صدر حديثا عن دار ريشة للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان "فيلسوف الضحك والبكاء"، للكاتب والناقد الفني ماهر زهدى، والمقرر عرضه في معرض القاهرة الدولى للكتاب بدروته الـ 55، في مركز مصر للمعارض الدولية، بالتجمع الخامس.
غلاف الكتاب
ويقدم الكتاب رحلة في قصة حياة عملاق الكوميديا الراحل نجيب الريحاني ، منذ مولده وحتي رحيله، مستعرضا خلاله "السيرة الدرامية"، للريحاني، باعتباره فيلسوفا على المستويين، الإنساني والفني، مؤكد على أنه لا يمكن الحديث عنه باعتباره "كان" أو جزء من الماضي، لعدة أسباب ، علي رأسها – والكلام لزهدي – أن الريحاني لايزال علامة فارقة، والمحطة الأهم في تاريخ الكوميديا المصرية والعربية، بل ويعد حدا فاصلا لما كان قبله وما جاء بعده.
ويكشف الكاتب عبر سطور رحلته في حياته الريحاني أن الفنان الكبير الراحل دخل إلى عالم التمثيل من باب "التراجيديا"، وحاول واجتهد ليكون أحد فناني هذا الفن الأصيل، غير أن ما حدث هو أن الجماهير "رأت فيه نموذجا لكوميديان العصر"، ورضخ الريحاني لاختيار الجمهور، ليغير مساره، وليصبح ليس فقط كوميديان عصره، وإنما "كوميديان كل العصور التالية له"، مشيرا إلي أن الريحاني عمل على تطوير الكوميديا المصرية لأكثر من ثلاثين عاما، منذ أن بدأ عمله الاحترافي في الفن في العام 1908.
كما يرصد الكتاب أن "الريحاني بدأ رحلته مع الكوميديا قريبا من الكوميديا المرتجلة، ثم الاستعراض والأوبريت، مرورا بالكوميديا الهزلية التي خصها بمغزى أخلاقي واجتماعي جاد، حتى وصل بها إلى الشكل الأكثر نضجا من خلال "كوميديا الموقف" التي لا تزل معتمدة إلى يومنا هذا ".
ويؤكد "زهدي" في كتابه أن الريحاني وضع علي مدار ثلاثين عاما صيغة مصرية خالصة للكوميديا، تعبر بصدق عن المجتمع، ساعده في ذلك عدة عوامل رئيسية مهمة، ربما أهما وجود تربة خصبة من بيئة مصرية تتعاطى النكتة بسخرية لاذعة، وتتعامل مع الكوميديا باعتبارها جزء أصيل من قوت يومها، إضافة إلى ذلك عاملين آخرين لا يقلان عن ذلك في أهميتهما، هما موهبته الفطرية كفنان له حضور أو ما يطلق عليه "كاريزما" خاصة، إضافة إلى حظ وافر من الثقافة والاطلاع لم ينقطع عنه حتى رحيله، وهو مالم يتوافر لكثيرين من جيله، وللأغلبية من الأجيال التالية له. لم يركز الكتاب على الجوانب الفنية في حياة الريحاني، وفي الجانب الإنساني، مشيرا إلي أن الريحاني خاض رحلة من الكفاح، واضطر للعمل في مجالات عدة من أجل الوصول إلى هدفه، وصنع نفسه بنفسه، وعمل على اتقان عدد من اللغات من بينها الإنجليزية والفرنسية إلى جانب إتقانه العربية، لدرجة أنه أصبح ملما إلماما رائعا بالأدب المسرحي الفرنسي في لغته الأصلية، حتى أصبح هذا الأدب له بمثابة "كنز علي بابا" الذي راح يغترف وينهل منه، ويقوم بهضمه ثم يعيد إنتاجه في ثوبه المصري الخالص، حتى أصبح الريحاني نفسه يشكل المصدر الرئيسي للأعمال الكوميدية المصرية في المسرح والسينما، بعد أن صار تراثه الفني جزء أصيل في نسيج الذوق العام في مصر، لأنه أستمد عبقريته في الأداء من إنسانيته كجزء من النسيج المصري، فاكتشفته الكوميديا المصرية ونصبت منه عميدا له".
ويشدد الكتاب علي مصرية نجيب الريحاني ، كما يتناول علاقته بالراقصة بديعة مصابني ورحلة زواجهما وانفصالهما، ويتناول كذلك زواجه من الفرنسية لوسي دي فرناي، وإنجاب ابنته "جينا"، كما يتناول الكتاب رحلات الريحاني الخارجية، سواء إلى الشام أو أمريكا اللاتينية، ويرصد علاقة الريحاني بالسينما ، التي قدم لها أعملا لا تزال علامة في تاريخ السينما المصرية ، وآخرها فيلمه "غزل البنات" .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة