يقترب الشهر الثالث عشر من نهايته، وتتصاعد الحرب ويسود المعسكر المتطرف فى إسرائيل، وبالرغم من ظهور فرص للسلام فإن هذه الفرص تتراجع، مثلما تتراجع احتمالات اتساع الحرب الشاملة إقليميا، وهو ما يجعل الحرب هى حرب نتنياهو والمتطرفين فى كل الجبهات، الذين يرفضون كل فرصة لوقف الحرب، ولا مانع لديهم من اتساع الصراع إقليميا، فى مواجهة مساع متعددة لوقف الحرب، تقودها مصر وقطر، بينما الطرف الثالث الولايات المتحدة فى موقف منحاز يضاعف من احتمالات إطالة الصراع، ويخفض من فاعلية محاولات وقف الحرب، حيث يعد الدعم بهذا الشكل سابقة فى تاريخ الدعم الأمريكى، مع العجز عن تمرير قرار وقف الحرب من مجلس الأمن على مدى شهور.
ويستغل بنيامين نتنياهو الانتخابات الأمريكية لممارسة أكبر قدر من الابتزاز السياسى، وبالرغم من تراجع التهديدات من جنوب لبنان، وتأكيد إيران على عدم توسيع الصراع، ومع هذا يواصل الحرب بمزاعم وجود تهديد وجودى ضد الاحتلال، ويصدر نتنياهو صورة مظلومية، ضمن مفارقة أن الاحتلال يقتل وهو يشكو من الهجمات، ويضخم من عمليات دفاعية تقوم بها المقاومة، ومنها تدمير دبابات أو مركبات، بينما يواصل الاحتلال حصار وقصف المستشفيات والمراكز الطبية، ويقبض على الأطقم الطبية، بزعم أنها تأوى مقاتلين، وهو ما يضاعف من خسائر المدنيين والمرضى، ويوظف الاحتلال بيانات المقاومة لمزيد من الحصار والقصف وضرب المخيمات والمراكز المختلفة للإيواء.
مصر حرصت من البداية على التمسك بثوابت فيما يتعلق بحقوق الفلسطينيين، ورفض التهجير لخارج الأراضى، وتسعى مع أطراف إقليمية ودولية للتوصل إلى وقف الحرب، وتم تقديم أكثر من مبادرة، وأيضا التواصل مع كل الأطراف بهدف إنهاء الحرب وإبرام صفقات لتبادل المحتجزين والأسرى.
وخلال لقاءاته واتصالاته مع الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون أو مع ممثلين عن أحزاب أوروبية، يؤكد الرئيس السيسى على ضرورة تضافر جهود الأطراف الدولية، بما فى ذلك الاتحاد الأوروبى، للدفع بقوة فى اتجاه التهدئة ووقف إطلاق النار بغزة ولبنان، وإنهاء الاعتداءات فى الضفة الغربية، والإنفاذ الكامل والفورى للمساعدات الإغاثية، ويعتبر أن حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفقا لمرجعيات الشرعية الدولية، هو سبيل تحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة.
وتستمر مصر على مدى الشهور الماضية فى التواصل والتقاطع مع كل الأطراف، وطرح مشروعات لهدنة مؤقتة، تتلوها هدنة دائمة، وبالرغم من موافقة الأطراف الفلسطينية، فإن تيار التطرف والحرب فى الاحتلال يواصل مناوراته للالتفاف حول المبادرات، وذلك لإطالة أمد الحرب وتحقيق مكاسب فى جنوب لبنان وغزة، وفرض واقع على الأرض، حيث يعلن تطبيق خطط فى جنوب لبنان، والتحرك تجاه مخازن ونقاط سلاح بناء على ما يزعم أنه معلومات استخبارية، كما يواصل عدوانه على غزة، وتهجير الفلسطينيين بين الشمال والجنوب، وقتل المزيد من الأطفال والنساء، حيث تجاوز عدد الشهداء 45 ألفا أغلبهم من الأطفال.
وبينما تتواصل مساعى مصر وأطراف إقليمية ودولية لوقف الحرب، التى تمثل تحولا واضحا فى سجل المواجهات، والعدوان الإسرائيلى، الذى استمر لأكثر من عام، على عكس تحليلات سابقة، ترى عدم قدرة الاحتلال على الحرب لأكثر من عدة شهور، لكن طول أمد الحرب بسبب استمرار الدعم الأمريكى الذى يعوض خسائر الاحتلال، والمعونات التى تضخ فى شرايين الاقتصاد الإسرائيلى، وتمنعه من الشلل، بالرغم من حجم الخسائر التى تتوالى على مدى الشهور وتشل عجلات الاقتصاد.
الشاهد أنه على الأطراف المختلفة أن تعيد قراءة هذه الحرب، التى تمثل تحولا وتتطلب تغييرا فى تكتيكات وسياسات التعامل من قبل الفلسطينيين باتجاه وحدة أصبحت ضرورية وليست اختيارا، وإنهاء التشتت الفلسطينى الداخلى، ليكون هناك سياق جديد أكبر من أن يديره طرف واحد، وهو ما تسعى له مصر قبل الحرب، بجانب حرصها على إنهاء الحرب والحصار ودخول المساعدات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة