محافظ القليوبية المهندس أيمن عطية أعلن الحرب على النباشين فى القمامة بالمحافظة.. قرار المحافظ جاء بعد جولة مفاجئة يوم الاثنين الماضى لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات بشارع بهتيم بحى شبرا الخيمة، ولاحظ وجود تراكمات قمامة وانتشارها بصورة مخيفة، بما يمثل إساءة كبيرة للمظهر الجمالى والحضارى للحى وعدم الالتزام بقواعد النظافة.
المحافظ قرر "الضرب بيد من حديد" -حسب البيان الصادر- لمنع انتشار القمامة فى شوارع المحافظة وتفعيل الجمع السكنى من أمام المنازل، وتوفير أدوات ومستلزمات النظافة للعمال مع توفير وسائل السلامة والصحة المهنية حرصاً على سلامتهم، ومنع أى تراكمات بالجزر الوسطى، والاهتمام بتشجير الشوارع، والتنسيق مع المرور للعمل على السيولة المرورية للسيارات ومنع الإشغالات على الأرصفة الجانبية.
ما يلفت الانتباه هو توجيه المحافظ لجميع الأجهزة التنفيذية باستمرار حملات القضاء على ظاهرة "النبيشة" ومداهمة أماكن تواجدهم.
الحرب على النباشين فى القليوبية ومن قبلها عدد من أحياء الإسكندرية تعيد فتح ملف كبير وأزمة ضخمة لظاهرة تتسبب فى إهدار مليارات الجنيهات على الدولة، وتسىء إلى الصورة الحضارية وانتشار التلوث فى الميادين والشوارع.. وهى ظاهرة ما زالت تبحث عن حل لوقف نزيف ثروات مصر المهدرة من القمامة التى تؤكد دراسات المركز القومى للبحوث بأنها من أغنى القمامة فى العالم، لكن لا تستفيد منها مصر اقتصاديا علاوة على البعد البيئى والصحي.
بالأرقام.. يقدر حجم إنتاج مصر السنوى من القمامة أكثر من 90 مليون طن، منها 26 مليون طن مخلفات صلبة، أى ما يقرب من ثلث إنتاج مصر من المخلفات، وما يتم تدويره حوالى 20% من الكميات المتولدة.
ويتم تجميع الجزء الأكبر منها بنسبة 58% من مخلفات الشركات العاملة فى القطاع الخاص، ونحو 23% من مخلفات المنازل، و19% من مخلفات القطاع العام. من خلال 3 وسائل لتجميع المخلفات، هى الشركات المرخصة، والطريقة غير الرسمية، وهى "النباشين"، والطريقة الثالثة فى جامعى المخلفات الإلكترونية مباشرة مثل المولات والأماكن التى تجمع المخلفات وفقا لتصنيفها المخصص.
مصر لا تستفيد من قمامتها بسبب السادة النباشين فى حين نجد أن الصين تستورد من مصر أكثر من 12 مليون طن قمامة، نصفها مخلفات بلاستيكية بقيمة 3 مليارات جنيه سنويا، تعيد تصنيعها ملابس رياضية ولعب أطفال، وتصدرها بعد ذلك إلى مصر بأسعار خيالية..!
مئات وربما آلاف النباشين يجوبون الشوارع ونبش صناديق القمامة التابعة للأحياء، بحثا عن المخلفات الصلبة مثل الحديد والصفيح والبلاستيك والمخلفات القابلة للتدوير وإعادة الانتاج مثل الكرتون والزجاج بعيدا عن شركات النظافة والمصانع المتعاقدة مع الحكومة، والتى لا تحصل على أقل القليل من الفرز والمواد الصلبة لتدويرها، فيما يسيطر النباشون على أكثر من 99 بالمائة مع عشوائية الفرز وترك باقى القمامة من مخلفات الطعام والورق فى الشوارع، لتصبح مصدرا للتلوث البيئى ومهددا للصحة العامة.
الناس اعتادت أن ترى النباشين بالعربات الكارو أو التروسيكلات فى الأحياء والشوارع، ويقومون بفرز الصناديق قبل قدوم السيارات التابعة لشركات النظافة الرسمية وترك باقى القمامة بصورة عشوائية وتحويل الشوارع إلى أماكن للتلوث.
الظاهرة تحتاج إلى حل.. والحكومة منذ 10 سنوات تقريبا بحثت من خلال الوزارات المعنية إطلاق منظومة النظافة فى كافة محافظات مصر للاستفادة من هذا "الكنز" المهدر والضائع، ولم تر المبادرة النور حتى الآن دون أسباب واضحة. رغم ما قيل عن رفض النباشين كل محاولات الدمج فى المنظومة بسبب المبالغ الطائلة التى يتحصلون عليها يوميا أو شهريا بعيدا عن المنظومة الرسمية.
الظاهرة تحتاج إلى حل لأنها تعتبر معوقا حقيقيا أمام أية استثمارات جادة فى قطاع رفع القمامة وتدويرها والاستفادة منها، ولا أحد يسعى لقطع أرزاق النباشين التى تساندهم نقابتهم لكن لا بد من حل حقيقى وجذرى لتوفير مليارات الجنيهات وآلاف فرص العمل الرسمية من خلال عشرات المصانع المتخصصة فى تدوير المخلفات، لتحقيق الفائدة الاقتصادية والبيئية والصحية واستعادة المظهر الحضارى للشارع المصري.
والحكومة بالفعل اتخذت خطوات جادة لإقامة المزيد من مشروعات ومصانع التدوير لمواكبة ما يحدث على الساحة العالمية، وللتخلص الآمن من هذه المخلفات بدلاً من تراكمها، وتتحول بالتالى إلى مصادر لانتشار الأوبئة نتيجة لجذب الحشرات والحيوانات الضالة.. علاوة على استغلالها اقتصاديا فى تصنيع منتجات صديقة للبيئة كالأعلاف والأسمدة والأخشاب وغيرها من المنتجات الهامة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة