تعاني الدولة المصرية من تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية شأنها شأن مختلف دول العالم، في ظل ما تسببت فيه هذه الأزمات من ارتفاع معدل التضخم واضطراب سلاسل الإمدادات والتوريد، وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار للعديد من السلع مما يؤدي إلى معاناة كبيرة للمواطن، وهو ما تسعى الدولة بجدية للعمل على تخفيف الأعباء عن المواطنين، فهناك توجيهات من القيادة السياسية للحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط الأسعار والسيطرة على الأسواق.
كذلك هناك توجيهات مستمرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكومة لمواجهة أي مخالفات تلاعب في الأسعار ومواجهة جرائم "تعطيش السوق" واحتكار السلع وتخزينها من قبل بعض التجار، فليس من المعقول أن يرتفع سعر سلعة أو منتج ما أضعافاً في فترة قصيرة، بسبب الجشع وغياب الضمير لدى بعض التجار وضعف الرقابة على الأسواق.
الحكومة مطالبة الآن باتخاذ إجراءات عاجلة لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية بضبط الأسعار والسيطرة على الأسواق، ورأينا على مدار الفترة الأخيرة مبادرات طيبة لخفض أسعار بعض السلع واجتماعات متعددة مع الوزراء والجهات المعنية واتخاذ قرارات لضبط الأسعار، ونحتاج لتكثيف الجهود خاصة من الأجهزة التنفيذية والرقابية لتنفيذ توجيهات القيادة السياسية وطمأنة المواطن الذي يشعر بالقلق في ظل معاناة كبيرة يعانى منها خلال السنوات الأخيرة بسبب التداعيات السلبية للأزمات الاقتصادية المتتابعة المتأثرة بالأزمة الاقتصادية العالمية سواء جائحة كورونا وبعدها تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية.
وتابعنا مؤخرا بعض الإجراءات أعلنت عنها الحكومة منها تعديل قانون حماية المستهلك تحديداً المادة 71 لتغليظ عقوبة تخزين وحبس أو إخفاء السلع الاستراتيجية، وهو تعديل جيد ومطلوب، ولا ننكر أن الجانب التشريعي مهم، لكن المشكلة ليست في القوانين بقدر ما تكمن في تفعيل نصوص هذه القوانين وما تتضمنه أحكام وعقوبات.
كما تابعنا قرار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، باعتبار 7 سلع وهى: زيت الخليط، والفول، والأرز، واللبن، والسكر، والمكرونة، والجبن الأبيض، من المنتجات الاستراتيجية في تطبيق حكم المادة (8) من قانون حماية المستهلك الصادر برقم 181 لسنة 2018، التي تحظر حبس تلك السلع والمنتجات عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأي صورة أخري، وذلك لمدة ستة أشهر، وعلى الجهات الرقابية والتنفيذية تنفيذ هذه القرارات وتطبيق العقوبات بصرامة، وتنفيذ توجيهات القيادة السياسية لتخفيف الأعباء عن المواطنين.
المواطن الآن يحتاج إلى طمأنته أكثر من أي وقت مضى، وأن تكون هناك إجراءات سريعة تساهم في تخفيف الأعباء عن كاهله، والتصدي لأي محاولات للتلاعب في الأسعار والإضرار بالمواطن الذي يتفاجئ كل يوم بارتفاع في أسعار السلع الأساسية والغذائية التي لا يستغني عنها يومياً، وبجانب ذلك يقوم بعض التجار بتصغير حجم السلع رغم رفع السعر للضعف.
لا ننكر أن هناك جهوداً كبيرة تبذلها الحكومة لكنها تحتاج إلى تضافر جهود كافة الوزارات والجهات المعنية والتنسيق في التنفيذ على الأرض، مما يتطلب ضرورة قيام الحكومة بدورها في تشديد الرقابة على الأسواق وتكثيف الحملات الرقابية والتفتيشية بشكل يومي على الأسواق، وأن يتم تلافى أي مشكلات وتذليل المعوقات التي تعرقل عمل الأجهزة الرقابية سواء في جهاز حماية المستهلك أو وزارة التموين وقطاعاتها المختلفة أو في المحافظات والوحدات المحلية، وتوفير العمالة اللازمة للقيام بالحملات الرقابية، ويجب التنسيق بشكل مستمر بين هذه الجهات، بالإضافة إلى دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في التصدي لجرائم احتكار السلع.
أيضاً يجب أن يكون هناك تعاون بين المجتمع المدني مع الحكومة، وكذلك التعاون من جانب القطاع الخاص والقيام بدوره في المسئولية والمشاركة المجتمعية، بأن يتم طرح كميات من السلع في مختلف المحافظات بأسعار مخفضة لتخفيف الأعباء عن المواطنين مما يؤدي إلى إجبار التجار على تخفيض أسعار السلع وبيعها بأسعار مناسبة، مع التوعية للمواطنين بتغيير الثقافة الاستهلاكية وترشيد الاستهلاك للسلع وعدم تخزينها والاكتفاء باحتياجاته فقط، حتى لا يضر ذلك بغيرهم ويستغله بعض التجار عديمي الضمير، ولتكون السلع متوفرة بشكل دائم في السوق.
وختاماً.. أثمن جهود الدولة لمواجهة مشكلات ارتفاع الأسعار، وأتمنى إزالة أي معوقات أمام قيام الأجهزة والجهات الرقابية بدورها، لتخفيف الأعباء عن المواطنين، ونتطلع خلال الفترة المقبلة إلى أن تتوسع الدولة في الإنتاج والصناعة والزراعة وتعميق التصنيع والإنتاج المحلي ليكون لدينا سلع بديلة للسلع المستوردة ويكون اعتمادنا على المنتج المصري والحد من الاستيراد وزيادة الصادرات، مما يكون له تأثير إيجابي على توفير العملة الصعبة وخفض الأسعار وخفض معدل التضخم.