عصام محمد عبد القادر

الأحزاب السياسية.. الغايات والمسئوليات

الأربعاء، 30 أكتوبر 2024 12:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تُعد الأحزاب السياسية أحد المسارات الرئيسة لتحقيق التنمية الشاملة في مجالاتها المختلفة؛ لكونها من القنوات الشرعية التي يستطيع الفرد والجماعة من خلالها دعم الدولة لبلوغ غاياتها الكبرى، وعبر بوابة تلك الأحزاب تعضد الديمقراطية والحرية المسئولة التي تبني وتدفع للأمام وتزيل كافة التحديات والصعوبات والمعوقات التي تقف حجر عثرة حيال الوصول إلى التنمية المستهدفة في ضوء استراتيجية الدولة ورؤيتها الطموحة، ومن خلالها يتم التواصل الفاعل مع كافة الجهات التشريعية والتنفيذية بالدولة.

وتستوعب الأحزاب السياسية كافة شرائح المجتمع وتعمل على توجيه الطاقات في الاتجاه الذي يدفع بعجلة التنمية ويرسخ القيم المجتمعية النبيلة ويساعد في تدشين تنظيمات فاعلة تخدم كافة فئات المجتمع، وتحرص على تنمية الوعي السياسي عبر ما تمارسه من فعاليات مخططة ومقصودة بواسطة برامج تسعى دومًا إلى تحديثها كي تلبي الاحتياجات والمتطلبات وتتواكب مع كافة المتغيرات على الساحتين المحلية والعالمية ومن ثم تتناغم مع التطور الجارف للعالم الرقمي.

وتؤدي الأحزاب السياسية دورًا فاعلًا في التوعية السليمة تجاه ماهية الدولة وأهميتها، ومن ثم تعمل على تعزيز قيم الولاء لقائد المسيرة ورموز الدولة الوطنية، وتعضيد قيمة الانتماء للوطن؛ حيث إن الولاء والانتماء قيمتان لا تنفكان عن بعضهما، ومن خلالهما تحدث التنمية والبناء والنهضة، وفي خضم المعنى العميق لهما يستطيع المجتمع أن يصون مقدراته ويحافظ على عزته وكرامته ويحيا حياة مليئة بالتفاؤل نحو مستقبل ترسمه أفعاله وعقيدته، نحو فلسفة المواطنة الصالحة.

وحري بالذكر أن العمل الحزبي يقوم على مبادئ وقيم تُعد موجهات رئيسة في أجندة الأحزاب السياسية؛ حيث تؤكد على أنه لا تمييز بين الأفراد إلا في ضوء معايير العمل والكفاءة؛ فالفرص متاحة للجميع، والآليات متوفرة لمن يرغب في توظيفها، ومن ثم فإن التدرج في المكانة الحزبية يقوم على الكفاءة لا على المجاملة؛ كي يتأصل لدى منتسبي تلك الأحزاب العطاء المستمر والعمل المتواصل دون كلل أو ملل.

وبما لا يدع مجالًا للشك فإن نجاح العمل الحزبي وضمان تحقيق ثمرته اليانعة يتوقف على ممارسة المنهج العلمي في تناول ما يواجهه من قضايا ومشكلات تهم المجتمع بكل طوائفه وفي مختلف المجالات والمسارات، ما يؤكد على ضرورة فهم المتغيرات المجتمعية من منظور الواقع وليس التنظير، وأن الحلول تقوم على استيعاب كافة المدخلات والعمليات والمخرجات، ومن ثم نتمكن من رصد الفجوات، ونعمل على تقليصها، واقتراح حلول مستدامة لها تتناسب و طبيعة المجتمع.

ويترتب على تلك الممارسات أن يصبغ عمل الأحزاب بصبغة واقعية؛ فعبر اندماج ومعايشة منتسبي الأحزاب السياسية لقضايا وتحديات المجتمع والمساهمة في تناولها والعمل على حلها يحدث ما نسميه التوأمة بين الكيانات الحزبية والمجتمع، وهنا نستطيع أن نصف ذلك بأنه تنامي إحساس الفرد بما يمر ويشعر به مجتمعه وما يتطلع إليه وما يتبناه من رؤى طموحة تلبي احتياجاته وتفي بمتطلباته المشروعة والمتجددة سواءً أكانت أساسية أم غير أساسية وصولا إلى تحقيق الرفاهية.

وأرى أن العمل الحزبي يستوجب على الفرد أن يكون لديه رغبة ومقدرة على العطاء والبذل، وأن تكون طاقته متجددة ولديه جرأة في الطرح والتناول والممارسة، وهذا بالطبع ما يجعله شغوفا نحو تحقيق الهدف المنشود، ومن ثم يتطلع للعمل الريادي الذي تقوم فلسفته على التفكير لا التقليد، والتنظيم لا العشوائية، والتطبيق لا التنظير، وهذا ما يجري تفعيله في البلاد الديمقراطية التي جعلت من العمل الحزبي السياسي أداة فاعلة في تقدم البلاد بكافة مجالاتها.

ونود الإشارة إلى أن العمل الحزبي يجعل منتسبيه والقائمين عليه يتحملون المسئولية سواءً فيما يتعلق بالمشاركة الحقيقية في قضايا الوطن والسعي الدءوب نحو تلبية المتطلبات والاحتياجات، أو المسئولية تجاه الحفاظ على الوطن، وصون مقدراته، والعمل المتواصل والجاد لنهضته، ورفع رايته بين مصاف الدول في ضوء التحديات التي تواجه المسار التنموي بتنوعاته المختلفة.

ورغم تعدد الأهداف والمسئوليات للأحزاب السياسية؛ إلا أن معتقدي أن النجاح يتوقف على مدى ممارسة منتسبي تلك الأحزاب لمهارات النقد البناء وفق معايير الاتزان والتعقل في الطرح، مع تحمل المسئولية بتقديم البدائل والرؤى التطويرية؛ فمن وجهة نظري المتواضعة أن المعارضة لم تشرع من أجل المعارضة، بل لتحديد أو حصر أو الإشارة إلى السلبيات، ومن ثم العمل على إيجاد حلول أو مقترحات تُسهم في تلافي هذه السلبيات وتعزيز الإيجابيات، ما يعطي مصداقية وقبول لدى الطرف الآخر.

ودعونا نذكر بأن الاهتمام الحزبي ينبغي أن يتضمنن الإيجابية والتفاؤل التي تساعد على قدح الأذهان ومن ثم تقدم لنا الحلول والبدائل التي تساعد مؤسسات الدولة في تحقيق غاياتها المنشودة بما يؤدي إلى الاستقرار المجتمعي واستمرارية النهضة والإعمار؛ فلا مجال لسياسة تصيد الخطأ أو العمل الممنهج حيال تضخيمه؛ فنحن في حاجة ماسة للتضافر والترابط والاصطفاف خلف وطن وقيادة سياسية تعمل ليل نهار من أجل رفعة البلاد وتقدمها وازدهارها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة