الزعيم والمبروك.. سر تحول علاقة ناصر والبابا كيرلس السادس من الفتور إلى الأبوية

الخميس، 04 يناير 2024 11:00 ص
الزعيم والمبروك.. سر تحول علاقة ناصر والبابا كيرلس السادس من الفتور إلى الأبوية ناصر والبابا كيرلس السادس
سمر سلامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت العلاقة وطيدة بينهما إلى درجة بعيدة للغاية، الرئيس عبد الناصر والبابا كيرلس السادس، ربطتهما صلة وثيقة وإنسانية عميقة، والمفارقة أن ذلك جاء بعد فتور سابق، ليتحول الجفاء إلى صداقة متينة حتى اعتاد الزعيم أن ينادى المبروك بلقب «والدى».
 
بدأت القصة، عندما حاول البابا لقاء الزعيم أكثر من مرة، ليعرض عليه مشكلات الأقباط ومطالبهم، ولم يتحقق ذلك، إلا أن مرض ابنة عبد الناصر كان سببا فى تغيير المسار، فقد زارها كبار الأطباء وقالوا إن مرضها ليس عضويا، وعندما روى الزعيم الأمر لأحد أعضاء مجلس الشعب آنذاك، أخبره بأن ابنه عانى مرضا قاسيا وشُفى على يد البابا كيرلس، فطلب منه إحضاره ليرى ابنته.. وعندما دخل البابا الحجرة قال لها مبتسما: «انتى لا عيّانة ولا حاجة»، واقترب منها وصلَّى لها 15 دقيقة، وشُفيت بالفعل.
 
هذه كانت محطة التحول بين الزعيم والمبروك، ووصف الكاتب محمد حسنين هيكل العلاقة بينهما قائلا: «كانت ممتازة، وبينهما إعجاب مُتبادل، وكان معروفا أن البطريرك يستطيع مقابلة عبدالناصر فى أى وقت يشاء، وكان كيرلس حريصا على تجنب المشاكل، وقد استفاد كثيرا من علاقته الخاصة بعبد الناصر فى حل مشاكل عديدة».
 
وفى لقاء ودّى خاص بمنزل الزعيم عام 1959، قال البابا كيرلس له: «بعون الله سأعمل على تعليم أبنائى معرفة الله وحب الوطن ومعنى الأُخوّة الحقّة»، ومن المواقف التى دعم فيها الرئيس صديقه البابا، عندما أراد بناء كاتدرائية جديدة فى أرض الأنبا رويس بالعباسية، وروى هيكل فى كتابه «خريف الغضب» أنه تلقى دعوة شخصية من البابا للقائه؛ فتوجه إليه بصحبة الأنبا صموئيل، أسقف الخدمات العامة والاجتماعية، وفاتحه البابا فى الموضوع مُبديًا حرجه الشديد من الحديث مع الزعيم مباشرة، وعندما نقل «هيكل» الموضوع للرئيس أبدى تفهما كاملا، وقرر مساهمة الدولة بنصف المليون جنيه فى الكاتدرائية الجديدة، نصفها نقدا والبقية عينيًا بواسطة شركات المقاولات العامة، ووُضع الحجر الأساس فى 24 يوليو 1965.
 
وفى حفل الإطلاق ألقى الرئيس خطابا تاريخيا قائلا: «أيها الأخوة.. يسرنى أن أشترك معكم فى إرساء حجر الأساس للكاتدرائية الجديدة.. فحينما تقابلت أخيرا مع البابا فى منزلى فاتحته فى البناء، وأن الحكومة مستعدة للمساهمة، ولم يكن القصد من هذا فعلا المساهمة المادية، فأمرها سهل ويسير، لكننى كنت أقصد الناحية المعنوية.. إن الثورة قامت أصلا على المحبة، ولم تقم بأى حال من الأحوال على الكراهية والتعصب، الثورة قامت وهى تدعو للمساواة، ولتكافؤ الفرص، لأنه بالمحبة والمساواة وتكافؤ الفرص تستطيع أن تبنى المجتمع الصحيح السليم، الذى نريده ونادت به الأديان».
 
ومن المواقف التى لا تُنسى، عندما ألقى الرئيس خطاب التنحى فى 8 يونيو 1967، فتوجه البابا لمنزله بصحبة ثلاثة مطارنة وعدة كهنة، وعندما وجدوا مظاهرة شعبية حول المنزل لمطالبته الرئيس بالتراجع، تواصل معه تليفونيا وقال: «عايز أسمع منك وعد واحد»، فرد الرئيس: «قول يا والدى»، فقال البابا: «الشعب بيأمرك ما تتنازلش»، وكان الرد: «وأنا عند أمر الشعب وأمرك». 
 
وعندما توفى ناصر فى سبتمبر 1970، رثاه البابا: «الحزن الذى يخيم ثقيلا على أمتنا كلها، لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر إلى عالم البقاء والخلود، أعظم من أن يُعبَّر عنه أو يُنطَق به، إن النبأ الأليم هز مشاعرنا جميعًا، ومشاعر الناس فى كل الشرق والغرب، ونحن لا نستطيع أن نصدق أن الرجل الذى تجسدت فيه آمال المصريين يمكن أن يموت، إن جمال لم يمت ولن يموت، إنه صنع فى نحو عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله فى قرون».
وتوجه بعدها للقصر الجمهورى مقدما العزاء للرئيس السادات، وكتب فى سجل التشريفات: «يوم حزين على بلادنا والشرق العربى، ما أعظم الخسارة التى لحقت بنا جميعا.. إن اسم هذا البطل سيظل مرتبطا بتاريخ مصر والعرب وأفريقيا ودول عدم الانحياز، بل وبتاريخ الأسرة البشرية كلها».
 
p

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة