وقفة تأمل وسط الكثير من التحليلات الاقتصادية الهامة للآثار الاقتصادية المحققة على المدى القريب وعلى المدى البعيد لواحد من أهم مشروعات التنمية المستدامة والتنمية الاقتصادية والسياحية في العالم، ويأتي على قمة أهم مشروعات الاستثمار الخارجي المباشر في منطقة الشرق الأوسط وقارة أفريقيا خلال العقد الأخير، وهذا طبقا لآراء موثوقة ومحايدة من كبرى المؤسسات الدولية الاقتصادية.
و المشروع الذي قد يعد الأضخم تمويليا من الناحية الاقتصادية يعتبر نقطة تحول حقيقية أنقذت الاقتصاد المصري ، فقد ساهم في تخفيف العبء الاقتصادي والتحديات التي خلفتها أزمة السيولة الدولارية وانعكاستها على مختلف القطاعات وأيضا ساهمت في ارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية أثرت على كافة نواحي الحياة اليومية للمواطن المصري الذي كان يئن من ارتفاعات قياسية ومتتالية لأسعار كافة السلع والخدمات، كما أن المشروع سيكون له أثر كبير في تعزيز الناتج المحلي المصري من خلال الآثار المباشرة وغير المباشرة في قطاعات المقاولات والتطوير العقاري والصناعة واللوجستيات والتكنولوجيا و السياحة وغيرها، وسيؤثر إيجابيا في انخفاض معدلات البطالة حيث سيستوعب حوالي مليوني فرصة عمل، وهو ما جعل العديد من الخبراء العالميين يتوقع نظرة مستقبلية متفائلة للاقتصاد المصري.
و مع كل التقدير لكل التحليلات الاقتصادية والإشادات المحلية والعالمية يتبقى أن هذا المشروع الطموح يرسل للعالم أجمع العديد من الرسائل الهامة والتي تعزز اسم ومكانة مصر التي تستحقها.
أولا: وسط كل التحديات الاقتصادية العالمية ووجودنا في منطقة ملتهبة تؤثر بالقطع على خطط وطموح مصر التنموي، إلا أن رأس الحكمة تؤكد للعالم أجمع أن مصر لديها مقومات وفرص واعدة للاستثمار والشراكات الاقتصادية الناجحة لكافة الأطراف، وقطعا سيتبعه مشروعات مماثلة تستلهم من نجاح تلك الشراكة الاستراتيجية.
ثانيا: اقترانا بماسبق ومن وجهة النظر الجيوسياسية فإطلاق مشروع تنموي واقتصادي ضخم يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن مصر تبقى بقعة آمنة من العالم رغم ما يحيطها من ظروف وقلاقل سياسية وعسكرية.
ثالثا: انطلاقا من فلسفة وعقيدة مصر بأن هناك يد تبني ويد تحمي، فكان حفل الإطلاق الرسمي خلال احتفالات أعياد أكتوبر المجيدة والذي يؤكد أن مصر برجالها مستعدة في كل ثانية أن تحمي ترابها، وغير غافلة عن مشروعها وحلمها التنموي من أجل شعبها و مواطنيها.
رابعا: يرسخ هذا المشروع العظيم لمفهوم الأخوة والشراكة الاستراتيجية والتعاون المشترك مع الشقيقة الإمارات العربية ومن منطلق وفلسفة مصالح الشعبين الشقيقين، وهو مايشجع الأشقاء الآخرين ويقدم لهم النموذج الأمثل للتعاون المستدام.
خامسا: في النهاية هو استثمار أجنبي، ومن منطلق التحليل الواقعي، فالمستثمر يدرس مشروعاته من كافة الأوجه الاقتصادية والسياسية والتسويقية قبل الإقدام عليها، وبالتالي فإن مشروع رأس الحكمة سيكون حافزا ومشجعا وسيفتح الباب أمام مستثمرين دوليين آخرين لدراسة الفرص الاستثمترية المتاحة في مصر تباعا وخاصة عندما يكون للمستثمر الحالي سمعة دولية و إقليمية معتبرة.
سادسا: يؤكد هذا المشروع للعالم أجمع أن مصر ماضية في خططها للخروج من الوادي الضيق لتستفيد من كل ما حباها الله به من موقع جغرافي متميز وسواحل لا مثيل لها من أجل تنمية مستدامة وحلول اقتصادية غير نمطية.
سابعا: سياحيا، ستنضم رأس الحكمة للمشروع القومي الطموح لتنمية الساحل الشمالي امتداد من العلمين إلى السلوم ليشكل نقاط جذب عالمي سياحي جديدة بأنماط سياحية متنوعة ستسهم في تغيير الخريطة السياحية الإقليمية وتساعد في تحقيق رؤية مصر السياحية باستقطاب 50 مليون سائح، وهو ما نستحقه و أكثر.
ثامنا: يعزز هذا المشروع الضخم من سمعة مصر الدولية، ويعزز علامتها التجارية الوطنية بشكل إيجابي وهو ما يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على العديد من العلاقات المصرية الدولية في كافة القطاعات.
تاسعا: تعزز تلك الصفقة الكبرى ثقة المؤسسات الاقتصادية الدولية والإقليمية في الإدارة المصرية للتعامل مع تحديات الاقتصاد المصري وقدرتها على تحقيق مخططاتها التنموية والاقتصادية وتقديمها لحلول تنموية مستدامة.
وفي النهاية لابد من توجيه الشكر والتقدير للقيادة السياسية، ولكافة التنفيذيين على هذا الإنجاز الاقتصادي العظيم، وإنجاز تلك الصفقة الهامة والحيوية لمصر ومستقبلها من منطلق شراكة استراتيجية مع الأشقاء.