"الأطفال يسألون الإمام".. كتاب لشيخ الأزهر يرد فيه على أسئلة النشء.. وجه لأبى كلمة لأنه يضربنى عندما أحصل على درجات قليلة.. هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟.. أعالج من السرطان:هل مرضى عقاب من الله على ذنب فعلته؟

السبت، 27 يناير 2024 06:30 م
"الأطفال يسألون الإمام".. كتاب لشيخ الأزهر يرد فيه على أسئلة النشء.. وجه لأبى كلمة لأنه يضربنى عندما أحصل على درجات قليلة.. هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟.. أعالج من السرطان:هل مرضى عقاب من الله على ذنب فعلته؟ الاطفال يسألون الإمام
كتب ــ لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدر حديثاً كتاب بعنوان "الأطفال يسألون الإمام" لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذى يتضمن أسئلة كثيرة تدور في ذهن الأطفال الصغار لا يستطيع الكبار الإجابة عنها أحيانًا، ظنًّا منهم أنَّ تلك الأسئلة مسيئة للعقيدة، ويطلبون منهم التوقف عن ذلك، جاءت فكرة هذا الكتاب الذي جمع فيه أسئلة الأطفال ليجيب عنها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه ليرشدهم، ويعلمهم صحيح دينهم، وتكون رسالة تربويَّة لأولياء الأمور توجههم إلى أهمية الانتباه إلى أسئلة أبنائهم الصغار، والإجابة عنها بعقل متفتح؛ بل وتشجيعهم على التفكير والتدبر في أمور العقيدة وغيرها من الأمور في الحياة، وفى هذا التقرير نرصد 10 أسئلة أجاب عنها فضيلة الإمام الأكبر وذلك على النحو الآتى:

أتعرض لمضايقة التلاميذ بالمدرسة لأن وجهي به آثار حروق وأشعر دائما أنني أريد أن أضربهم. فهل لو ضربتهم أكون مخطئة ويغضب الله مني؟

أنزل الله البلاء ليختبر به عباده، فمن صبر وشكر فله أجر عظيم، ومن سخط وتضجر بالبلاء فقد حرم ثوابه. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حساب) (۱۰ ) سورة الزمر) ، وليس الصبر على أذى الناس بأقل ثوابًا من الصبر على البلاء، والذي ينتظر الثواب من الله ينتظر نصرة الله له ممن آذوه وإن كان العفو أفضل، فعليك بضبط النفس، وعدم الانسياق خلف هؤلاء، ويكون رد فعلك تجاههم بقولك: سامحكم الله .

أما الذي يعير الناس ويتنمر عليهم فقد وقع في الإثم ومخالفة أمر الله تعالى. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (۱۱) [سورة الحجرات].

17
 

​في بلدي يقتل بعض الناس آخرين ويقولون: نجاهد من أجل الدولة الإسلامية . هل أمرنا الله بذلك فعلا؟

أحسن الله إليك يا ولدي على هذا السؤال، فهؤلاء فئة من المسلمين عصت الله، وضلت عن سبيله القويم تعصم به نفسك من شبههم وفتنهم.

فاستباحوا القتل والدماء بغير حق، فدعني أعلمك من دينك ما علمنا ديننا أن قتل النفس بغير حق معصية كبيرة وجرم عظيم يجب ألا يتورط فيه أحد قط، ومن يتورط فيه متعمدا توعده الله باللعن والعذاب ودخول النار. قال الله تعالى: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ( القتل يا بني جريمة عظيمة في كل الشرائع والأديان. قال الله تعالى: (مِنْ أَجل ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُون (۳۲) [سورة المائدة) .

أما هؤلاء المخربون فهم مأجورون، وصنيعة الأعداء وطننا الحبيب مصر وسائر بلاد المسلمين أعماهم الطمع وحب المال والجاه والسلطان فأشاعوا ذلك بين الناس بجهلهم وضلالهم.

إن ما تقوم به هذه الجماعات من قتل وسفك الماء ليس جهادًا في سبيل الله كما يقولون، ولكنه جهاد في سبيل الشيطان، والطمع، وشهوة السلطان، وخدمة أعداء الوطن؛ لأن الجهاد في سبيل الله إنما شرع لرد الظلم والدفاع عن النفس، وإقامة العدل وصيانة حدود بلاد الإسلام، ومثله حديثا ما قام به جيش مصر العظيم في حرب أكتوبر المجيدة، وما يقوم به من أعمال بطولية أخرى لحفظ البلاد.

الجهاد له ضوابط وأحكام لا بد من مراعاتها، ومن ضوابطه أن يكون مع الحاكم وبإذنه، وأن يكون بهدف مشروع، فالذي يرفع السلاح من نفسه، أو مع جماعة تدعي الانتساب للإسلام ويقومون بقتل الناس ويروعونهم بدعوى الجهاد فهذا خطأ بين وضلال مبين لم يأمر به الإسلام ولا يرضاه، ويجب التصدي لهؤلاء ودفع شرهم والتخلص منهم. قال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (۳۳) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٣٤) [سورة المائدة) .

يا بني، لم يأمر الله تعالى بهذا القتل الذي تمارسه هذه الجماعات، فالله لا يأمر إلا بالخير، قال تعالى: (قُلْ إنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (۲۸) قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ .. (۲۹) [سورة الأعراف) . فالآية الكريمة توضح أن الله تعالى أمر بالقسط، أي العدل وعدم الجور والظلم والتعدي، ومن العدل أن شرع الله تعالى للإنسان أن يدافع عن نفسه، وأن يحميها من المعتدين، وهذا ما سماه الإسلام بالجهاد، وهو قائم على الدفاع والحماية لا على الاعتداء على الآخرين بدون سبب كما تفعل تلك الجماعات.

فلنتعقل ونعرف حقيقة الأمور، وأن الإسلام بريء من أي عنف أو تخريب أو ترويع، ويكفي في ذلك قول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (۱۹۰) [سورة البقرة) . وهذا أمر للمسلمين بالدفاع عن أنفسهم ضد الذين يقاتلونهم، ثم يشترط عليهم ألا يعتدوا، فهذه هي تعاليم الإسلام السمحة.

19
 

يضربني أبي أحيانًا عندما أحصل على درجات ضعيفة في المدرسة رغم محاولتي دائما الاجتهاد في دراستي وهذا يحزنني جدا ويجعلني أغضب من والدي وبعد ذلك أشعر بالذنب لأنني أعرف أهمية بر الوالدين. فهل من الممكن أن توجه فضيلتك كلمة لأبي فأنا لا أحب أبدًا أن يضربني أحد؟

يا بني، والدك يحبك ويحرص على مصلحتك، وكل والد يحب أن يكون ابنه أفضل منه، وما حمله على عقابك إلا ظنه بتقصيرك، ورغبته في أن تكون مجتهدا ومتفوقا، فاجتهد يا بني في دروسك وتحصيلك حتى تنال المكافأة والمدح وتتجنب اللوم، وقبل كل ذلك ترضي الله، وتخدم دينك ووطنك.

ونصيحة إلى كل الآباء، عليكم بالرفق بالأطفال، والحكمة في تربيتهم، فهم هبة الله لنا، فكونوا رحماء بهم كما كان نبينا محمد رحيما بهم. فقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه : (ما رَأَيْتُ أَحَدًا أَرحَمَ بالعيال من رسول الله .

وما ضرب رسول الله ﷺ طفلا، والأولى أن نتقارب معهم، ونصاحبهم وتستمع إليهم، ونغرس فيهم معنى القدوة والمسؤولية، وندعو الله لهم دوما بالتوفيق والصلاح والهداية.

18
 

أخي ذهب للتجنيد.. هل يثاب على خدمة الوطن؟

الجيش والتجنيد مدرسة عملية لتربية الرجال وتقوية العزيمة وتحصيل أسباب القوة للدفاع عن الدين وعن الوطن والتجنيد هو نفسه الرباط في سبيل الله، والذي أمر الله سبحانه وتعالى به في قوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (۲۰۰) [سورة آل عمران) وهو من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى: فجاء في حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: (رباط يَوْمٍ فِي سَبِيلِ الله خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ) . وروى مسلم في صحيحه من حديث سلمان رضي الله عنه أن النبي قال : (رباط يوم خَيْرٌ مِنْ صِيَامٍ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأَجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَانَ) والميت يُختم له على عمله إلا المرابط في سبيل الله روى الترمذي في سنته من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي قال : (كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الْمُرَابِطَ، فَإِنَّهُ وَلَيْلَةٍ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيُؤْمَنُ مِنْ فَتَانِ الْقَبْرِ ) .

فالشاب الذي تم تكليفه واختياره لخدمة الوطن والدفاع عنه يقوم بمهمة عظيمة يؤجر ويثاب عليها.

21
 

قال زميل لي: إن تحية العلم خطأ وإنها كعبادة الأصنام.. كيف أرد عليه؟

ترديد مثل هذه العبارات ناشئ عن فهم غير صحيح، وهي عبارات يرددها أصحاب الأفكار المنحرفة والضالة، فالعلم ليس صنما أو وثنا يُعبد من دون الله؛ بل هو رمز للوطن الذي يعيش فيه الإنسان، وتحية العلم إنما هي نوع من الإجلال والتعظيم للوطن، وقد فطر الله الناس على حب أوطانهم.

تحية العلم في الدولة الحديثة هي نفسها فكرة (الراية) في التاريخ القديم، وقد كانت (الراية) محلا للاحترام والتقدير لكل أفراد الأمة، وكانت في عهد النبي ، وكانت رمزا معظما ، يدل على ذلك قول النبي الْأَعْطِينُ الرَّايَةَ لرجل يُحِبُّ الله ورسوله، ويُحِبُّه الله ورسوله، فإذا هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه)، وبهذا يتبين أن تحية العلم ليست عبادة له ؛ وإنما هي دلالة رمزية على احترام ومحبة الوطن وتوقيره.

20
 

هل نثاب عندما نساعد غير المسلم؟

العلاقة بين المسلم وغير المسلم ليس مبناها على الكراهية والعدوان، ولكن مبناها على المشاركة والتعاون وهما أساس المعاملة بين الإنسان والإنسان، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (۱۳)) [سورة الحجرات).

وقد جعل القرآن الكريم أساس العلاقة بين المسلم وغيره هي البر والقسط، لا القطيعة والهجر والعدوان. قال الله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (۸)) [سورة الممتحنة] .

هذا وقد وردت نصوص كثيرة تأمر المسلم بعمل الخير مطلقا لوجه الله، سواء كان ذلك الخير في حق المسلم أو غيره من ذلك قول الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (۸) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لوجه اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (۹)) [سورة الإنسان] .

وبهذا يتبين أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحثان المسلم على مساعدة غيره أيا كان دينه، وأنه سيؤجر على ذلك.

22
 

أعالج من السرطان وأتساءل دائما: هل مرضي عقاب من الله على ذنب فعلته ؟

أسأل الله لك الشفاء والصحة والعافية والسعادة اعلم أن الصحة والمرض، والغنى والفقر، والألم والسعادة كل ذلك سنن ربانية في الكون للاختبار والابتلاء. قال الله تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرْ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (٣٥) ﴾ [سورة الأنبياء) .

واعلم أن المرض والابتلاء ليسا دومًا عقوبة من الله للعبد على فعل المعاصي؛ بل قد يكون ابتلاء للإنسان التكفير سيئاته ورفع درجاته . قال : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضِ فَمَا سِوَاهُ إِلَّا حَطَّ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ،كَمَا تَحْظُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا ) . وقال : (مَا يَزَالُ البَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة ، وقال : (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُشَاكُ شَوْكَةً، فما فوقها إلا كُتِبَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةً، وَمُحِيَتْ عَنْهُ بها خطيئة. وفي الحديث : لا يُصِيبُ مُؤْمِنًا نَكْبَهُ مِنْ شَوْكَةٍ، فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ، إِلَّا حُجَّتْ بِهِ عَنْهُ خَطِيئَةً وَرُفِعَ بِهَا دَرَجَةً).

فالمرض نوع من الابتلاء، وقد ابتلى الله تعالى بعض الأنبياء به، وأنت تعلم أن الأنبياء معصومون ومرضهم لم يكن أبدا عقوبة من الله لهم ، فقد مرض سيدنا أيوب طويلا ودعا الله تعالى فقال: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (۸۳) [الأنبياء) .

فاصبر على الابتلاء، وارض بما قسمه الله لك بنفس راضية، وعليك بالتداوي بالحلال، فما جعل الله من داء إلا وجعل له دواء.

23
 

هل يسجل الملكان كل كلمة أقولها؟ وماذا لو لم أقل كلمة ولكن أظهر تعبيرا مسيئا لشخص ما بوجهي هل يستطيع أن يسجل ذلك أيضا؟ وهل سيسألني الله عن ذلك يوم القيامة؟

من كمال عدل الله سبحانه وتعالى، حتى لا يكون للناس على الله حجة، أن جعل على كل إنسان كتبة من الملائكة وشهودًا عليه من نفسه ومن غيره، فالأرض تشهد للإنسان أو عليه، قال الله تعالى : فإذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (۲) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (۳) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥) [سورة الزلزلة) .

وفي الحديث عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قرأ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)، فَقَالَ: (أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا ؟ قَالُوا : الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ : فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أن تشهد على كُلِّ عَبْدٍ أو أمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظهرها، أن تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا قَالَ : فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا ) .

والملائكة الكرام تشهد للإنسان بما له وما عليه. قال الله تعالى: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (۲۱) لَقَدْ كنت فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (۲۲) وَقَالَ قَرِينَهُ هَذَا مَا لَدَي عَتِيدٌ (۲۳)) [سورة ق] . قال الإمام ابن كثير : (أي مَلَكَ يَسُوقُهُ إِلَى الْمَحْشَرِ وَمَلَكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَعْمَالِهِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ).

وجوارح الإنسان تشهد له أو عليه. قال الله تعالى: ﴿يَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (۱۹) حَتَّى إِذَا مَا جاءوها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (۲۰) [سورة فصلت) . وقال الله تعالى: (الْيَوْمَ تخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)) [سورة يس) . فالشهود على الإنسان لا يحصون عليه أقوال لسانه؛ بل يحصون عليه كل أفعاله، وحركاته وسكناته، ومن ثم فإني أوصيك يا ولدي أن تستشعر مراقبة الله عليك، وتكثر من التوبة والاستغفار لله رب العالمين.


يضايقني بعض الشباب في شارعنا بكلماتهم ونظراتهم لي رغم أني محجبة. أتمنى أن يوجه الإمام الأكبر كلمة لكل شاب يفعل ذلك، كما أتمنى أن يفعل ذلك خطباء المساجد في خطبهم بتوجيه من فضيلتك.

إن المسلم الحق لا يؤذي غيره بفعل ولا بنظرة ولا يقول، وقد حذرنا النبي ﷺ من ذلك، فقال : (إياكم والجلوس بالطرقات قالوا : يا رسول الله، ما بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها، فقال رسول الله ﷺ : إن أبيتم فأعطوا الطريق حقه. قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)".

أيها الشباب ستقفون أمام الله، وستسألون عن كل صغيرة وكبيرة، وسيجازيكم الله عن أعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر. قال النبي ﷺ: (مَنْ ضَارُ أَضَرَ اللهُ بِهِ ، وَمَنْ شَاقَ شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ).

وروى عبدالله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : صَعِدَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ : (يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ)). وقال: (من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يُعلمهنَّ من يعمل بهن قال أبو هُرَيْرَة قُلْتُ أنا يا رسول الله فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي فعقد فيها خمسا وقال اتق المحارم تكن أعبد النَّاسِ وارْضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكُن مُؤْمِنًا وأحِبُّ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب).

يا أيها الآباء عليكم بتربية أبنائكم على الجادة والخلق الحميد وتحمل المسؤولية، وعاونوهم في تخطيط حياتهم ورسم مستقبلهم وتحديد أهدافهم حتى لا يضروا أنفسهم ويضروا المجتمع، وسيسألكم الله عن ذلك كما قال النبي الأكرم : كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) .

24
 

لماذا فرض الله الحجاب على الفتاة ولم يفرضه على الفتى؟

حجاب المرأة من الشرائع الدينية التعبدية التي جاء بها الإسلام، وأهم حكمة من أجلها فرضت الأعمال التعبدية في الدين هي تحقيق معنى الاختبار للإنسان بالانقياد والامتثال والخضوع لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وما ورد عنه سبحانه وتعالى، وما ورد عن أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من أوامر الفعل أو أوامر الترك امتثالا وانقيادا قائم على اليقين بالله والاستسلام لأمره حتى لو صاحب هذا الاستسلام جهل من الإنسان ببعض المقاصد والحكم، فهو يستسلم للأمر والنهي لمجرد فقط كونه أمرًا أو نهيا من الله عز وجل ويؤمن أن هذا الامتثال والاستسلام إنما هو موضع من مواضع اختبار الإنسان في هذه الحياة.

وليس للمرأة أن تعترض بقولها: لماذا فرض الله الحجاب على النساء ولم يفرضه على الرجال؟! لأن الرجل يمكن أن يقول: لماذا فرض الله الجهاد على الرجال ولم يفرضه على النساء؟! ولماذا فرض الله النفقة على الرجال ولم يفرض ذلك على النساء؟ وفتح هذا الباب يجعل الدين عبثا بين الناس، فكل إنسان يرى الدين من منظوره وبما يؤديه هواه.

وللحجاب حكم عديدة تعود على المرأة، فهو معين لها على العفة والحياء وحفظ النفس والدين.

25
 

 

 

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة