عصام محمد عبد القادر

الأمن القومي المصري في بُعده العسكري

الجمعة، 26 يناير 2024 04:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تُشكل القوات المسلحة المصرية السيف والدرع للوطن، ومن ثم يقوم تطويرها على محاورٍ عديدةٍ، يأتي في مقدمتها التدريب والتعلم وفق أحدث الأساليب والخبرات؛ بالإضافة إلى المهارات النوعية القتالية التي تؤهل الفرد لأن يكون مقاتلًا قادرًا على تنفيذ ما يوكل إليه من مهامٍ في ميدان المعركة، وهناك ضرورةٌ لصقل الجانب الوجداني لدى المقاتل المصري؛ حيث إكسابه مجموعة القيم التي تتحلى بها المؤسسة العسكرية ويُقرها النسق القيمي للمجتمع المصري، ومنها الولاء والانتماء والتضحية وشرف نيل الشهادة وحماية مقدرات الوطن وطاعة القيادات، والأمانة والصدق والاعتزاز بالنفس وبالمؤسسة، والحفاظ على شرف العسكرية، وغيرها من القيم النبيلة، ثم يأتي مجال وساحة الابتكار في مجال التصنيع العسكري الذي يسمح للمقاتل بأن يطور سلاحه وآلياته بعد توفير ما يلزم من مقوماتٍ.
 
ويصعب أن يكتمل الأمن القومي في بُعده العسكري دونما تصنيعٍ عسكريٍ يحقق الاكتفاء الذاتي قدر المستطاع؛ لتستطيع المؤسسة أن تمارس مهامها الموكلة إليها دون ضغوطٍ خارجيةٍ من الدول المصدرة للسلاح؛ حيث تفرض هذه الدول اشتراطاتٍ مجحفةٍ على الدول المستوردة ومؤسساتها العسكرية تختص بالاستخدام والتطوير، ويصل الأمر لتحديد خصائصٍ ومميزاتٍ دون غيرها؛ بالإضافة إلى التحكم والاحتكار في قطع الغيار، أو الذخائر التي تتعلق بالآلات والأسلحة، وهذا في حد ذاته يشكل إحباطًا للمقاتل؛ إذ يجد أنه محاصرٌ ولا يمتلك حرية التصرف؛ فهو مكبل بآلية استخدامٍ أو توظيفٍ بعينها، بما يحد من قدراته ويضعف من عزيمته ومهاراته النوعية، وبالأحرى يعد ذلك تهديدًا للأمن القومي في بُعده العسكري.
 
ومصر من الدول التي عانت من الاحتكار العسكري في فتراتٍ منصرمةٍ؛ لكن الرئيس السيسي صاحب العقل المدبر والفكر الاستباقي أعطى إشارة البدء في تطوير هذه المؤسسة التي تحمل على عاتقها مهمة الحفاظ على الأمن القومي المصري؛ حيث تضمن ذلك دخول المؤسسة في مراحل التصنيع العسكري؛ لتتوافر الأسلحة والمعدات والذخائر ومتطلبات التسليح المصرية الصنع، ومن ثم تنتقل الدولة من مرحلة الاستيراد إلى مرحلة توطين الصناعات العسكرية، ومن مرحلة العوز الدائم لمرحلة الاكتفاء والتنويع وصولًا لمراحل الابتكار في مراحل التصنيع العسكري بخبراءٍ وأيدي المصريين المخلصين؛ لتستطيع المؤسسة العسكرية أن تجابه التغيرات وتواجه التحديات دون وجلٍ من أمر عدم وفرة متطلبات التسليح العسكري.
 
والأمن القومي المصري في بُعده العسكري يمتد إلى التنمية الاقتصادية المستقبلية للدولة في مجالات التصنيع العسكرية؛ فيصبح للمؤسسة العسكرية السبق في الاختراعات العسكرية، وتحدث التنمية الخبراتية لدى رجال القوات المسلحة؛ فتستثمر الطاقات وتستغل المواهب في هذا المجال الذي يحقق عوائد اقتصاديةٍ ضخمةٍ، كما أن الدولة لا تستنزف مواردها في عمليات الاستيراد للذخائر والأسلحة الباهظة التكاليف في عالم يموج بالحروب والنزاعات المسلحة في شتى بقاعه، ومن ثم يسهم ذلك قطعًا في تعزيز الدخل القومي للدولة المصرية.
 
ويرتبط الأمن القومي المصري في بُعده العسكري بمقدرة المؤسسة العسكرية على مواكبة كل جديدٍ وتطورٍ في ميدان القتال؛ فمن خلال الاهتمام بالتصنيع العسكري تطالع التطور التقني المتسارع في هذا المجال، ومن ثم تحرص على أن يتوافر لديها أفضل الأسلحة والآلات العسكرية، وأكثر أجهزة المراقبة العسكرية تطورًا، وقد رأينا من خلال معرض (إيديكس 2023) أن الدولة المصرية تمتلك من التقنيات والآليات والأجهزة العسكرية المتقدمة، بما يشعرنا بالفخر، ويفتح مسارات الأمل نحو نهضةٍ صناعيةٍ عسكريةٍ مكتملةٍ في وقتٍ ليس بالبعيد، حتى نصل لمستويات التصدير. 
 
ودون مواربةٍ نقول إن من يمتلك مؤسسةً عسكريةً لديها جاهزيةٌ قتاليةٌ وسلاحٌ متطورٌ مقرونٌ بتصنيعٍ محليٍ، تمتلك في المقابل قرارها السياسي في شتى ملفاتها الداخلية والخارجية على السواء، وتمتلك أيضًا المقدرة على المواجهة في الميدان، ولا تدع للتهديدات مجالًا لأمنها القومي؛ فتبادر دون ترددٍ بالدفاع عن مقدراتها وحدودها، وتزيل ما قد يشكل خطرًا أكيدًا أو محتملًا، ونثق بأن قواتنا المسلحة في ضوء ما وصلت إليه من مراحلٍ متقدمةٍ على كافة الأصعدة قادرةٌ بكل كفاءةٍ على توفير الأمن القومي لبلادنا الحبيبة تحت قيادة القائد الأعلى للقوات المسلحة المصرية. 
حفظ الله وطننا الغالي وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.
 
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة