واحد من أكثر العصور تطرفًا في التاريخ كان القرن الثالث الميلادي، والذي عرف بعصر الشهداء، اشتهر عهد دقلديانوس باضطهاد المسيحيين (الأقباط) منذ أواخر القرن الثالث بعد الميلاد، على نحوٍ فاقَ كل ما أصابهم من قبل، وسُمي عهدُه "عصر الشهداء"؛ لكثرة من استُشهد فيه من المصريين المعتنقين للمسيحية.
ووفقًا لكتاب "تاريخ الحركة القومية في مصر القديمة: من فجر التاريخ إلى الفتح العربي" لـ عبد الرحمن الرافعي، وحين تولى الإمبراطور دقلديانوس عرش روما سنة 284 ميلادية شنَّ على المسيحيين (الأقباط) اضطهادًا دام نحو عشرين عامًا قاست فيها مصر الشدائد والأهوال، واستشهد خلالها الألوف من المصريين المسيحيين (الأقباط).
ويوضح الرافعي، جعل الأقباط بداية التقويم القبطي سنة 284م، وهي السنة التي بدأ فيها حكم دقلديانوس، وسمي عهده بحق عصر الشهداء، وتخليدًا لذكرى أولئك الشهداء، جعلوا التقويم يبدأ بالسنة التي بدأ فيها هذا الاضطهاد الشديد، وقد كان تمسُّك المصريين المسيحيين (الأقباط) بعقيدتهم من ضروب المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الروماني.
قال المؤرخ المقريزي عن اضطهاد دقلديانوس للأقباط ما يلي: "إنه أوقع بالنصارى فاستباح دماءهم، وغلَّق كنائسهم ومنع من دين النصارى، وحمل الناس على عبادة الأصنام، وبالغ في الإسراف في قتل النصارى" إلى أن قال: "وكانت واقعته بالنصارى هي الشدة العاشرة وهي أشنع شدائدهم وأطولها؛ لأنها دامت عليهم مدة عشر سنين لا يفتر يومًا واحدًا؛ يحرق كنائسهم ويعذب رجالهم ويطلب مَن استتر منهم أو هرب ليُقتل، يريد بذلك قطع أثر النصارى وإبطال دين النصرانية من الأرض؛ فلهذا اتخذوا ابتداء دقلديانوس تاريخًا".
هذا، وقد كان لاضطهاد الرومان للمصريين أثره في ارتياحهم للفتح العربي سنة 640–642م، إذ رأوا مِن عدلِ العرب وتسامحهم الديني، ما جعلهم يتقبَّلون هذا الفتحَ كمنقذ لهم من اضطهاد الرومان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة