تُساهم التكنولوجيا الحديثة - إلى حد كبير - فى كثير من مناحى الحياة التى تُحيط بنا فى حياتنا اليومية، فمنها ما يكون إيجابيا، وبالتأكيد منها ما يكون سلبيا، فبطبيعة الحال أى من الأدوات التكنولوجية يُمثل سلاحا ذا حدين، فهو جيد إذا صحّ استخدامه، ومُسبب لكثير من الضرر إذا أسىء هذا الاستخدام.
هذا ما يحدث على مدار سنوات فى ظل ما نعيشه من عصر رقمى، تحول فيه الكثير من المجالات إلى العالم الافتراضى، عبر الإنترنت، ولعل السوشيال ميديا، باتت واحدا من أقوى أسلحة العصر فى حروب المعلومات، والتى تتحكم بشكل كبير فى الرأى العام، بما يُمكنها من تأليبه أو توجيه بوصلته إلى توجهات مُستخدِم هذا السلاح.
استخدام الشائعات عبر السوشيال ميديا، واحد من أخطر الأسلحة التى تُواجهها مصر فى السنوات الأخيرة، فبات المستخدمون أمام كم هائل من المعلومات المتضاربة هنا وهناك، بين أطراف مجهولة وأخرى رسمية تُحاول جاهدة تصحيح الأخطاء التى يتم تداولها، إلى حد أن التمييز بين الأخبار الصحيحة ونظيرتها «المضروبة» أصبح صعبا للغاية، خاصة فى ظل صعوبات تواجه المواطنين فى حياتهم اليومية، تجعل من كل فرد سلاحا يُمكن استغلاله عبر السوشيال ميديا، دون أن يعلم هو ذاته أنه أصبح ترسا فى منظومة تُوجه طلقاتها إلى أمن الوطن، واستقراره.
لعل توجيه رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى - خلال الاجتماع الأسبوعى للحكومة يوم الأربعاء الماضى - بضرورة مواجهة المسؤولين بما يُثار على منصات وسائل التواصل الاجتماعى، وشرح الحقائق للمواطنين، مؤكدا أن هذا الأمر فى صميم عمل الحكومة ودورها، حتى لا يتم ترك المجال للشائعات للانتشار، وهو ما يُهدد السلم الاجتماعى بشكل كبير، يضعهم أمام مسؤولية وتحد حقيقى.
وبالتالى فإن المسؤولين المعنيين فى الوزارات المختلفة التى تتعرض لمثل تلك الشائعات أمام تحد كبير، ربما لا يتوافق مع عملهم القائم على الدراسة والمتابعة والتوجيه حتى يكتمل عملهم بشكل جيد، كلٌّ فى مجاله، بينما يختص الأمر بفكرة القدرة على الاتصال الحكومى، وهو ما يعنى قدرة الحكومة على التواصل على المستوى المحلى مع المواطنين، وأيضا الخارجى، وربما يتطلب الأمر تخصيص وحدة أو جهاز للقيام بهذه المُهمة، بدلا من تشتيت الجهود بين الوزارات، بما سيؤثر بالتأكيد على جودة القيام بهذا العمل، الذى يتطلب مجهودا كبيرا ومُنظما، من قبل متخصصين لديهم قدرات وخبرات فى متابعة السوشيال ميديا أولا بأول، والتواصل مع الجهة المسؤولة عن موضوع الشائعة، ومن ثم القدرة على تهيئة الردّ السريع القائم على الشفافية والمهنية والعلم، ما من شأنه إنهاء الشائعة قبل انتشارها بشكل واسع وتحُولها إلى قنابل موقوتة يصعب إيقافها، حتى لو تم الردّ عليها فيما بعد، كما يُمكن أن تشمل هذه الوحدة التنسيق بين المتحدثين الإعلاميين للوزارات المختلفة، حتى يكون العمل على قدم وساق وليس متفرقا، حتى يكون أقوى تأثيرا، بما يتناسب مع حجم التطور الإعلامى فى ظل العصر الرقمى.
ولا يتوقف الاتصال الحكومى على فكرة الردّ على الشائعات، وإنما هو أيضا فتح قنوات للتواصل بين الحكومة والمواطنين، للحوار الدائم، وحل المشكلات وأيضا تبنى الأفكار الخلاقة والمُبدعة، وهو ما يُمكن أن تُشرك الحكومة فيه وسائل الإعلام وعددا من المؤسسات والمنظمات المجتمعية والخيرية إلى جانب الشباب المتطوعين، بما يدعم المسؤولية الاجتماعية لهذه المؤسسات، وأيضا المؤسسات الحكومية، ومن ثم دعم السلم والاستقرار الاجتماعى، بما يضمن إعلاء الوعى لدى المواطنين والتكاتف الشعبى فى وجه الأزمات والتحديات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة