على مدى سنوات ترتبط كل من مصر والمملكة العربية السعودية، بعلاقات استراتيجية، سواء على المستوى الثنائى، والعلاقات الاقتصادية والتجارية، أو على مستوى التنسيق والتعاون والتوافق حول التحديات والتحولات الإقليمية والدولية، والرغبة المشتركة على فرض الاستقرار والتنمية بشكل كبير لصالح شعوب المنطقة، ومواجهة التحديات من خلال مواقف متوافقة واتجاهات لبناء شراكات قادرة على صياغة واقع من الفعل وليس رد الفعل على مدى أكثر من عقد تشهد المنطقة والعالم معها وليس فقط الإقليم تحولات كبرى، إقليميا تبقى كل من مصر والمملكة العربية السعودية دولتين محوريتين، تربطهما مع محيطهما العربى والإقليمى علاقات وتنسيق ومواقف مشتركة، ولكل منهما طموح فى التنمية المستقلة يتكامل ولا يتنافس.
ورغم أن المنطقة تشهد تحولات درامية، فقد ظلت العلاقات بين مصر والسعودية مستقرة، بعيدا عن تقاطعات وتشابكات إقليمية ودولية، وقد بقيتا بعيدا عن خطر الصراعات أو النيران التى أصابت دولا أخرى فى الإقليم، أطاحت باستقرارها وأدخلتها فى دوامات الصراع، كما واجهت تحديات وانعكاسات لأزمات عالمية.
من هنا يمكن تفهم الزيارة التى يقوم بها ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، والوفد المرافق له، ولقاءاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمسؤولين المصريين، والتى تأتى ضمن العلاقات الأخوية والارتباط بين البلدين الشقيقين، خاصة أن مصر والمملكة العربية السعودية دولتان محوريتان تمثلان أساس الاستقرار فى المنطقة، وبناء تحركات عربية تسعى لبناء مواقف متوازنة، وسط مستوى عال من التعاون والتنسيق بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وأيضا المصالح العربية، حيث تمثل مصر مع المملكة العربية السعودية، مركز ثقل وتأثير فى المنطقة، ولكل منهما تجربة طموحة فى التنمية والتقدم فى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
التعاون والتنسيق بين مصر والسعودية يأتى فى ظل تحولات إقليمية تنعكس على الاقتصاد والسياسة فى العالم، وبالتالى على الإقليم، خاصة الحرب فى غزة، والتى تجاوزت العام، وتحمل اتجاهات لتوسيع الحرب إقليميا، بما يؤثر على الوضع السياسى فى المنطقة، فى حال اتساع الحرب، مع حزب الله وإيران، والتى يمكن أن تؤثر على الدول العربية عموما، ودول الخليج بشكل خاص، وبالتالى فإن التحولات الإقليمية تمثل جزءا من المباحثات المصرية السعودية، سواء باتجاه السعى لوقف الحرب فى غزة، والتنسيق والتواصل الإقليمى والدولى لوقف الحرب، من خلال علاقات البلدين مصر والسعودية لإنتاج موقف دولى يضمن وقف الحرب، والدفع نحو مسارات سياسية تقود إلى حل الدولتين.
وتعمل مصر على مدى أكثر من عام على معالجة تتجاوز مناورات الاحتلال، وتعمل مع أطراف إقليمية ودولية للتوصل إلى وقف الحرب، ويمكنها أن تقوم بدور إقليمى مهم مع المملكة العربية السعودية، خاصة أن كلا من مصر والمملكة تملكان علاقات الشراكة والتعاون مع كل مراكز التأثير فى العالم شرقا وغربا.
اقتصاديا وتجاريا هناك شراكة وتعاون كبير بين الجانبين المصرى والسعودى، واتفاق على تعزيز الشراكة الاقتصادية استثماريا وتجاريا بين البلدين الشقيقين، ونقلها إلى آفاق أوسع لتحقيق التكامل والشراكة، حيث إن كلا من مصر والمملكة لهما تجربة طموحة فى التنمية والتوسيع، ضمن خطط 2030، ما يجعل البلدين وجهة للاستثمارات والتبادل التجارى وتحفيز الشراكات بين القطاع الخاص فى البلدين، لخلق بيئة استثمارية خصبة فى مجالات الطاقة والرعاية الصحية والسياحة، والنقل، والخدمات اللوجستية، والاتصالات وتقنية المعلومات، والتطوير العقارى، والزراعة، حيث تم الإعلان فى يونيو الماضى عن صفقات واتفاقيات استثمارية وتجارية بلغت 8 مليارات دولار.
وتعد الاستثمارات من الجوانب الحيوية فى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تصل قيمة الاستثمارات السعودية إلى عدة مليارات، وآلاف الشركات، ونفس الأمر بالنسبة للاستثمارات المصرية وآلاف الشركات المصرية بالمملكة، ومنها شركات تقوم بأعمال كبرى فى الإنشاءات والتنمية، حسب تقرير الزميلة إيمان حنا فى «اليوم السابع».
وهذه الشراكات تسهم فى تحقيق مصالح البلدين، وتلبى طموحاتهما فى التنمية والتقدم الاقتصادى، حيث نجحت مصر خلال السنوات الماضية فى إقامة بنية أساسية مهمة، تمثل عنصر جذب استثماريا، ونفس الأمر لدى المملكة، ومؤخرا هناك حديث عن ضخ عدة مليارات من صندوق الاستثمارات السعودى.
من هنا فإن زيارة الأمير محمد بن س
لمان، والوفد المرافق له، إلى مصر، ومباحثاته مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، هى استمرار لعلاقات الشراكة والتعاون والمصالح المشتركة إقليميا وثنائيا.