تعانى أوروبا من دوامة جديدة من ارتفاع أسعار الطاقة ، في ظل استمرار الأزمة مع استمرار الحرب الأوكرانية مع الاستعداد لدخول فصل الشتاء ، وسجلت أسعار الغاز في أوروبا أعلى مستوى في نحو عام ، وتجاوزت مستوى 500 دولار لكل ألف متر مكعب، وذلك للمرة الأولى منذ نهاية نوفمبر 2023، وذلك بالتزامن مع ملء مخزونات أوروبا للاستعداد للشتاء .
وأكدت هيئة تنظيم الطاقة في النمسا أن منشآت تخزين الغاز في البلاد ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى ممتلئة بنسبة تزيد عن 90 %، وذكر بيان للهيئة ، أن حاجة البلاد من الغاز الطبيعي مؤمنة لموسمي الشتاء المقبلين، وذلك بالرغم من الالتزام بتقليل تدريجى لاستيراد الغاز الروسي، وأكدت أنه لن يكون هناك نقص في الغاز في النمسا.
وقالت الهيئة إن الإجراءات العديدة التي تم اتخاذها في النمسا ستضمن تأمين إمدادات الغاز لفصلي الشتاء المقبلين حتى وإن أوقفت شركة " جازبروم " الروسية عمليات التسليم ، وأضافت أنه جاري تزويد النمسا بالغاز الطبيعي السائل عبر ألمانيا وإيطاليا بدلا من الغاز عبر خطوط الأنابيب عبر أوكرانيا.
يشار إلى أن النمسا ودول الاتحاد الأوروبي التزمت منذ وقوع الحرب الروسية على أوكرانيا بإنهاء الاعتماد تدريجيا على إمدادات الغاز الطبيعي الروسي .
وهذا يعني أن أي شيء يحدث في العالم يؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق الطاقة في أوروبا ، وهو ما حدث منذ سنوات مضت في الحرب في أوكرانيا، حيث أن اعتماد أوروبا الوسطى والشرقية في مجال الطاقة على مورد مثل روسيا أدى إلى تغيير جذري في استراتيجية الطاقة الأوروبية.
كما هو الحال بالنسبة للكهرباء ، حيث أن قلة الشمس مع هطول أمطار الخريف وموسم إغلاق محطات الطاقة النووية استعدادًا لفصل الشتاء، تؤدي إلى إحداث فوضى في سوق الكهربا، وبالنظر إلى الأسعار التي تزيد عن 120 يورو لكل ميجاوات في الساعة ، إلا أنها لن تقف هنا بل من المتوقع أن تزيد خلال الفترات المقبلة نتيجة لزيادة أسعار الغاز أيضا.
وهذه المستويات هي الأعلى التي يتم تسجيلها في أوروبا ولم يتم الوصول إلى مستويات الطلب العالية بعد، لذا قد يرتفع السعر في الأسابيع المقبلة مع قدوم الشتاء.
ويجب أن نضيف إلى ذلك الشكوك الجيوسياسية التي حدثت في الأيام الأخيرة، والانقطاع المحتمل لإمدادات الغاز عن بلدان وسط وشرق أوروبا يضغط على الأسعار، وفي هذه البلدان يمكن رؤية أسوأ الأوضاع على النحو الذي هي عليه الآن.
قد يكون لدى ألمانيا 60٪ من مصادر الطاقة المتجددة، ولكن في هذه الأيام وصلت ساعات العمل إلى 800 يورو لكل ميجاوات في الساعة لأن الرياح اختفت واضطرت إلى تشغيل محطات زيت الوقود،ويعني ارتفاع أسعار الطاقة أن الاقتصاد الأوروبي وصناعته سوف يعانيان بشكل أكبر، خاصة وأن أوروبا خسرت سنة كاملة بسبب الانتخابات ، ما تأثيرات واضحة لألمانيا بشكل خاص مع انتخابات مبكرة وخسائر واضحة.
ارتفاع أسعار الطاقة تؤثر على الصناعة الفرنسية
في الوقت نفسه ،تواجه الصناعة الفرنسية، المحرك الرئيسي لثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، تحديات وجودية تهدد مكانتها العالمية، فارتفاع أسعار الطاقة، مدفوعاً بأزمة الطاقة العالمية، يضغط بقوة على هامش الربح للشركات المصنعة، مما يجبرها على تقليص الإنتاج وتسريح العمال.
وتعتبر هذه ضربة قوية تزيد من حدة المنافسة الشرسة التي تواجهها الصناعة الفرنسية من الاقتصادات الناشئة ، وانخفض إنتاج المصنعين الفرنسيين في سبتمبر مما يهدد بنهاية قاتمة للعام الجاري بالنسبة لقطاع التصنيع الفرنسي والأوروبي على وجه العموم والذي يعاني من فواتير الطاقة المرتفعة والمنافسة الشديدة من الصين.
الطلب يصل لـ 5.7 تريليون متر مكعب
وعلى الصعيد العالمى، تتوقع شركة جازبروم أن يصل الطلب على الغاز الطبيعى إلى 5.7 تريليون متر مكعب بحلول عام 2050، مدفوعا بشكل رئيسى بالنمو فى الاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند.
وهذا يضيف إلى فجوة تكاليف الطاقة المتزايدة بين أوروبا والاقتصادات العالمية الأخرى، مثل الولايات المتحدة، حيث تكاليف الطاقة أقل بما يتراوح بين 2 إلى 3 مرات، وأسعار الغاز أقل بما يصل إلى 5 مرات مما هى عليه فى أوروبا.
ومع ذلك، أشار ميلر أيضًا إلى أن الولايات المتحدة تشهد تباطؤًا فى إنتاج الغاز الصخرى وتزيد وارداتها من كندا، وهو مؤشر على القيود التى تواجه حتى واحدة من أكبر منتجى الغاز فى العالم.
وعلى الرغم من انخفاض الإمدادات الروسية إلى أوروبا، تواصل جازبروم استكشاف فرص جديدة فى الأسواق الناشئة، وتسليط الضوء على مشاركتها فى الجمعيات الدولية مثل البريكس.
وتشير هذه التغييرات إلى إعادة توجيه استراتيجى للشركة الروسية نحو أسواق خارج أوروبا، بينما تسعى الكتلة الأوروبية إلى تحقيق الاستقرار فى قطاع الطاقة لديها فى مواجهة تقليل اعتمادها على الغاز الروسى.
ومن الاستعدادات أيضًا، إجراءات لخفض الطلب على الغاز بنسبة 18% فى المتوسط، والاستعانة بإمدادات الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، وواردات الغاز المسال الجديدة من الولايات المتحدة والنرويج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة