مما لا شك فيه أن المفهوم الدارج عن الشياكة ليست مجرد مظاهر خارجية، بل هي مبدأ وتعامل سلوكي متكامل يظهر في تصرفاتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين. وبالتالي إن إظهار سلوك الشياكة في العمل، ومع الأسرة، وفي حب الوطن، ومع جميع الفئات، يعزز من نجاحنا الشخصي ويعكس احترامنا لأنفسنا وللآخرين. ومن ثم فإنها قيمة إنسانية تجمع بين جميع الثقافات والأديان، ويشيد بها الزعماء والأدباء على مر العصور.
إن احترام الآخرين، والتعامل بلطف، وتجنب الإيذاء اللفظي أو الجسدي، كلها من سمات الشياكة التي ترتقي بالإنسان وتجعله محبوبًا ومرغوبًا به في جميع المجتمعات.
ومما لاشك فيه أنها تمثل بوتقة من اللباقة والأخلاق الحميدة، التي تعتبر قيمة حضارية وأخلاقية نادى بها العديد من الزعماء والأدباء عبر العصور.
على سبيل المثال لا الحصر "غاندي" وهو من أشد المؤمنين بالشياكة في التعامل، حيث دعا إلى مبدأ “اللاعنف” وحثّ على التعامل برقي واحترام حتى مع الخصوم. كان يؤمن بأن الشياكة ليست مظهرًا فقط، بل سلوكًا يجب أن يرافقنا في جميع التعاملات الإنسانية.وكذلك نيلسون مانديلا وهو رمز عالمي للتسامح والاحترام، وقد أشاد بأهمية الاحترام المتبادل والتعامل المهذب بين الأفراد على اختلاف أعراقهم وثقافاتهم، مؤكدًا أن الشياكة في التعامل هي أساس لبناء مجتمع متسامح ومترابط.
وهؤلاء وضعوا حجر الأساس للتعامل الإيجابي، كما أشادت به الأديان السماوية وقد تجسدت في كثير من المواقف الأدبية والدينية. في مختلف الديانات السماوية، الإسلام، المسيحية، واليهودية، نجد إرشادات وتوجيهات تتعلق بحسن المعاملة ولباقة التواصل مع الآخرين.
لا تتعجب من إدراج لفظ الشياكة في الديانات السماوية، فقد حث الإسلام على الشياكة في التعامل والاحترام المتبادل، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”. وحثّ الإسلام على حسن المعاملة مع الناس بغض النظر عن دينهم أو عرقهم، وأكد على أهمية التسامح والرحمة.
وكذا تُعد المسيحية الشياكة في التعامل أساسًا للعيش في محبة وسلام. وقد قال المسيح عليه السلام: “فكل ما تريدون أن يفعل الناس بكم افعلوا أنتم أيضًا بهم” ويعكس هذا القول دعوة المسيحية للتعامل برقي ومراعاة مشاعر الآخرين. وكذلك اليهودية تحث تعاليمها على معاملة الآخرين بكرامة واحترام. في التوراة، هناك إرشادات واضحة للتعامل الأخلاقي مع الجميع، وتوجيهات بحسن الضيافة وإظهار الاحترام لكل شخص بغض النظر عن خلفيته.
ولن نقتصر على ذلك بل نادي بها الكثير من الأدباء العرب والأجانب عن الشياكة في التعامل منهم "جبران خليل جبران" الذي سلط الضوء في كتبه عن أهمية التعامل برقة واحترام مع الجميع، وقال إن الإنسان يجب أن يتعامل بلطف ورحمة، معتبرًا أن السلوك الحسن يرفع من شأن الشخص ويعكس جمال روحه. وكذلك الأديب الروسي ليو تولستوي أشار إلى أن العظمة الحقيقية تكمن في الاحترام وحسن التعامل مع الناس، وليس في السيطرة أو التفوق المادي. وأكد أن الشياكة تتمثل في مساعدة الآخرين وإظهار الرحمة.
وخير مثال عميد الأدب العربي، طه حسين، شدد على أهمية الاحترام المتبادل وتقدير الآخرين، موضحًا أن الإنسان يرتقي بأخلاقه، وأن التعامل برقي يُكسب صاحبه محبة وتقدير الآخرين.
عزيزي القارئ إن التعامل مع مختلف الفئات يتطلب مستوى عالٍ من الشياكة والتفهم. فكل شخص لديه خلفية وتفكير مختلف، والشياكة هنا تتطلب الاحترام والتقدير بغض النظر عن العمر، أو الجنس، أو الدين، أو الطبقة الاجتماعية.
الشياكة في التعامل مع الآخرين تعني استخدام لغة مهذبة، وتجنب الأحكام المسبقة، التنمر والعمل على بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل. فهي يعكس تربية وأخلاقيات عالية، ويترك انطباعًا إيجابيًا لدى الجميع. ومن هنا نحظي ببيئة خالية من التوترات والمشاحنات ونتيجه ماسبق تفتح ابواب تطوير الذات وتحقيق التميز.
وعهدكم بي وحثي علي دمج مفهوم الشياكه في الأسلوب الحياتي على كافة المستويات فإني أطالب أن نتعامل مع الوطن بعذا الأسلوب لانه هو الحياة، وتحظى بلقب "المواطن الشيك".. نعم من خلال احترام القوانين، والتعايش السلمي معه.
عزيزي المواطن الشيك إن التعبير عن حبك لوطنك يظهر من خلال السلوك اليومي لك وتجنب الاضرار به ماديا أو معنويا ومساعدة الآخرين وتشجيع الشباب على التميز، بعيدا عن التنمر ورفع شأن المجتمع في كافة المجالات.