لاشك أن حرص الرئيس السيسى على حضور قمة بريكس فى روسيا يؤكد التوجه الجاد للدولة لعرض مواقفها وتجاربها التنموية وتوظيف هذا الحدث لخدمة ملفاتها وقضاياها وقضايا القارة الأفريقية، خاصة أنها تبنت سياسة الدفاع عن القارة وأن صوتها فى المحافل الدولية، ومؤكد أن حضور مصر يحقق إضافة قوية للقمة باعتبارها ذات ثقل سياسى واستراتيجى فى الإقليم، ولديها رؤية استشرافية مقدرة فى ظل سياستها الخارجية التى تنشد الانفتاح والتنوع والتعاون المشترك وعدم التدخل فى شئون الآخرين.
أما على صعيد الداخل، فحضور الرئيس السيسى قمة بريكس، يؤكد أيضا جدية الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية وتداعياتها التى أثرت سلبا على معدل النمو الاقتصادى واحتياطى النقد الأجنبى، ودفع معدلات التضخم نحو الارتفاع، خاصة أن معظم الاحتياطي النقدى الأجنبي فى مصر بالدولار، والقليل منه بالعملات الدولية الأخرى؛ وبالتالى يحتاج الأمر إلى خطة نقدية تهدف إلى تنويع الاحتياطي الأجنبي بسلة عملات دولية مختلفة تشمل على سبيل المثال الروبل الروسى واليوان الصينى.
وعلى صعيد المكاسب، فإن الانضمام إلى بريكس يمكن الاقتصاد المصرى من القدرة على المنافسة والإنتاج والتصدير حتى لا يتعرض للمنافسة الحادة أو الإغراق من باقى الدول الأعضاء فى التكتل وخاصة الصين التى تغزو منتجاتها الأسواق النامية.
لكن علينا أن ونحن نتحدث عن المكاسب رغم أهميتها، أن لا ننظر إلى تكتل بريكس على أنه جرعة سحرية تهدف إلى علاج العلل الاقتصادية كلها، وإنما خطوة قوية لمواجهة تداعيات الأزمات الاقتصادية، تتطلب أيضا السير قدما فى العمل على تحسين البيئة الاستثمارية، وزيادة الإنتاج المحلى، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال توطين الصناعة والتكنولوجيا وتوظيف قرارات الدولة للقضاء على كل العقبات التي تواجه الاقتصادى الوطنى.
وبعيدا عن المكاسب الاقتصادية، أعتقد أن زيارة الرئيس السيسى لروسيا، لها فوائد سياسية كثيرة وعديدة، سواء على مستوى تعزيز العلاقات والشراكة الاستراتيجية مع روسيا باعتبارها قوى عظمى، وكذلك تعزيز شراكات مهمة مع دول التكتل التى تمتلك أكثر من 60% من اقتصاد العالم ما يعزز من التوافق فى الرؤى بشأن قضايا إقليمية ودولية باتت على برميل بارود قابل للانفجار.
وبما أن مصر دولة محورية فى الإقليم ، وتعمل على ضرورة عودة الاستقرار فى إقليم يموج بالمتغيرات والصراعات، وبالتالى زيارة الرئيس السيسى تعود بالنفع على ملفات مهمة، مثل ملف الحرب على غزة ولبنان، وأيضا بالنسبة للأزمات فى الإقليم سواء فى ليبيا والسودان.
ولا ننسى أن عقد قمة بريكس وعلى هذا المستوى الكبير، يؤكد الرغبة فى التحول إلى نظام عالمى جديد يعتمد على تعدد الأقطاب، بعيدا عن سيطرة النظام العالمى الحالى التى باتت سياسيته تخدم فقط مصالح المهيمنين عليه بقيادة الولايات المتحدة، على حساب الدولة النامية خاصة دول القارة الأفريقية، إضافة إلى انهيار سمعة منظماته وأدواته سواء على صعيد التمويل أو على صعيد تحقيق العدالة والأمن والسلم الدوليين لتبنى سياسة ازدواجية المعايير، وتعاطيه مع حرب غزة ولبنان خير نموذج.
إذن.. نحن أمام زيارة مهمة وتأتى فى توقيت دقيق وحرج فى ظروف راهنة صعبة، وستلقى بظلالها الإيجابية فى المستقبل القريب .. حفظ الله مصرنا الغالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة