مها عبد القادر

القمة العربية الإسلامية الاستثنائية وقوة الرسائل الموجهة

الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024 05:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يشهد العالم ومنطقة الشرق الأوسط في وقتنا الحالي، صراعات عسكرية متتالية تؤدي إلى عدم الاستقرار وغياب الأمن والأمان، وتفقد معه الدول سيادتها وتنتهك أراضيها وتنهب مقدراتها ويفقد الإنسان كل ملاذ آمن له ويصبح لاجئ بواطنه؛ لذلك تعتبر النزاعات والحروب من أكثر الأحداث المدمرة والمأساوية التي تؤثر على حياة الإنسان والمجتمعات، ويصاحبها أوضاع يصعب علاجها ولا تقبلها الإنسانية، وتنافي العقل من أعمال القتل والتهجير والتلوث البيئي والتدهور اقتصادي وتدمير الأوطان والبني الفوقية والتحتية، وانعدام الأمن والاستقرار، وانتهاكات صارخة لجميع حقوق الإنسان والقيم وما أقرته ونادت به جميع الشرائع السماوية وكذلك القوانين الدولية، ففي النهاية الجميع خاسر، ومن ثم تتحول المعتقدات والاتجاهات والقوانين في الاتجاه السلبي لها، ولا تترك سوى اليأس والكراهية والاستياء والرغبة المتزايدة في الانتقام التي تتوارث عبر الأجيال.


ويعتبر انعقاد القمة العربية والإسلامية الاستثنائية في هذا الوقت، انعكاسًا للموقف الموحد والمفعم بالأمل للوحدة، والتحالف القوي للدول العربية والإسلامية في مواجهة العدوان الإسرائيلي بكلًا من غزة ولبنان وما نتج عنه من توسع الصراعات في الشرق الأوسط، التي تلقي بظلالها وآثارها المدمرة علي كل المنطقة بل يتأثر بها المجتمع الدولي بأكمله، كما أكدت القمة علي إكمال عملية الأمن والاستقرار والتنمية في كافة بلداننا؛ وهذا يتطلب منا الموقف الواحد الموحد إزاء إنهاء الانتهاكات وممارسات اللاإنسانية للعدوان الإسرائيلي الغاشم في غزة ولبنان، والتأكيد على الجوانب الإنسانية والإغاثية، إذ أن المعاناة التي يعيشها الشعبان الفلسطيني واللبناني غير مقبولة علي كافة المستويات ومن كل إنسان صاحب ضمير حي.


والدولة مصر، بتاريخها العظيم والمشرف وموقعها الاستراتيجي، وعلاقاتها الوثيقة مع الأطراف الفلسطينية، دور الرئيسي كوسيط تواصل العمل على تهدئة الوضع ووقف العدوان والإبادة الجماعية التي يمارسها العدوان الإسرائيلي الغاشم في غزة ولبنان، كما تسعى إلى التنسيق ووحدة الجهود العربية والإسلامية، وضمان صوت إسلامي عربي موحد يؤكد للمجتمع الدولي وحدة الصف والكلمة والموقف، مما يعطي الفرصة للتأثير على القرارات الدولية، ودعوة أخيرة لقيام الدول الكبرى والمجتمع الدولي بدوره المسؤول وعودة للالتزامات واحترام القوانين الدولية والإنسانية واحترام سيادة الدول؛ حتي لا تسود شريعة الغاب.


وانطلاقا من دور مصر الحيوي بالمنطقة أكد سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته بالقمة العربية الإسلامية الاستثنائية، على أنه لا تهاون بشأن العدوان الإسرائيلي المدمر للبنان الشقيقة والمنتهك لسيادة أراضيها وآمن مواطنيها وتدمير مدنهم ومنازلهم بمبررات غير مقبولة، وكذلك القضية الفلسطينية التي يعمل الكيان الصهيوني بصورةٍ ممنهجةٍ على تصفيتها؛ لتهجير أهل غزة من موطنهم لدول الجوار، وهذا أمر يرفضه كل عربي حر ينتمي للعروبة؛ فقد بات تصفية القضية الفلسطينية محالٌ، وهنا نستقرئ رسالة فحواها قوة الموقف العربي الإسلامي وثبوت ورسوخ المقدرة على التنفيذ، وهي رسالةٌ قويةٌ موجهةٌ للعالم بأسره بأن مصر وقيادتها الرشيدة وجميع الدول العربية والإسلامية لن يفرطوا أو تلين عزيمتهم وأرادتهم لتحقيق الاستقرار بالمنطقة والحفاظ على سيادة الدول وأمنهم بأوطانهم، ولأهمية هذا الأمر حصلت القيادة السياسية المصرية بالقمم السابقة على تفويض من الشعب المصري الواعي ومؤسسات الدولة قاطبة بشأن اتخاذ ما يلزم من قراراتٍ وإجراءاتٍ لحماية أمن الوطن وأمن الدول العربية والمنطقة بأسرها.


ومن الرسائل الموجهة كذلك في كلمة السيد الرئيس أن هناك تجديد لتدشين الخطوط الحمراء للقضية الفلسطينية والعدوان على لبنان وسلامة المنطقة من الصراعات المفتوحة التي لا تنتهي، بل تتزايد آثارها التي لا تُحمد عقباها، وهذا يؤكد على أن مصر وقيادتها وشعبها يتمسكون بالعقيد الراسخة بأم القضايا وحماية جميع دول المنطقة التي تود وتحاول إسرائيل وكثير من الدول المعاونة والداعمة لها بقوة أن تقضي عليها ومن ثم تطمس هوية الأمة العربية بأكملها.


وثمة رسالة مهمة تخص المجتمع الدولي وخاصة أمريكا والدول الغربية الداعمة والمعاونة للعدوان الإسرائيلي، وموقفهم الصادم للعقل الجمعي تجاه ازدواجية المعايير والكيل بمكاييل مختلفة حسب المصلحة، والحيد عن العدل والمساواة وتحقيق السلام والتعايش السلمي؛ إذ تنادي تلك الدول بشعاراتٍ عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليس لها مكانٌ على الأرض خاصةً لو تعلقت بالشعوب العربية، وهنا يكشف المجتمع الدولي عن الوجه القبيح وخبث النوايا، ومن ثم ندحض بكل ثقةٍ شعاراتهم المزيفة، وندعو إلي الوعي بما يحاك لنا وضرورة الوحدة والاصطفاف للحافظ على بلادنا ومنطقتنا من الفتن والنزاعات والحروب، ونلتف حول قادتنا، ونبذ دعوات الخروج عن النظام لأي سببٍ من الأسباب؛ فتدمير الأوطان ضرائبه فادحة.


وفي إشارة واضحة لحل الأزمة الراهنة أكد الرئيس على جدية التناول الذي تمثل في رسالة شديدة البيان وفيها خلاصة القول وهي وقف العدوان علي دول المنطقة واحترام سيادة الدول وحقوق المواطنين في عيش حياة أمنه ومستقرة، و "حل الدولتين"، والعمل على تأسيس دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية؛ فقد بات هناك عجزًا دوليًا تجاه إيقاف المجازر الإسرائيلية اتجاه دول المنطقة، كما تم التأكيد بالقوة على أن فكرة التهجير وترك المواطنين لموطنهم وأن يصبحوا لاجئين أبعد ما تكون عن طموحات أي ماكرٌ، أو كائدٌ، أو متآمرٌ، أو عميلٌ، أو خائنٌ للوطن؛ حيث الرفض التام والقاطع لفكرة التهجير القسري اللبنانيين والفلسطينيين أصحاب الأرض والتاريخ، الذين تحملوا على مر عقود المتوالية مرارة العيش والتضييق والقتل وشتى الممارسات التي أقل ما توصف بأنها ضد الإنسانية من قبل الكيان الصهيوني الذي لا يراعي إلاً ولا ذمة.


إن ما يحدث في لبنان والقطاع المكلوم يدل على أن الشعوب العربية أبية صامدة، وهذا له دلالةٌ لا جدال حولها؛ ألا وهي الإدارة والكرامة وقوة التحمل في سبيل صون الأرض والعرض وتحقيق حلم العروبة جمعاء، والحصول على الحقوق المشروعة من سلام أمن واستقرار ووطن مستقل وسيادة للأرض، وهذه الحقوق لا ينكرها إلا الجاحدون الذين يكيلون بمكاييل مطففه، لها حساباتٌ خاصةٌ تصب في مصالحهم بغض النظر عمّا يسفك من دماء وما يزهق من أرواحٍ بريئةٍ تحت القصف والعدوان المتوالي من إسرائيل.


إننا لا نعول على من يدعون ويتشدقون بالحريات، ويشاهدون عمليات القتل الممنهج والترويع الإجرامي، والكوارث التي سببها القصف على الشعب الفلسطيني واللبناني العزل، ويقفون موقف المتفرج المتمسك بمبرراتٍ واهية تحت مسمى حق الدفاع عن النفس، وفي الحقيقة أسقط هذا الأمر الأقنعةً المزيفةً لحكومات المجتمع الدولي المدعي أنه راعي للديمقراطية والحقوق والحريات بالعالم؛ بينما الدور المصري الواحد والقوي والداعم مع سائر الدول العربية والإسلامية واضح الهدف تجاه تحقيق وحدة الصف ودعم السلم والسلام، وتحمل المسؤوليات لنزع فتيل الأزمات في كثيرٍ من الأحداث على الساحة العربية والعالمية؛ فمصر مع دول المنطقة يسعوا لتحقيق السلام العادل والشامل المستند للقوة والحكمة، حفظ الله دولتنا وبلادنا العربية والإسلامية قاطبًة، والهم المجتمع الدولي الرشاد.

----------------------------

أستاذ أصول التربية
كلية التربية للبنات بالقاهرة - جامعة الأزهر










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة