو " قرار" بدء التنفيذ.
البرنامج النووي المصرى ظل حتى عام 2015 مجرد حلم يراه المصريون بعيدا، إلى أن اتخذت القيادة السياسية القرار، ووقع الاختيار على الشريك التاريخي لمصر لتنفيذ أول محطة نووية لتوليد الكهرباء بالضبعة و توقيع اتفاقية حكومية بين مصر و روسيا لبدء تنفيذ المشروع وفقا لأعلى معايير السلامة والأمان النووى، وهو ما يمثل قوة الإرادة السياسية فى الجمهورية الجديدة بالتزامن مع إطلاق فعاليات الصبة الخرسانية للمفاعل النووى الرابع و الاخير بالضبعة.
واشترطت مصر فى اتفاقها مع الجانب الروسى ممثلة فى شركة روساتوم الروسية المسئولة عن إنشاء المحطة النووية بالضبعة أن تكون هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء المصرية هى المالك والمشغل الرئيسي للمحطة، بل ومن بين الشروط أن ينقل الجانب الروسي خبراته فى هذا المجال للكوادر المصرية، ويتولى تدريبهم على إتقان هذه التكنولوجيا.
فى الجمهورية الجديدة توطين الصناعة أمر لا غنى عنه ، لذلك ينص الاتفاق المصري الروسي على تصل نسبة المكون المحلى بالمفاعل الثالث و الرابع بالضبعة إلى 35% و تتراوح بين 20 إلى 25% عند تشغيل المفاعل الأول فى 2028 و نفس النسبة بالمفاعل الثاني ، بالإضافة إلى عقد دورات تدريبية للعاملين بهيئة المحطات النووية المصرية بروسيا لتاهيلهم على العمل فى هذا المجال.
و لكى تتمكن الدولة المصرية من توطين الصناعة النووية ، أنشأت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء لجنة للمشاركة المحلية مع الجانب الروسي لتذليل العقبات أمام دخول المكون المصري وخصصت الهيئة موقع إلكتروني لتسجيل الشركات الوطنية التي ترغب في العمل بالمشروع حيث تقوم الشركة بتسجيل اسمها وتقديم معلومات عنها والمشروعات التي نفذتها من قبل.
ومن بين مهام اللجنة أيضا تصنيف الشركات المصرية المحتملة حسب احتياجات المشروع، وتنمية قدرات الشركات المصرية المحتملة لتلبية المتطلبات الفنية للمشروع ومساعدة الشركات المصرية المحتملة على فهم عملية تقديم العطاءات الخاصة بمشروع محطة الضبعة للطاقة النووية.
ومن إهداف اللجنة أن يقوم المقاول الروسي بالوفاء بالتزاماته بموجب اتفاقية EPC فيما يتعلق بتوطين التكنولوجيا وتحقيق معدل المشاركة المحلية ودعم عملية اختيار الشركات الوطنية المصرية والمقاولين الفرعيين المحليين بما يمكنهم من المشاركة في المشروع وفقًا لقواعد المناقصات المحددة من قبل المقاول الروسي والسعي لترتيب الاتصالات بما في ذلك زيارات المراجعة الفنية والاجتماعات مع الشركات المصرية والمقاولين الفرعيين المحليين لتقييم قدراتهم الفنية والمالية ومتابعة التوصيات الصادرة عن المقاول للشركات المصرية والمقاولين الفرعيين المحليين للدخول في مناقصات المشروع ذات الصلة.
وأخيرا فإن المشروعات القومية بالجمهورية الجديدة و على رأسها الحلم النووى لم يكن ليتحقق لولا وجود قيادة سياسية قادرة على اتخاذ القرارات فى ظروف استثنائية يمر بها العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة