وسط الاحتفال بالذكرى الـ51 لانتصارات أكتوبر والعبور، تقف مصر لتعلن امتلاكها القدرة على حفظ التوازن، وأن هذه القوة التى تتوفر للقوات المسلحة، هى قوة رشيدة لحماية الأمن القومى وليس للتهديد أو الاعتداء، وليس هناك من يمكنه الحديث عن السلام سوى من جرب الحرب والصدام، وحقق انتصارات كبرى، وهو الجيش المصرى، الذى لم يتأخر عن القيام بمهامه فى حفظ الأمن القومى والحدود على مدى عقود، وتمزج مصر بين امتلاك القدرات الأعلى فى تسليح والردع، مع التمسك بالسلام كخيار يقوم على القوة والتوازن.
لم تتوقف مصر على مدى عام كامل عن بذل الجهود لوقف العدوان الإسرائيلى على غزة، واستمرار إرسال المساعدات، والتواصل مع أطراف إقليمية ودولية لوقف العدوان، وتم إقرار الهدنة الأولى والوحيدة، كما تصدت مصر بخطوط حمراء لمخططات التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية، ومنع اتساع الصراع إقليميا، مع حزب الله أو إيران، وتتمسك مصر والرئيس السيسى بأنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
وسط احتفال مصر بالذكرى الـ51 لانتصارات أكتوبر والعبور العظيم، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى فعاليات تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثانى الميدانى فى الإسماعيلية، وفيلما تسجيليا بعنوان «جيش النصر»، استعرض تاريخ نشأة الجيش الثانى الميدانى، وهو من أقدم التشكيلات التعبوية، وكلف منذ نشأته فى 7 ديسمبر 1967 بحماية الشمال الشرقى للبلاد، وخاض معارك الصمود بعد حرب يونيو وشارك فى حرب الاستنزاف، فضلا عن دوره الكبير فى عبور القناة واجتياح خط بارليف وإسقاط الحصون عام 1973.وتضمن شهادات القادة الإسرائيليين الذين شاركوا فى حرب 1973، عن بطولات رجال الجيش الثانى الميدانى فى المعركة، وسلط الفيلم الضوء على الدور الذى خاضه الجيش فى تأمين الأهداف الحيوية بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ودوره فى محاربة الإرهاب فى سيناء واقتلاع جذور الإرهاب.
تضمن التفتيش تفاصيل الجاهزية والاستعداد والتحديث فى القوات المسلحة المصرية عموما والفرقة السادسة المدرعة، وأبرز الأسلحة التى تمتلكها، فى القوات البحرية الهجومية والدفاعية وأيضا الدفاع الجوى، والقاذفات، وكشفت عن تنويع واسع فى مصادر التسليح، والتحديث على أعلى مستوى بما يعكس عملية تحديث القوات المصرية فى كل الاتجاهات، ما يضع الجيش المصرى فى مرتبة متقدمة وقدرات هائلة بفضل التحديث المستمر على مدى سنوات، وحرص الرئيس عبدالفتاح السيسى على استمرار التحديث بشكل متسارع، وقد تضمن التفتيش استعراضا ليس فقط للأسلحة المتنوعة، لكن أيضا التحديث التقنى والعالى المستوى للاتصالات والتعامل الدقيق، وهو ما يضاعف من قدرات التحديث داخل القوات المسلحة.
وهذه الجاهزية والقدرة تضع الجيش المصرى بين أقوى جيوش المنطقة والعالم، ومع هذا فهو جيش رشيد يحمى، لا يهدد ولا يعتدى، ومعنى هذا أنه جاهز للحرب والسلم، ومستعد دائما لحماية الأمن القومى بكل كفاءة، وأن القوات المسلحة التى حققت المعجزة فى العبور قبل 51 عاما، لا تزال على العهد فى الاستعداد والجاهزية والتحديث الذى يحقق الردع ويحفظ الاستقرار وتوازن القوى فى إقليم مضطرب.
ومن هنا فإن تفتيش الحرب هو نفسه رسالة بالقدرة، وفى نفس الوقت رسالة سلام تقوم على الردع وتوازن القوى، وهو ما أشار إليه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كلمته، التى أكد فيها أن مصر حققت النصر فى أكتوبر 1973 رغم فارق الإمكانيات، بالإرادة والرؤية العبقرية التى سبقت عصرها، وحققت لمصر السلام حتى الآن، بفضل أهمية الرؤية الثاقبة لقيادة الدولة خلال الحرب وما تلاها والتى تجاوزت عصرها وظروفها وحالة المنطقة آنذاك، وقاتلت وانتصرت وسعت من أجل استعادة الأرض وتحقيق السلام، وهو خيار استراتيجى، والحرب هى الاستثناء، والسلام والبناء والتنمية هى الأساس، وأن القوات المسلحة دورها هو الحفاظ على أراضى الدولة وحماية حدودها.
وجدد الرئيس السيسى التأكيد بأن مصر تسعى على مدى عام كامل لوقف الحرب فى غزة، وعودة الرهائن، وإدخال المساعدات لرفع المعاناة عن أكثر من مليونى مواطن فلسطينى، بجانب سقوط أكثر من 40 ألف ضحية، أغلبهم من الأطفال والنساء، وأكثر من 100 ألف مصاب، بجانب حجم الدمار فى البنية الأساسية، والمستشفيات والمدارس ومحطات المياه والكهرباء والمساكن.
وجدد الرئيس السيسى التأكيد على أن مصر تواصل دورها لوقف الحرب، وبعد انتهاء الحرب، الخيار هو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، لوضع نهاية للصراع والكراهية، وأعاد التذكير بتجربة مصر التى تمثل درسا مهما.
لقد كان تفتيش الحرب مناسبة لتجدد مصر رسائلها، أن القوة ليست وحدها القادرة على تحقيق السلام، وأن القدرة لا تعنى الاعتداء والقتل، وإنما السلام هو ما يصنع الاستقرار، وهى رسائل من واقع خبرة مصر حربا وسلما.