ثورة القاهرة الأولى ضد الحملة الفرنسية، والتى قام بها الشعب المصرى ضد الحملة على مصر قادها الأزهر وشيوخه، في مثل هذا اليوم في 20 أكتوبر من عام 1798م، بعدما عمد الفرنسيون لفرض ضرائب باهظة خاصة على التجار، مما ناقض وعود نابليون بونابرت قائد الاحتلال الفرنسى عند قدومه لمصر.
استمرت الثورة ثلاثة أيام، وكان الفرنسيون يواجهون الثوار بالحديد والنار، كما جاء في سلسلة "ذات يوم" للكتاب الكبير سعيد الشحات، إذ يقول وفقًا لعبدالرحمن الرافعى فى الجزء الأول من موسوعته «تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم فى مصر»: «تغلبت قوة الحديد والنار على مقاومة شعب أعزل لا سلاح معه، واستهدف سكان القاهرة بعد إخماد الثورة لأشد ضروب الانتقام، ونزلت بهم النزال بخطوبها وأهوالها، وقدر الكولونيل «ديتروا» فى يومياته قتل الأهالى بسبعمائة إلى ثمانمائة رجل».
ويؤكد "الرافعى"، أن هذا التقدير دون الحقيقة بمراحل، فضلا عن أنه لم يحص الذين ماتوا تحت أنقاض الدور المتهدمة والمنازل التى خربت أو احترقت، أما نابليون فأحصى الضحايا من المصريين فى تقريره إلى حكومته بعد يتراوح بين 2000 و2500 قتيل، وقدر «ريبو» عدد الضحايا بأربعة آلاف، ويؤكد الرافعى أن هذا العدد أقرب إلى الثقة.
وأضاف الكاتب الكبير سعيد الشحات، استمر «نابليون» فى ارتكاب فظائعه الوحشية ضد المصريين، وتدنيس الجامع الأزهر بخيوله وجنوده يوم 24 أكتوبر 1798، ويذكر عبدالرحمن الرافعى، أن الشيوخ طلبوا منه إخراج الجنود من الجامع الأزهر، فأجابهم إلى ذلك، وأمر بإخراج الجنود على أن يبقى سبعين جنديا أسكنوهم فى خط الأزهر للمحافظة على النظام، فكأن الأزهر بقى محتلا من ليلة الثلاثاء إلى يوم الأربعاء.
كان المعلم «نيقولا الترك» ممن شهدوا الحملة الفرنسية، وينقل الرافعى عنه من كتابه «ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية»، أن نابليون رفض طلب كبار العلماء إخراج الجنود من الأزهر، وقبل شفاعة الشيخ محمد الجوهرى الذى جاءه متوسلا، وكان فى حياته لم يقابل حاكما قط، فلما دخل على نابليون قال له ما قابلت حاكما عادلا كان أوظالما، والآن قد أتيت متوسلا إليك أن تأمر بإخراج العسكر من الجامع الأزهر، فقبل نابليون رجاءه وأمر بإخراج الجنود من الأزهر».
كما ينقل الرافعى عن نابليون فى مذكراته، التى أملاها أثناء منفاه فى «سانت هيلين» قوله: «إن رجال الشرطة قبضوا على ثمانين من أعضاء لجنة الثورة وسجنوهم بالقلعة، وإن نحو أربعة آلاف من سكان العاصمة هاجروا منها قبل شروق الشمس قاصدين إلى السويس ليلتجئوا إليها ، وكان الفرنسيون لم يحتلوها بعد، وإن أعضاء لجنة الثورة الثمانين قد أخذوا بذنبهم وثبت إدانتهم، فأصدر المجلس العسكرى يوم 24 أكتوبر 1798 قرارا بإعدامهم جميعا، ونفذ فيهم الحكم».
يتوقع «الرافعى» أن هؤلاء الثمانين أعدموا سرا بدون محاكمة، ويذكر أن الذين حوكموا رسميا من المقبوض عليهم باعتبارهم زعماء الثورة هم، الشيخ إسماعيل البراوى، والشيخ يوسف المصيلحى، والشيخ عبدالوهاب الشبراوى، والشيخ سليمان الجوسقى (شيخ طائفة المكفوفين)، والشيخ أحمد الشرقاوى، وكلهم من أواسط علماء الأزهر، وحبس هؤلاء المتهمون فيمن قبض عليهم بعد إخماد الثورة ولم يكن أحد يعلم التهمة التى أخذوا بها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة