عادل السنهورى

الرعب الصهيوني من محكمة العدل الدولية

الأحد، 07 يناير 2024 03:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قادة الحرب في إسرائيل لم يهتموا بالجلسات الطارئة لمجلس الأمن الدولي أو الجمعية العامة للأمم المتحدة وتهجموا علي المجلس والجمعية الى حد المطالبة باستقالة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، على الرغم من قوة القرارات التي تصدر عن المجلس والجمعية العامة للمنظمة الدولية.

السبب معروف وهو وجود فيتو " الراعي الأميركي " مع أتباعه ضد أي قرار يدين إسرائيل ويطالبها بوقف مجازرها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي

لم تقلق إسرائيل ويسيطر الرعب على قادتها وسياسيها الا بعد أن تقدمت دولة جنوب أفريقيا الشقيقة  بطلب الى محكمة العدل الدولية نهاية الشهر الماضي تطلب فيه بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة واتهام إسرائيل بالقيام بجرائم حرب وابادة ضد العزل والأبرياء من النساء والأطفال من الفلسطينيين، واحتمالية أن يصدر قرار ادانة من المحكمة الدولية في لاهاي بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948

طلب الشقيقة جنوب أفريقيا انضمت اليها ماليزيا وتركيا وبالفعل قررت محكمة العدل الدولية – أعلى محكمة في الأمم المتحدة- عقد جلسة استماع عامة بشأن قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن الإبادة الجماعية في غزة يوم الخميس والجمعة المقبلين. وتطالب جنوب افريقيا المحكمة أن تأمر باتخاذ تدابير مؤقتة بوقف إطلاق النار وأي عمليات عسكرية أخرى لحين الفصل فى أصل الموضوع

 الطلب الجنوب أفريقي عبارة عن وثيقة مكونة من 84 صفحة تمت صياغتها بدقة من خبراء دوليين في مجال الإبادة الجماعية. وهي مليئة بالأدلة الداعمة بعناية من الناحية القانونية وتقدم حججا دامغة مع حقائق وحشية صعبة. توضح الوثيقة أن نية إسرائيل وسياستها وأفعالها، كما عبرت عنها تصريحات أصحاب أعلى منصب سياسي في الكيان الصهيوني وأفعال وسلوك جنودها، هي إبادة جماعية موجهة ضد الفلسطينيين في غزة كمجموعة.

الوثيقة تحتوي على عدد كبير من الأدلة على أعمال الإبادة الجماعية المتعمدة إلى سبع فئات رئيسية، حجم القتل الذي تجاوز حتى الآن (22 ألف شهيد)، 70 بالمائة منهم نساء وأطفال، المعاملة القاسية واللاإنسانية لأعداد كبيرة من المدنيين، الحرمان من الوصول إلى الغذاء والماء، ترك 13 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى تعمل جزئيًا، تعبيرا عن نية الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني من قبل الإسرائيليين.

هناك يتساءل البعض في دهشة واستغراب ..لماذا جنوب أفريقيا  ولوليست دول عربية أو حتى السلطة الفلسطينية ..؟

بالطبع  تاريخ جنوب أفريقيا هو ما دفعها لرفع الدعوى وتقديم الطلب أمام المحكمة ضد إسرائيل  لإثبات أن النضال من أجل التحرير ضد نظام الفصل العنصري الاستبدادي يمكن أن ينجح. ومثلها كمثل إسرائيل اليوم، كانت جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري قوة نووية، وكان لها جيش قوي سحق التمرد المسلح ـ وكانت أيضاً مدعومة من كل القوى الغربية الكبرى. فنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا قتل نفسه نفسه من خلال أفعاله باعتبارها دولة منبوذة، كان عليها في النهاية أن تستسلم لإرادة الأغلبية السوداء المكبوتة. وإدراكاً منها لأهمية هذا الطلب.

ولماذا هذا القلق والرعب في إسرائيل من جلسات استماع محكمة العدل الدولية ..؟

القرار بالإدانة في حالة صدوره – رغم عدم تأثيره ونفوذه - ضد إسرائيل سيكون له عواقب سياسية واقتصادية وقانونية كبيرة ، وكما ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية إن قرار إسرائيل الدفاع عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية، سيجعل من الصعب عليها تجاهل أي نتيجة سلبية، مضيفا بأنه إذا وضعنا جانبا امتثال إسرائيل من عدمه لأي أمر من المحكمة لتغيير تكتيكاتها العسكرية، فإن الضرر الذي قد يلحق بسمعة إسرائيل عالميا سيكون فادحا.

أيضا صحيفة هآرتس الإسرائيلية أشارت إلى أن أي قرار من محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة، ستترتب عليه آثار سلبية كبيرة من الناحية الأخلاقية، كما أن قرارا بهذا الشأن، سيمكن المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية من النظر في اتخاذ خطوات ضد كبار المسؤولين الإسرائيليين. وقد يكون لحكم المحكمة آثار محتملة كبيرة ليس فقط في العالم القانوني، بل لها تداعيات عملية ثنائية ومتعددة الأطراف واقتصادية وأمنية.

اذن هناك حالة قلق شديدة ورعب داخل الكيان الإسرائيلي من الدعوى الجنوب أفريقية ولذلك قررت اسرائيل المثول أمام محكمة العدل الدولية للرد على دعوى جنوب أفريقيا لمقاضاة تل أبيب بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة.

وبدأت الاتهامات المتبادلة داخل إسرائيل بعد أن اتهم ألون بينكاس الدبلوماسي الإسرائيلي السابق تصريحات عدد من الوزراء الإسرائيليين أثناء الحرب على غزة، كورقة يمكن استخدامها لإدانة إسرائيل في محكمة العدل الدولية. ووصف تلك التصريحات بـ"الغبية والمتهورة"،

‏ حكومة نتنياهو وصفت طلب جنوب أفريقيا بأنه لا يستند إلى أي أساس قانوني، متهمة بريتوريا بالتعاون مع ما سمتها "جماعة إرهابية تدعو لتدمير إسرائيل" في إشارة إلى حركة حماس، وادعت أن إسرائيل تعمل على الحد من وقوع الضرر على المدنيين. وأعلنت إسرائيل حالة الطوارئ الدبلوماسية والقانونية للرد على وثيقة جنوب أفريقيا وهي حالة تتعرض لها دولة الكيان الصهيوني لأول مرة والخوف والرعب من صدور قرار ادانة من محكمة دولية له ما بعده الكثير.

الطلب الجنوب أفريقي أثار اهتمام الصحف العالمية وكبار كتابها مثل  الكاتب البريطاني ديفيد هيرست الذي أوضح الى أن هناك ميزتين لتطبيق محكمة العدل الدولية تستحقان الاهتمام. الأول هو أنه على عكس السعي إلى التعويض عن الأحداث الأكثر شهرة في التاريخ الحديث- مثل الإبادة في كمبوديا، أو الإبادة الجماعية في رواندا، أو جرائم الحرب الصربية - فإن الطلب يتعلق بإبادة جماعية تحدث في الوقت الحالي. ثانيا أن الحقيقة الواضحة هي أنه لا توجد دولة تجتهد لنزع الشرعية عن إسرائيل أكثر منها.

 واستشهد هيرست بمقال جيورا آيلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ومستشار الحكومة والذي اعترف فيه: «هذا ما بدأت إسرائيل في فعله – لقد قطعنا إمدادات الطاقة والمياه والديزل عن القطاع … لكن هذا ليس كافيا. ومن أجل جعل الحصار فعالا، علينا أن نمنع الآخرين من تقديم المساعدة لغزة.. يجب أن يقال للشعب إن أمامه خيارين؛ البقاء والجوع، أو المغادرة"

الحقيقة الواضحة- كما قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست- هي أنه لا توجد دولة تفعل المزيد لنزع الشرعية عن إسرائيل أكثر من إسرائيل نفسها.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة