أربعةُ تعادُلاتٍ بائسة، ثمّ خروجٌ أشدّ بُؤسًا بركلات الترجيح فى مُباراةٍ سهلة. ودَّع الفراعنةُ أُممَ أفريقيا التى أسَّسوها وحملوا لقبَها سبعَ مرَّات، وداعًا مُبكّرًا بطريقةٍ مُهينة؛ لا لشىءٍ إلَّا أنَّ خيال الذين يُديرون كُرةَ القدم فى مصر أضيقُ من حُدود الملعب، وأقصرُ من مشاوير البطولات، ولا يخلو من رُعونةٍ وشُبهات، أدناها الخفَّة وسوءُ الإدارة، وأعلاها قد يرقى للفساد والمُجاملة وصفقاتِ الغُرَف المُغلقة. ظاهرُ المشكلة فى فيتوريا، المدير الفنى الضئيل فى تاريخه ورُؤاه وطريقة لعبه، وجوهرها إفلاتُ الجبلاية من المُحاسبة الواجبة عند كلِّ إخفاقٍ؛ ما شجَّع المُتتابعين على مقاعدها أن يُكرِّروا الأخطاءَ نفسَها بأحطِّ الطُّرق المُمكنة، وأن يتبجَّحوا فى التهرُّب من المسؤولية، واستمراء تقزيم الرياضة المصرية لتُناسِبَ قاماتهم القِزمة، وبينما يُهانُ التاريخُ ويَغتاظُ الجمهور واللاعبون، وتُهدَر المواردُ والآمال فى صفقاتٍ مشبوهة، يُحافظ الصغارُ على ابتساماتهم الصفراء دائمًا، ويُفتِّشون عن حيلةٍ جديدة للبقاء على مسرح الخداع.
أوَّل ما فعله اتحادُ الكرة بعد ليلةٍ حزينة أمام الكونغو، أنه سرَّب لبعض الصحفيِّين القريبين منه ما قال إنه «اجتماع عاجل لبحث مصير فيتوريا»، مُرفَقًا بتلميحٍ عن غضب بعض أعضائه ورفضهم لاستمراره. ما كلَّف أحدُهم نفسَه بالاعتذار الواضح الصريح، ولا بتحمُّل المسؤولية على طريقة الرجال؛ بقدر ما انشغلوا بحصر الأزمة فى شخص المُدير الفنِّى، والتمهيد للحلِّ الذى صار فجًّا ومُشينًا من كثرة التكرار. يُزَاح وجهٌ ليحلّ آخر؛ ولا نعرفُ على أىِّ معيارٍ جاء الأوَّل، ولا بأيّة فلسفةٍ سيكون البديل. والأصلُ أن الإدارة الفنية فرعٌ على الرؤية والمشروع، وترجمةٌ لها، وإن كانت العثرةُ العابرة أمرًا واردًا؛ فإنَّ الفشل المُتكرّر دليلٌ صارخ على انعدام الفكر، وفَقر الطموح، وغَيبة البرنامج الجاد. وهنا يصيرُ الحساب واجبًا للمنظومة بكاملها، لا لمن كان ينوب عنها فى تسيير أمور الفريق الأوَّل، بينما الوجيعةُ مُتطابقةٌ فى بقيّة المُنتخبات، والتعثُّر بات مُفردةً دائمةً فى قاموس الكُرة المصرية. كأنّنا إزاء قطيعٍ من الضباع يعجز عن حماية الحاضر، ويستنزف ما أنجزه الآباء فى الماضى، ثمّ يستأسدُ مع كلٍّ خطيئةٍ؛ ليدَّعى الجسارةَ على أطلال العجز الفاضح، وليخرُج سالمًا من جريمة التقصير والاستنفاع والتواطؤ، ومن حقيقة أنه لا يليقُ بما أُوكِلَ إليه ولا يعرفُ قيمةَ الكيانِ الذى يقوم على شؤونه.
وضعتنا القُرعةُ فى مجموعةٍ سهلة، وكان الطبيعىُّ أن نصعدَ بالعلامة الكاملة. ما حدثَ أننا لم نُحقِّق فوزًا واحدًا، وبقينا فى حسابات الاحتمال والخطر حتى اللحظة الأخيرة، عندما أهدتنا موزمبيق بطاقةَ التأهُّل ثانيًا بثلاثِ نِقاطٍ مُزرية. وفى الأدوار الإقصائية لا وسائلَ مُساعَدة، ولا غيومَ رماديّة تسترُ العوار وتكسرُ مرارةَ الضعف فى الأفواه؛ لذا انكشف ما كان واضحًا أصلاً أمام الكونغو، وعجزنا عن الحَسم طوال 120 دقيقة ثمّ قطعنا تذكرةَ الرجوع الفاضح على أرخص درجات الإقصاء. والحقّ أن اختزال الأمر فى فيتوريا قد يكون من قَبيل التدليس؛ فالرجلُ بصرف النظر عن وضاعة قدراته وسوء إدارته ونتائجه، لم يفرض نفسَه على المنظومة، ولم يأت فى مُناقصةٍ بالمظاريف المُغلقة، بل طار إليه أعضاء من الاتحاد فى بيئته، وتفاوضوا معه، وأزاحوا بدائلَ عديدةً لصالحه، ثمّ استقدموه براتبٍ قياسىٍّ وشروطٍ باهتة، وحينما نصطدمُ بجدارٍ كالذى أربكنا فى ملاعب كوت ديفوار، فإنَّ أقلَّ العبء على قائد القطار، وأكثرَه على من وَضعوا جدول التشغيل، واختاروه للقيادة، وحشدوا الركّاب فى رحلةٍ محفوفة بالعشوائية والاستسهال وسمسرة الشعارات والأحلام.
فى النُّسخة الأُمميّة 2019 كانت البطولةُ على أرضنا، وبعض رموز الجبلاية الحاليين كانوا فى المجلس وقتَها، وقدَّمنا أداءً لا يقلُّ سوءًا عمَّا قدَّمناه مُؤخّرًا، وغادرنا المُنافسةَ من ثُمن النهائى أيضًا. بل الأفدح أن منتخب الشباب، الذى مُنِحَ هديّةً لوالد أحد اللاعبين، دون أيَّة خبرةٍ أو كفاءة، خاض التجربةَ على ملاعبه، وخرج بثلاثة هزائم دون أن يُحرِز هدفًا واحدًا. والسادةُ الذين يغتصبون إدارةَ المنظومة يرتاحون إلى أن الجمهور يُصوِّب سهامَه نحو الأهداف الظاهرة، وسيكتفى بصَبِّ اللعنات على الجهاز الفنى، ويكفيه أن يخرجَ أشاوسُ الاتحاد ليُعلنوا إنهاءَ التعاقُد؛ فيشعر المُشجِّعون المأزومون بالنصر، ويُفلِت صُنَّاع الأزمة من الحساب.. وما انطلى علينا فى مراحلَ سابقةٍ، يتعيَّن ألَّا نقبلَه فى مُقايضةٍ مُنحرفةٍ يُريدها الفشلةُ وذوو المصالح؛ إذ الواجب أن تكون الصفعةُ القاسية نقطةً فى آخر سطر التساهل والغفران الرخيص، وأن تُوضَع المشكلةُ فى سياقها الأصيل؛ لناحية أنها سقطةٌ تخصُّ رؤوس الإدارة، ينوبُ عنهم فيتوريا فى بعض تفاصيلها؛ إلَّا أنهم الأبُ الشرعى لها، والهدفُ الذى يجب أن تتقصَّده سِهامُ النقد والنقض والإدانة المُشدَّدة.
استقدموا رجلاً لا تاريخ له مع المنتخبات، ولا يعرف شيئًا عن الكُرة الأفريقية. نحو تسعة عشر شهرًا منحوه فيها قرابة 4 ملايين يورو، وربما يذبحونه الآن لإنقاذ رقابهم بـ600 ألف يورو، قيمة الشرط الجزائى. لن أُثير تساؤلاتٍ واردةً ومشروعةً عمَّن أبرم الصفقةَ، وهل استفاد منها بعُمولةٍ أو جاملَ فيها صديقًا أو وكيلاً؛ لكنَّ أضعفَ الإيمان أن يتحلَّى المسؤول عنها بشجاعة الرجال؛ ليخرج مُعترفًا ومُعتذرًا، وليشرح على أىِّ أساسٍ اختار مديرًا فنيًّا بسيرةٍ فقيرة، والتفاصيل الإضافية المُكمِّلة للاختيار؛ لا سيما أن المرحلة لم تشهد طفرةً فى الأداء والإدارة الفنيّة للاتحاد، ولا تشبيك المُنتخبات ببعضها، ولا فرز وتصعيد طبقة جديدة مُؤهَّلة من اللاعبين. أمَّا كَنسُ التراب تحت السجِّادة كما جرت العادة، والاكتفاء بإراقة دم فيتوريا وحماية الذين ورَّطونا فيه؛ فإنها البدايةُ لتكرار الحلقة الجهنميّة مع الفشل، ومن علامات الفساد الظاهرة والخفيَّة، وبعض الفساد فى قِلَّة الكفاءة وعدم الاستحقاق، وذلك أخطرُ ما ينسجُ سِتارًا من خيوط العنكبوت على «حكمدارية الكُرة» فى مُلتقاها الباهت بالجزيرة.
قبل ستِّ سنواتٍ عشنا حالةً شبيهة. أُثِيرَت مُشاحناتٌ فى أروقة الاتحاد، وتصارع الأعضاءُ على السفر والبدلات، واتَّهموا بعضَهم بسَرقة الملابس والأحذية من المخازن؛ ثمّ ذهبنا إلى روسيا وعُدنا بفضيحةٍ من كأس العالم، وأُطِيحَ الفاشلون وحلَّ بديلٌ أكثر فشلاً. وأصلُ المِحنة أننا فى سياقٍ تُهيمن عليه الشخصنة، ويحتمى الفاعلون فيه بوضعيّةٍ تغلّ يدَ الدولة عن الرقابة والمُساءلة، بينما لا يشغَل «فيفا» إلَّا دوران عجلة الصناعة ولو بتُروسٍ معطوبة. تنقُصنا حوكمةُ القطاع ومأسستُه، وأن تُعزَل الروافعُ الفنية للمشروع عن هيمنة التُجَّار المُتعطِّلين واللاعبين المُتقاعدين. وربما يكون الاضطرارُ للحديث عن مشروعٍ ممَّا يُوجِب الأسى أصلاً؛ إذ إنَّ للمصريين تجربةً تتجاوزُ القرنَ مع الكُرة، ولديهم أكبر أندية القارة وأنجحها، ولا يعدَمون المواهبَ فى كلِّ ساحةٍ وزُقاقٍ ومركز شباب، كما أنَّ اقتصاديات اللعبة لديهم تتجاوز كلَّ المُنافسين فى القارة. والمطلوب إدارةٌ رشيدة، وسُموٌّ على المصالح والحسابات الشخصية، وضَبطٌ فى الانتقاء والتعاقدات على أُسسٍ فنيّة وإحصائية دقيقة، ويبدو أنَّ كُلّ ما يُصلح حالَ القطاع؛ يُهدِّد أحوالَ المُتربِّحين على حسابه، فتتبدَّل الوجوه والمجالس، ويختلفون فى أىّ شىءٍ ويتبادلون كلَّ نقيصة؛ إلَّا أنهم يتّفقون جميعًا فى استبقاء السيولة والبيئة المُشوَّهة؛ ربما لعلمهم أنهم لن يجدوا مكانًا يُرحِّب بضآلتهم فى مناخٍ صحىٍّ سليم.
بدأنا اللعبةَ بينما كانت أغلبُ دول القارة تُفتِّش عن هويَّاتها الضائعة. اليومَ نتذيَّلُ قائمةَ الكبار؛ بينما تصعدُ مُنتخباتٌ جديرةٌ بالاحترام ممَّن كانوا يتخبَّطون فى المنافسة أو وفدوا من خارجها. المغرب وصل للمُربَّع الذهبى بالمونديال ويُقدِّم أداءً عاليًا فى البطولة الأفريقية، والسنغال تمضى فى مسيرة الدفاع عن اللقب بثبات، والرأس الأخضر «كاب فيردى» راسخةٌ فى مُشاركتها الرابعة وتفوَّقت علينا فى المجموعة الثانية. التجاربُ الثلاثة لمُدرِّبين وطنيين: الأوَّل راتبه أقل من 60 ألف يورو، والثانى 46 ألفًا، والثالث 10 آلاف فقط. فيتوريا وحده يقترب من ضعف الثلاثة مُجتمعين، وليس من المنطق أن نُسدِّد ثروةً باهظةً لشخصٍ بائس؛ لمُجرَّد أن شِلَّة الجبلاية يُريدون ذلك، أو أن البعض ينتفعون من الحالة المنحرفة التى تُتيح لهم اقترافَ النزوات؛ دون اعتبارٍ للمُساءلة والعقاب. الأرقامُ تقول إنَّ أغلب نجاحاتنا مع قياداتٍ محليّة، وحتى لو أخفقنا وكانت مُحصِّلة الوطنى والأجنبى واحدة؛ فعلى الأقل لا نُهدِر المواردَ بينما البلدُ فى عَرضِ كلِّ دولار. غرضُ استقدام الخبرات من الخارج أن نتفاعل مع مدارس أكثر رسوخًا وتنوُّعًا، وأن نُطوِّر أساليب الإدارة والتدريب واللعب، والواقع أن أيًّا من هذا لم يحدُث، وما عاد الذهاب إلى الاستيراد مُجديًا بالأثر، وإن ظلَّ مُرهقًا بالأعباء.
فى المباريات الأربع التى خُضناها كُنَّا دون المستوى، مستوى البطولة ومُستوانا اللائق.. ليست الأزمةُ فى التعادُل أو الخسارة بركلات الترجيح؛ فاللعبة تحتمل الإخفاق ولا تُخاضُ على شَرطٍ الكَسب الدائم، لكن المُهمّ أن يكون البناءُ صُلبًا والأداء مُقنعًا. لكنَّنا ظهرنا فى حالةٍ رثَّة، بقائمةٍ يغيبُ المنطق عن بعض اختياراتها، وتشكيلٍ مُرتبكٍ، وتبديلات خاطئةٍ أو مُتأخّرة. غابت شخصية الفراعنة وتكسَّرت أنيابُهم، وما عادت الهيبةُ التى لازمتهم فى الملاعب الأفريقية حاضرةً؛ ولو كان الخصم ضعيفًا وحديث التجربة. وإن كانت لَملَمةُ الحقائب سريعًا ممَّا ساء الجمهور وأساء للمُنتخب العريق؛ فالإخفاقُ مفيدٌ لناحية أنه كشفَ العوار بلا مُواربة، وأنهى ستارَ الرمادية الذى سمح باستمرار التجربة قرابة سنتين مع فيتوريا، وسنواتٍ طويلة قبلَه، بين ارتباكٍ منهجىٍّ حاكم، وانتصاراتٍ عشوائية عارضةٍ وباهتة، تُشوِّه الصورة وتُعطِّل التقييمَ والحساب. وأصلُ المسألة أنَّ السمكةَ تفسدُ من رأسها، لا من اللاعبين ولا قيادتهم الفنية، وما لم تعترف أسماكُ الاتحاد المُتوحّشة بأنَّ دماء الرياضة تسيل من بين أسنانها، وأن رائحتها صارت تزكَمُ الأُنوف وتستجلِبُ العارَ والمهانة؛ فقد لا نخرجُ من دائرة مُدارَةِ الفشل السابق بفشلٍ لاحق.
كانت العودةُ لورقة المُدرِّب الوطنى قبل سنواتٍ طعنةً أزعجت أباطرةَ السمسرة الرياضية. اليوم تبدو ضروريّةً بمنطق أنه لو كان المريضُ ميؤوسًا منه ولا يُرجَى شِفاؤه؛ فالأفضل أن يظلَّ على سريره دون متاعب السفر وتكاليفه. المشكلةُ أن «شِلَّة الجبلاية» نَعامٌ أمام الأجانب وأُسودٌ على المحلِّيين، ولو عاملوا أىَّ وجهٍ مصرى كما يُعاملون البِيضَ المُستوردين لكانت الأمورُ أفضل؛ أو الإخفاقات أقلَّ إيلامًا. وإلى أن يُنزَع جهازُ التنفُّس المُضلِّل عن جُثَّة الاتحاد؛ ليُشفَى بالتجربة أو يموتَ بالخطيئة؛ فلسنا فى وارد تكرار المزالق والتنفيعات، ولا إهدار موارد النقد الأجنبى المحدودة ونحن فى أحوج الظروف لكلِّ سِنتٍ منها. ولعلَّها تكونُ مُبادرةً تقتفيها الأنديةُ نفسها، لنُجرِّب مسارًا وطنيًّا للنهضة بالكُرة، بعدما خذلتنا المساراتُ الخارجيةُ وأثقلت كواهِلَنا، ولم نعُد فى رفاهيةِ أن نُحرِق ملايين الدولارات شهريًّا؛ بينما النتيجةُ واحدة فى كلِّ الأحوال.
كلُّ مُقاربةٍ لا تبدأُ باعتراف اتحاد الكُرة بالمسؤولية لا يُعوَّل عليها. إنه كيانٌ شديد الضَّعف والركاكة، ويتصدَّره فريقٌ أشبهُ بملوك الطوائف، يتَّفقون فى مصالحهم الشخصية ويتنازعون فى الصالح العام. أخفق فيتوريا وفريقه؛ لكنه ليس الإخفاق الأوَّل مع هذا المجلس وسابقيه، ولن يكون الأخير. والمطلبُ العاجل أن تُعلِنَ شِلَّة الجبلاية عمَّن ورَّطنا فى الاختيار البائس، وأن يُقيلَ الاتحاد نفسَه أو يُقال بسحب الثقة من هيئته الكاملة. فى كلِّ الدنيا تتَّخذ الاتحادات قياداتٍ ذوى حيثيةٍ وقيمة، ولهم سَمتُ رجال الدولة وأثرُ الفاعلين الدوليِّين، ولدينا رئيسُ اتّحادٍ أقلّ من مدير ساحةٍ شعبية وأكثر من فاشلٍ مُحترف. نحتاج هيكلةً شاملةً للمنظومة، وضبطًا للبطولات والمنتخبات، وإدارةً فنية للاتحاد بالعلم لا بالرقص والحنجلة، تشتغلُ على كلِّ المحاور بتناسُقٍ وإتقان؛ فلا تنعزلُ القطاعات عن بعضها ولا تُخَاض كلُّ تجربةٍ من الصفر. إنَّ ما رأيناه فى ملاعب كوت ديفوار مُجرَّد عَرَضٍ ظاهر؛ أمَّا المرضُ الخفىُّ والعلَّةُ المُستعصية فإنها فى الشللية ومنطق عَمل الجبلاية، والترضيات التى يُؤمِّنون بها مواقعَهم مع الأندية الفقيرة، والحماية التى يُسيئون توظيفَها تحت مظلَّة الفيفا. لا أملَ والبيتُ مُهتزّة دعائمُه، ومراكز القوى تتبادل الكراسى لتُعيدَ إنتاج المآسى بحذافيرها. الجمعيةُ العمومية مُطالبةٌ بالتصدِّى للحيتان طالما لا نخوةَ لديهم ولا استشعار حَرج. وصلاحيةُ المنظومة تبدأ من تعليق الأجراس فى رقاب أصحابها الأصليِّين، أمَّا الذين سيُحاولون حصرَ الأمرِ فى وَجهٍ أو جهاز؛ فإنهم المُستفيدون الوحيدون من أمراض المنظومة والمُتمسّكون بالاستثمار فى آلامها، وجميعهم معرفون: فى شِلَّة الجبلاية الحالية، أو فيمن سبقوهم ويتحضَّرون لوراثتهم فى نُسخةٍ شديدة الرداءة من لُعبة الكراسى الموسيقية.