خبر مبهج جديد يبشر بالأمل فى استعادة مصر مرة أخرى قلاعها وصروحها الصناعية وإعادة إحياء وبناء قاعدة صناعية عملاقة للنهوض بقوة بالاقتصاد القومى، وتحقيق التنمية الصناعية المستدامة.
بعد يومين فقط من عودة الحياة لأكبر قلاع مصر الصناعية وهى شركة النصر للسيارات يأتى الدور على صرح وعملاق صناعى آخر لبث روح العمل وعجلة الإنتاج وتشغيله مرة أخرى هو شركة النصر للمسبوكات بمصنعيها فى طناش والإسكندرية بعد زيارة الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، وإعلانه وسط مئات العمال فى الشركة بعودة العمل للشركة، وحل كافة مشاكلها ومناقشة النهوض بها بعد توقف أكثر من عامين كصرح صناعى كبير داعم للاقتصاد القومى.
هتافات العمال لمصر والرئيس كانت نابعة من القلب وهى ترى وتسمع الوزير المسئول الهمام كامل الوزير، وهو يعلن عودة الشركة وإرادة الدولة المصرية فى عدم التفريط فى القلاع الصناعية وتعظيم أصولها تماشيا مع النهج الوطنى للجمهورية الجديدة بحل كافة المشكلات والمعوقات التى تواجه المصانع المتوقفة والمتعثرة وإعادة تشغيلها من جديد لتحويل مصر إلى مركز صناعى اقليمى تنفيذا للتوجيهات الرئاسية.
رسالة الرئيس عبد الفتاح السيسى لعمال شركة النصر للمسبوكات والتى نقلها الفريق كامل الوزير عبرت عن إرادة سياسية واضحة بأن الدولة والحكومة المصرية تقف بكل قوة لإعادة تشغيل الشركة، وتقديم كافة الدعم له لتعود من جديد كصرح صناعى كبير يخدم الاقتصاد القومى وأن مصر للمصريين وانها تنتظر من عمال الشركة الكثير، ويعكس الاهتمام الكبير الذى توليه الحكومة المصرية لإعادة تشغيل الشركة واستعادة مكانتها العالية كأحد الصروح الصناعية الكبيرة فى مجال صناعة مواسير الزهر المرن ومسبوكات الزهر المتنوعة ومصنع الدرافيل، خاصة أن تاريخ الشركة وما حققته من إنجازات سابقة وارتباط عدد من الصناعات الأخرى بها يجعل من الأهمية بمكان إعادة تشغيل الشركة بكل قوة وبسواعد أبنائها من العمال والمهندسين لكى تصبح فى طليعة الشركات الناجحة فى مصر.
تعود الشركة العملاقة إلى الإنتاج من جديد بعد الاتفاق بتوفير مصادر التمويل لعمل الصيانة اللازمة لخطوط الإنتاج، وشراء المواد الخام الأزمة، وضمان تحسين ظروف العاملين بالشركة من دفع مرتبات وحوافز وكافة الحقوق الأخرى للعاملين بصورة منتظمة من حصيلة بيع الأصول غير المستغلة. تعود الشركة بكل قوة للإنتاج وتلبية احتياجات السوق المحلى والتصدير للخارج الذى سيوفر العملة الصعبة التى ستساهم فى توفير المعدات والخامات الأولية من حصيلة التصدير بل وإقامة مصنع آخر مستقبلا للتوسع فى تلبية احتياجات السوق المحلى والتوسع فى التصدير للخارج وبما يساهم فى توفير الآلاف من فرص العمل ودعم الاقتصاد الوطنى.
دخول عملاق صناعى جديد إلى عملية الإنتاج لن يكون الأخير، فهناك صروح أخرى ستعود إلى الحياة وإلى الاندماج فى إعادة بناء القاعدة الصناعية العملاقة لمصر قريبا بعد سنوات من الإهمال والأزمات والمشاكل المتراكمة فى سنوات الخصخصة والمصريون على موعد مع عودة شركات النصر الأخرى التى توقفت وتعثرت.
شركة النصر للمسبوكات تأسست فى بداية الستينيات وكانت الشركات الرائدة فى إنتاج مسبوكات الحديد الزهر الرمادى والمرن وحديد الدكتايل، وتغطى منتجات الشركة احتياجات مشروعات البنية الأساسية القومية للمياه والصرف الصحى فى مصر. وكانت أول وأكبر شركة فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا وإنتاجها يغطى احتياجات مشروعات البنية الأساسية القومية للمياه والصرف الصحى فى مصر وأسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، بما يعزز من مكانتها كشركة رائدة فى المنطقة.
الشركة كانت تحقق أرباحا أكثر من 500 مليون جنيه فى العام وتمتلك أراضى قائمة، ومخازن عملاقة، وميناء نهرى شمال الجيزة، وبنية تحتية تقنية، وعمالة مدربة، حوالى 1500 عامل)، واسما تاريخيا يصدر لـ22 دولة وتحتل المرتبة الرابعة فى مجالها عالميًا.
فى عام 1997 أصبحت شركة النصر للمسبوكات شركة مساهمة مصرية وفقًا للقانون رقم 159 لسنة 1981. وتولى إدارتها أشخاص غير مسئولين ودخلت الشركة فى دوامة الأزمات والمشاكل الإدارية والهيكلية، وأصبحت مديونة للبنوك بمبالغ بلغت 17 مليار جنيه.
تعرضت الشركة فى السنوات الأربعة الأخيرة لأزمات مالية متتالية بسبب توقف خطط التطوير وارتفاع أسعار انتاج خامات الإنتاج، مما أدى إلى توقفها عن العمل بعد 60 عاما من الخبرة فى صناعة المسبك ودافع العمال عن محاولات مجالس الإدارة المتكررة لإعادة الهيكلة والبيع وفشلت كافة محاولات البيع والتخلص من الشركة العملاقة وكان المطلب الرئيس هو عودة الشركة إلى العمل والإنتاج، بدلًا عن تفكيكها تدريجيا بمرور الزمن بعمل تسوية لمديونية الشركة، وإعادة تشغيلها واستغلال الأصول المملوكة لها الاستغلال الأمثل والاستثمار فيها.
ومنذ قرار عام 97 قامت الحكومة برئاسة عاطف عبيد ببيع حصتها فى الشركة التى تحولت من تبعية الشركة القابضة للصناعات المعدنية إلى شركة مساهمة، وتمتلك البنوك حصة أغلبية فيها مقابل 32% لاتحاد العاملين. ورفعت الحكومة غطاء الحماية عن الشركة وبدأت محاولات التحالف البنكى للبيع لسداد الديون لكن وقف العمال فى وجه المحاولة.
الإهمال وسوء الإدارة أدى إلى تراجع الشركة وتوقفها وبدأت وقائع فساد بحكم محكمة جنايات الجيزة كانت أشهرها فى يناير عام 2008 باتهام رئيس مجلس الإدارة السابق بإهدار مليار و400 مليون وتوفى أثناء المحاكمة، وصدرت أحكام بالحبس والعزل الوظيفى ورد أموال لعدد من قيادات الشركة فى ذات القضية.
وقالت المحكمة فى أسباب حكمها إن الدولة ممثلة فى أجندتها المختلفة دأبت منذ فترة طويلة وحتى الآن الاهتمام بالنشاط الصناعى بإنشاء العديد من المشروعات الصناعية ومن بينها شركة النصر للمسبوكات إحدى الشركات القابضة للصناعات المعدنية، والتى أصبحت من أهم المصانع فى الشرق الأوسط وأفريقيا فى إنتاج المواسير، وتولى المتهم الأول قيادتها وبدلًا من السعى لتحقيق مصلحة الشركة التى كانت ستعود على الدولة بسد احتياجاتها، عمد إلى الإضرار بمصالح الشركة بمعاونة باقى المتهمين من رؤساء القطاعات.
وكان ذلك بالخروج عن قواعد حق المعرفة الفنية ومخالفة الإجراءات الصحيحة التى يتعين اتباعها فى ترسية مناقصات شراء المواد الخام، وتعظيم المخزون بها مما سبب إضرارًا بأموال ومصالح الشركة، وأن المتهم الأول الذى توفى لجأ وباقى المتهمين إلى ترسية بعض المناقصات على بعض الموردين.
دراسة عودة العمل بشركة النصر للمسبوكات بعد عام 2014 استغرق مناقشات واجتماعات كثيرة داخل مجلس النواب وخارجة وبدأت الحكومة.
تخطط لتحويل شركة النصر للمسبوكات إلى نموذج يحتذى به فى إدارة المصانع المتعثرة، والى زيادة التصدير وتحسين كفاءة الإنتاج، مع تقديم الدعم الكامل للعاملين لضمان تحقيق استدامة العمل. وهو ما حدث يوم الاثنين الماضى. الأيام والشهور القادمة ننتظر عودة الحياة إلى كل شركات تحمل اسم "النصر" فى مصر.