الحرب التى تجاوزت الثلاثة عشر شهر، فى غزة ولبنان، فرضت وما زالت المزيد من التغيير فى سياقات الأحداث واتجاهات الأطراف المختلفة، ولا تزال تنتظر المزيد من التطورات مع الإدارة الأمريكية الجديدة خلال أسابيع، حيث يتولى الرئاسة دونالد ترامب، حاملا وعود سابقة بوقف الحرب أو إنهائها لكن هذه الوعود تتصادم من بعض الأسماء فى حكومة ترامب التى تعرف بانحيازها الكبيرة للاحتلال وإسرائيل، بل وظهور أصوات متطرفة تردد مطالب بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهو ما يعد نسفا لأى جهود سلام تم اتخاذها طوال ثلاثين عاما.
ويثير ترشيح ماركو روبيو، لوزارة الخارجية، جدلا مع غيره حول ما إذا كان يمكن أن ينحاز إلى دعم كامل للاحتلال، أو يفرض سلاما مختلا، خاصة أنه من أنصار نظرية «السلام القائم على القوة» وأيضا سفير أمريكا فى إسرائيل وغيره، وهناك أكثر من تحليل حول مدى التزام ترامب بوعوده، مع انحيازه لإسرائيل، ما قد يخلق طرحا يمثل اختلافا مع مصالح الفلسطينيين، تزامن هذا مع تصريحات لوزير المالية الصهيونى بتسلئيل سموتريتش، والتى دعا فيها لفرض السيادة الإسرائيلية والتوسع الاستيطانى فى الضفة الغربية، وهى تصريحات اعتبرتها مصر والدول العربية والجامعة العربية انتهاكا سافرا للقانون الدولى والقانون الإنسانى الدولى، وكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وأكدت مصر على المسؤولية الدولية فى حماية حقوق الشعب الفلسطينى غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه فى تقرير مصيره، وهو الحل الوحيد والعملى لإنهاء الصراع بالمنطقة والخروج من دوامة العنف والدمار، محذرة من الاستمرار فى نهج التصعيد والتطرف الهادف لإطالة أمد الصراع وتأجيجه وتوسيع نطاقه.
تصريح وزير المالية المتطرف يأتى فى وقت يتواصل التصعيد من قبل الاحتلال فى غزة ولبنان، حيث تم ارتكاب عدة مجازر واقترب عدد شهداء العدوان من 44 ألفا ومئات المصابين والمفقودين تحت الركام، ويصعد نتنياهو الحرب، وهو ما يتطلب مواجهة من الأطراف المختلفة وبناء تحالفات لمواجهة استمرار التصعيد، بحيث تواجه الرغبة من قبل المتطرفين، وتوجه إلى سياقات أخرى تنتهى بأوراق سياسية على الأقل، ونقصد هنا الرسائل التى أصبحت متاحة من قبل أطراف إقليمية فاعلة ترفض استمرار الحرب، ورفض مخططات التهجير والتصفية.
المواجهة الحالية تحمل تحولا كبيرا فى الشكل والمضمون، حيث خرجت المواجهة بين إسرائيل وإيران إلى المباشرة، وأعلنت أن حزب الله قضية لبنانية، الحرب تدور وسط اختلال فى النظام الدولى، وهو ما أعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة العربية الإسلامية، حيث انتقد اختلال وضعف النظام الدولى وعجزه عن التدخل ووقف العدوان على غزة ولبنان، وحذر من استمرار الخطر على المنطقة والعالم، وضرورة السلام، وأعلنت القمة العربية الإسلامية إدانة استمرار الحرب ودعوة إلى وقفها مع مسارات سلام تنتهى بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية باعتبار هذا هو الحل النهائى.
الشاهد أن الحرب التى دخلت عامها الثانى، بها تحول كبير وداخلها تغييرات فى معادلات القوة والنفوذ لكل الأطراف، وتمثل إعادة رسم سيناريوهات تجاوزت أى توقعات من حيث حجم الجرائم والدمار والضحايا، خاصة من الأطفال والنساء، بجانب أن الحرب تشعبت شمالا وجنوبا، وشملت عمليات اغتيال وتصفية ومخططات للتهجير وإعادة الاحتلال لمناطق تحررت بالمعاهدات الدولية، ما يجعل هذا الفصل مختلفا عن مواجهات سابقة، وتحولا عسكريا وسياسيا يعيد القضية الفلسطينية للواجهة، ويفرض ضرورة وجود وحدة فلسطينية سعت إليها مصر مرات، تفرضها التحولات لتكون جزءا من اتجاه عربى يوحد المواقف بشكل يعالج الفرقة والصراعات التى أضعفت القضية وشتتت الجهود، وبالتالى فإن عودة القضية الفلسطينية للواجهة يتطلب أن توحد الفصائل الفلسطينية، والتعامل مع التحولات، بشكل أكثر تفهما، خاصة مع الأخذ فى الاعتبار التطورات الجديدة فى الإدارة الأمريكية، وما يشهده العالم من تحولات، تجعل الوحدة ضرورة، فلسطينيا، وإعادة قراءة سيناريوهات ورسائل، تشير إلى حجم التحول، للانتقال إلى مجال فعل جماعى وليس فصائليا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة