أكرم القصاص

«عُمَقَاءُ الدُّونِيَّة» .. الخيط الأبيض والأسود والشائعات

السبت، 02 نوفمبر 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حسنا فعلت الدولة عندما أصدرت بيانا تحسم فيه الجدل حول مزاعم السفينة المزعومة المحملة بمتفجرات، روجت منصات الشائعات، أنها رست فى مصر، قبل أن تتجه إلى إسرائيل، ورغم أن القصة تنافى العقل والمنطق، لكن هناك من صدَّقها وأعاد - بكل ثقة وجهل - نشرها، وقد تكون وراء الشائعة منصات ولجان تقبض مقابل هذا، لكن اللافت هم هؤلاء الدونيون الذين بلا عقل يعيدون نشر الهراء، ولا يشغلون العضو المسمى «العقل» القابع فى جماجمهم.

الشاهد أن الأخبار التى نشرتها منصات اعتادت الكذب، قالت إنها شحنة سلاح كانت متوجهة إلى إسرائيل، لكن الدول رفضت استلامها فقبلتها مصر، تم نشر الخبر اللقيط، ونفخه وتخميره بالتفاصيل، حتى يمكن أن يصلح للاستهلاك «السوشيالاتى»، وهو ما حدث، رغم غياب المنطق فى الموضوع، ويكون الاعتماد على «عُمَقَاء»، مستعدين لتصديق أى شائعات تأتيهم من هناك، «أى هناك»، ويتحولون بسرعة إلى خبراء ومختصين فى الموانئ والسفن والمتفجرات، ولا يمكنهم الصمت وتشغيل عقولهم أمام مثل هذا الهراء المخالف للعقل والمنطق والملابس الجاهزة، لكنهم غالبا يعيشون شعور الدونية العميق، فقد استسلموا، واستعانوا بـ«لينكات» وفيديوهات وتراتيبات ثلاثية، باعتبار أن «العميق كان أصله لينك»، وظهرت منصات الاستقصاء السطحى، والمصادر المفتوحة، والمغلقة والمربعة والمثلثة والجذور التربيعية، كل هذا من أجل ترويج الكلام الفارغ، مثل بقية الفوارغ التى انتشرت خلال يومين فقط.

واللافت للنظر، أن نفس عمقاء منصات التنظيم، عندما صدرت البيانات المعلوماتية التى تحسم الموضوع، أصابتهم حالة من العمق «الأخرس» الذى يمنعهم من رؤية الرد، أو التفاعل معه، واستمروا فى دونيتهم يعمهون، فقد نفى المتحدث باسم القوات المسلحة - بشكل قاطع - ما تم تداوله على الحسابات المشبوهة عن مساعدة إسرائيل فى عملياتها العسكرية جملة وتفصيلا، وأكد أنه لا يوجد أى شكل من التعاون مع إسرائيل، وطالب الجميع بتحرى الدقة، البيان حاسم، لكنه لا يناسب «عمقاء» اعتادوا أكل واستهلاك البيانات الميتة والدم والشائعات، فقد أصابهم صمت الدونية، والواقع أن البيان أكدته وزارة النقل وأن السفينة برتغالية محملة بشحنة لوزارة الإنتاج الحربى، وأن ما تم تداوله ونشره محض أكاذيب.

وهى ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة بالطبع، التى يروج فيها منتجو الشائعات المزيد من الأكاذيب، وهؤلاء يقبضون ثمن ما يصنعونه، لكن ماذا يستفيد جهلاء العالم الافتراضى؟ بعضهم يبحث عن «لايكات» أو طبطبات، أو تفريغ جهل النوع الثالث ممن يهيصون فى الهيصة، ربما لأنهم يعانون مشاعر سلبية، ولا يفرقون بين المعلومة والموقف والخلاف، ويعيشون نوعا من الدونية الدائمة.

وقد يقول قائل، إن الشائعات أمر طبيعى، وإن الشائعات نتاج تفاصيل وعصور، وهو أمر يمكن تفهمه لو كان مرة أو فرديا لكن الأمر بدا متزامنا مع شائعات قطع أشجار حديقة الأورمان، وما جرى بعد ترميم وصيانة أسدىّ قصر النيل، ولو كلف أى عميق نفسه بأن يبحث فى الأرشيف لاكتشف أن عملية الصيانة تمت خلال السنوات الماضية مرات عدة آخرها 2016، وتمت الإجابة على نفس الأسئلة، ونفس الجدل، وتقريبا البوستات التى تطلقها منصات عامدة ويمشى وراءها «عمقاء الجهل والمصادر المفتوحة» واختراعات منصات التنظيم الذى تبصق فى عقول «الدونيين» كل مرة، الحكومة نفت قطع أشجار الأورمان، وأعلنت تفاصيل تطوير بحيرة البردويل، التى زعم الزاعمون أنها للبيع، وما يتعلق بدير سانت كاترين أعلنت محافظة جنوب سيناء كذب ما تردد، والذى نشرته منصات مجهولة تتكسب من هذا.

الخلاصة أننا أمام فريق يزعم الثقافة والعلم، أو الفهم، ويقع كل مرة - عمدا أو سذاجة - فى «مجارير الأكاذيب»، والواقع أننا قلنا مرات إن المعلومات تقتل الشائعات، وإن الرد عندما يصدر بسرعة ومن الجهات المسؤولة يغلق الثغرات، ويخرس الأفواه العميقة لعمقاء الدونية.

مقال أكرم القصاص (2)
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة