ندرك أن الصناعة أضحت مرآة الشعوب؛ فعبر بوابتها تحدث التنمية وترتفع مستويات الكفاءات وتزداد الخبرات ويتميز المنتج، ومن ثم تتمكن الدولة من أن تحتل المكانة المستحقة من خلال ما تقدمه من جودة تحمل في طياتها الميزة التنافسية، وهذا ما يجعلها تنهض في شتى مجالاتها، ومصر من الدول التي تمتلك مقومات النهضة الصناعية دون مبالغة؛ حيث تزخر بمواردَ ماديةٍ وبشريةٍ وموقعٍ جغرافيٍ وقياداتٍ مؤسسيةٍ تمتلك مهارات صناعة واتخاذ القرار.
وقد كان من تطلعات برنامج الحكومة الجديدة أن وضعت مخططًا استراتيجيًا يستهدف توطين الصناعة؛ كي تزداد معدلات الإنتاج الصناعي ومن ثم يزداد التصدير ويقل الطلب من الواردات، ولكي يحدث ذلك كان لا بد من اتباع سياسة التوطين التي كثيرًا ما وجه إليها فخامة الرئيس وخاصة في المنتجات التي يزداد الطلب عليها وتتطلب توافر النقد الأجنبي، كما أن التوطين غايته تكمن في توفير فرص العمل واستثمار الطاقات والكفاءات البشرية التي تمتلك التفرد المهاري ومن ثم تصل إلى الريادة في مجالها.
ومصر من الدول التي تمتلك الإمكانيات والمقومات التي تساعدها في تحقيق غايات التوطين خاصة في مجال صناعة السيارات على المستوى التقني والمهاري، وما شهدناه من منتج مصري يؤكد أن جودة هذا المنتج ترتضي العميل؛ حيث اتساقه مع المعايير القياسية العالمية، وهذا برهان على أن القلاع الصناعية المصرية تمتلك رصيدًا من الخبرة يجعلها صاحبة تميز وتفرد وريادة في هذا المجال التنافسي.
وهنا نشير إلى أن ثمرة الحصاد أتت بفضل توجيهات مباشرة من القيادة السياسية التي مهدت طريق نهضة الصناعة المصرية، وكافة الصناعات، بل وفتحت الباب أمام الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحلية الحالمة بالبيئة المواتية، وهذا ما كان أن يحدث بعيدًا عن بنية تحتية قوية ساهمت في تحقيق ما نراه من أحلام وآمال وتطلعات نبتغيها.
إن قرار الدولة الاستراتيجي الذي اتخذ بشأن عودة شركة النصر لصناعة السيارات للإنتاج نبع من الإيمان بفكرة التوطين ودعمها إرادة سياسية ووعي حكومي ورغبة شعبية، وبشكل مسبق قدمت الدولة من خلال حكومتها كافة صور التسهيلات الإدارية والتشريعية التي تهيئ المناخ الداعم لقطاع الصناعة، بل وتعمل الحكومة باعتبارها المنوط بها التنفيذ على توفير الدعم المادي والخبراتي في صورة تبادلات رسمية مع الدول المتقدمة في مجالات الصناعات المختلفة.
وساهم إيمان الدولة متمثلة في حكومتها بفكرة الشراكة مع القطاع الخاص؛ حيث إن هذا الأمر يؤدي بالضرورة لتحقيق التضافر والتكامل والتعاون من أجل الاستمرارية وجودة المنتج، ويزيل كافة الصعوبات والتحديات التي قد تقف حجر عثرة في وجه النهضة الصناعية بكافة أنماطها؛ فقد تغيرت المعادلة من منتج تقليدي لمنتج يحمل معايير الجودة القياسية، بل وينافس المنتجات العالمية ليجد له مكانة في السوق العالمي ومن ثم تزداد معدلات التصدير بما ينعكس إيجابيًا على المدخلات والعمليات والخرجات الصناعية.
لقد أخذت الدولة على عاتقها مسار التقدم والنهضة؛ فكان برنامج الحكومة مليء وزاخر بالخطط الاستراتيجية في مجالات التنمية كلها، وما نراه من ثمرة بعين اليقين يؤكد أن الدولة على المسار الصحيح، ونأمل أن نرى ونشاهد الكثير، ونلمس تغيرات كبيرة في كافة القطاعات مثل هذا القطاع النشيط الذي يديره الفريق كامل الوزير صاحب العزيمة والهمة والعطاء المتواصل.
نتطلع أن يتبوأ القطاع مكانته اللائقة، وأن يتوسع في ربوع الوطن؛ حيث إنه دعامة اقتصادنا الوطني ومن خلاله نستطيع أن نستكمل مراحل التنمية لمشروعاتنا القومية، ومن ثم تزداد سلاسل الإعمار التي باتت تبهر العالم، بما يؤدي لأن تنخفض البطالة لمعدلات قياسية وتتحسن الخدمات وتلبى الاحتياجات، ناهيك عن صقل الخبرات واستثمار الطاقات في الاتجاه الصحيح.
ورغم الاحتفال والاحتفاء بعودة شركة النصر لصناعة السيارات للإنتاج بشركات داعمة؛ إلا أننا ينبغي أن نتذكر ما أشار إليه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن التنمية الشاملة في كافة المجالات وفي القلب الصناعية منها، وهذا يجعلنا حريصين على توفير المناخ الداعم للإنتاجية سواءً ارتبط ذلك بتوفير مقومات النهوض بالصناعة الوطنية، من خلال توفير الأراضي والمدن والمجمعات الصناعية المدعومة بالمرافق من بنية تحتية متكاملة وشبكة طرق لوجستية قوية، بالإضافة إلى توفير برامج تمويلية مرنة للمستثمرين.
وفخامة الرئيس في جل خطاباته وكلماته في العديد من المناسبات والاحتفالات يؤكد على فكرة التوطين والتعميق في آن واحد؛ حيث الاتقان والتوسع واستكمال مراحل التصنيع؛ كي نستطيع أن نتحصل على القيمة المضافة لمنتجنا.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.