عادل السنهورى

جريمة الحرب الإسرائيلية ضد الصحفيين

السبت، 26 أكتوبر 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ليس بجديد على هذا الكيان المجرم المحتل استهداف الصحفيين فى وسائل الإعلام العربية والعالمية. سجل هذا الكيان متخم بجريمة الحرب ضد الصحفيين وتوثقه كافة المؤسسات الدولية المعنية، لكن لا أحد قادر على المحاسبة والعقاب، أمام كيان يرتكب كل البشاعات والمجازر وينتهك كافة المواثيق والقوانين الدولية، والمجتمع الدولى عاجز ومتخاذل أمام كيان متعطش للدماء والقتل والتدمير والتخريب والحصار والتجويع.

جريمة حرب جديدة ضد الصحفيين ارتكبها العدو الصهيونى ضد الصحفيين فجر أمس الجمعة عندما أغارت طائراته على مقر إقامة عدد من مراسلى الفضائيات ووسائل الإعلام العالمية فى منطقة حاصيبا جنوب لبنان، مما أدى إلى استشهاد 3 صحفيين هم وسام قاسم وغسان نجار ومحمد رضا فنيين من قناة المنار، إضافة إلى إصابة 3 صحفيين من قناة القاهرة الإخبارية. المكان المستهدف كان به 18 صحفيا يمثلون 7 مؤسسات إعلامية، والهدف هو ترهيب وإرهاب الإعلام، للتعمية على ما يرتكبه العدو من جرائم وتدمير، وعدم إظهار ونقل الحقائق والصورة الكاملة عما يجرى على الأرض لكافة شعوب العالم.

الجريمة التى ارتكبها وما زال العدو الصهيونى هى جريمة خسيسة وغادرة، فقد انتظر استراحة الصحفيين فى الليل وأثناء الحصول على قسط من الراحة والنوم ليغدر بهم ويهاجم مقر إقامتهم لإسكات أصواتهم وتحطيم كاميراتهم التى لم تتوقف عن نقل الحقيقة من الميدان والكشف عن جرائمه البشعة.

سجل جرائم الحرب التى ارتكبها الجيش الصهيونى ضد الصحفيين يرصد استشهاد أكثر من 160 صحفيا فى غزة سقطوا برصاص الغدر والخيانة الإسرائيلى فى غزة منذ أكتوبر من العام الماضى وحتى الآن.

التاريخ والضمير الصحفى العالمى لن ينسى لإسرائيل استمرارها واستمراءها فى استهداف الصحفيين بوحشية وبدم بارد، فمنذ العام 1992 وحتى 2014 قتلت إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بعد عام 67 فى الضفة الغربية وقطاع غزة 15 صحفيا، وفى هجومها على غزة عام 2014 قتلت 12 صحفيا أحدهم صحفى أجنبى ودمرت 8 وكالات صحفية محلية. سجل صهيونى مزرى فى اغتيال الصحفيين والمصورين بصواريخ الطائرات وبرصاص البنادق وواقعة اغتيال الصحفية الفلسطينية فى قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة يوم مايو 2021 فى مخيم جنين بالضفة الغربية أثناء تغطيتها للاشتباكات المتكرّرة هناك بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلى واحدا من أبرز المواقف الشاهدة على مدى تعمد الجيش الصهيونى لاستهداف الصحفيين، وخير دليل على غياب آليات التحقيق العادل والمحاسبة، ومحاولة اغتيال الصحفى يوسف أبو حسين أيضا فى نفس العام بعدما قصفت المقاتلات الحربية الإسرائيليّة مكان عمله فى إذاعة صوت الأقصى، وقبلها اغتال قنّاصة جيش الاحتلال بشكل متعمد الصحفى الفلسطينى ياسر مرتجى أثناء تغطيته لاحتجاجات يوم الأرض فى 6 أبريل 2018.

المنظمات والهيئات الدولية المعنية ترصد وتسجل بأن الحرب الصهيونية على غزة خلال شهر واحد هى الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين الذين يغطون مناطق الصراع منذ العام 1992. فلم تشهد أى حرب أخرى فى القرن الحادى والعشرين هذه الطريقة الوحشية فى استهداف وقتل للصحفيين حيث قتل فيها 34 صحفياً خلال أسبوعين فقط من بداية الحرب الى أن وصل الآن إلى حوالى 160 صحفيا وصحفية. هذا العدد أكبر من عدد الصحفيين الذين قتلوا فى العراق، أو أفغانستان، أو اليمن، أو أوكرانيا.

التنديد والاستنكار من النقابات الصحفية فى العالم العربى واتحادات الصحفيين العربية والدولية بجرائم الحرب ضد الصحفيين لن يردع إسرائيل عن استمرارها فى ارتكاب المزيد من القتل والاستهداف للصحفيين والمراسلين. فمنذ بدء الحرب الصهيونية على غزة تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود الدلوية بثلاث شكاوى بشأن جرائم حرب ارتكبت ضد صحفيين فلسطينيين فى غزة. واعتبرت المنظمة أن حجم الجرائم التى تستهدف الصحفيين وخطورتها وطبيعتها المتكررة تندرج فى نطاق جرائم الحرب، وتستدعى إجراء تحقيق من قبل المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية.

لكن السؤال هنا بشأن هذه الشكاوى هو: هل ستذهب هذه الشكاوى وغيرها من القضايا التى ترفع ضد إسرائيل أبعد من مكاتب المحكمة الدولية أو أى مؤسسة دولية أخرى؟

على سبيل المثال لم تحاسب إسرائيل حتى الآن فى قضية مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة ولم يترتب على الشكوى المقدمة معاقبة الجنود الإسرائيليين الذين قتلوها رغم الأدلة التى تثبت مقتلها برصاص الجيش الإسرائيلي.

فاذا كانت إسرائيل تتجاهل القرارات الأممية التى تدعوها للانصياع لإرادة المجتمع الدولى لوقف احتلالها، وتستمر فى ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطينى واللبنانى الآن الفلسطينيين وتتجاوز كل الخطوط الحمراء وفوق القانون. فهل ستعبأ بشكاوى منظمات وهيئات الصحافة العالمية ضدها؟ كل ذلك بسبب الدعم الأمريكى الذى قدم أيضا لإسرائيل الحماية وأدوات الإفلات من العقاب.

الأجدر هو فضح السياسات الأميركية والمعايير المختلة والعدالة الغائبة فى التعامل مع قضايا الصراع فى العالم وفى الشرق الأوسط. والذى لولاها لتم ادراج إسرائيل وتصنيفها كدولة مارقة خارجة عن الشرعية الدولية والقانون الدولى ويجب محاسبتها ومعاقبتها على جرائنمها المتكررة والمستمرة.

الأجدر أيضا هو فضح السياسة الأمريكية وشعاراتها وأكاذيبها فيما يتعلق بالحديث الممل عن "حماية حقوق الإنسان" و"دعم حرية الصحافة" وما تزعمه -والعالم المتقدم- من قيم الديمقراطية التى تطبقها على من تشاء وتغض النظر فيها عمن تشاء. فقد كشفت هذه الحرب حجم السقوط اللاخلاقى والإنسانى للغرب الديمقراطي -أو هكذا يصدر لنا صورته- وانعدام المسئولية الانسانية لدى نخبه السياسية والثقافية.

لن يصدق أحد بعد الآن أية تصريحات وتقارير صادرة تنادى بالديمقراطية والحريات العامة وحرية الصحافة من واشنطن أو اى عاصمة أوروبية أخرى فقد سقط القناع الزائف عن المعايير المزدوجة والانحياز السافر فى حرب الابادة والتجويع والحصار ضد الشعب الفلسطينى وضد الصحفيين والتى أظهرت بوضوح ويقين لا يحتاج الى شك أو دليل أن الولايات المتحدة إلى شريك لإسرائيل فى كل الجرائم التى ترتكبها وأن دول العالم فى الغرب المتقدم شريك أيضا بالتواطؤ والتخاذل والعجز.

إنه قدر الصحفيين والإعلاميين فى إظهار الحقائق وتوثيق الجرائم الصهيونية ونقل الصورة التى ساهمت فى صحوة ضمائر شعوب العالم الحرة التى خرجت فى مسيرات ومظاهرات تطالب حكوماتها بالضغط على إسرائيل لوقف جرائمها ومجازرها.

لن تنجح إسرائيل فى إسكات صوت الحقيقة، فالإعلام الحر مستمر رغم الثمن القاسى فى توثيق إجرام العدو الإسرائيلى ونقله للعالم لإدانته وفضح جرائمه. ولن تذهب تضحيات الصحفيين هباء. وسوف ينتصر الحق على الباطل مهما طال الزمن.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة