حازم حسين

صعود ترامب وإزاحة جالانت.. نظرة على أجندة نتنياهو فى ضوء الانتخابات الأمريكية

الخميس، 07 نوفمبر 2024 02:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فاز‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭. ‬وبينما‭ ‬يختمرُ‭ ‬الفوز‭ ‬على‭ ‬ساحل‭ ‬الأطلنطى،‭ ‬كان‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬يستكملُ‭ ‬مقاديرَ‭ ‬طبختِه‭ ‬السيِّئة‭ ‬على‭ ‬شاطئ‭ ‬المُتوسِّط‭. ‬انقلابٌ‭ ‬كبير‭ ‬فى‭ ‬السياسة‭ ‬الأمريكية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬شَكٍّ،‭ ‬وآخرُ‭ ‬لا‭ ‬يقلُّ‭ ‬عنه‭ ‬حِدّةً‭ ‬فى‭ ‬إسرائيل‭. ‬الرئيسُ‭ ‬السابق‭ ‬يعودُ‭ ‬مُجدَّدًا‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬هوى‭ ‬النخبة‭ ‬وقلب‭ ‬الدولة‭ ‬الصُّلب،‭ ‬ورئيسُ‭ ‬الحكومة‭ ‬العِبريَّة‭ ‬يُقيلُ‭ ‬وزيرَ‭ ‬دفاعه‭ ‬وسط‭ ‬أجواء‭ ‬الحرب،‭ ‬وبقدر‭ ‬عالٍ‭ ‬من‭ ‬التحدِّى‭ ‬للمُؤسَّسة‭ ‬العسكرية‭ ‬والأحزاب‭ ‬والشارع‭. ‬


وإذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬التنبُّؤ‭ ‬بمُفاجآت‭ ‬الولاية‭ ‬الثانية‭ ‬والأخيرة‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬فمن‭ ‬الصعب‭ ‬أيضًا‭ ‬الجَزم‭ ‬بمآل‭ ‬الأجندة‭ ‬الليكودية،‭ ‬بكلِّ‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬نوايا‭ ‬مُركَّبةٍ‭ ‬واقتراحاتٍ‭ ‬صاخبة‭. ‬وتظلُّ‭ ‬الأسابيعُ‭ ‬الباقية‭ ‬من‭ ‬عُهدة‭ ‬بايدن،‭ ‬ومعه‭ ‬النائبةُ‭ ‬الخاسرة‭ ‬كمالا‭ ‬هاريس،‭ ‬مُحمَّلةً‭ ‬بالتناقضات‭ ‬وإمكانيَّة‭ ‬اللعب‭ ‬فى‭ ‬إعدادات‭ ‬المشهد،‭ ‬طمعًا‭ ‬فى‭ ‬خُروجٍ‭ ‬مُشرَّفٍ‭ ‬للإدارة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬أو‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬دُخولٍ‭ ‬خَشِنٍ‭ ‬لوَريثها‭ ‬الجمهورىِّ‭.‬


اعتباطًا‭ ‬أو‭ ‬بسوء‭ ‬نِيَّة؛‭ ‬تورَّط‭ ‬الديمقراطيِّون‭ ‬فى‭ ‬حالةٍ‭ ‬‮«‬سراب‭ ‬أزرق‮»‬‭.. ‬أساءوا‭ ‬تقديرَ‭ ‬الخصم‭ ‬العنيد،‭ ‬ولم‭ ‬يَروا‭ ‬حجمَ‭ ‬الاستقطاب‭ ‬وانقسامات‭ ‬المجتمع‭ ‬عموديًّا‭ ‬وأُفقيًّا،‭ ‬وارتاحوا‭ ‬إلى‭ ‬منطق‭ ‬الفقاعة‭ ‬الذى‭ ‬يَعزلُ‭ ‬السياسة‭ ‬المحلية‭ ‬عن‭ ‬المُؤثِّرات‭ ‬الوافدة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬الحدود‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬أوراقُ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والهجرة‭ ‬صَبَّت‭ ‬فى‭ ‬صالح‭ ‬المُنافس،‭ ‬ولم‭ ‬يُسعفهم‭ ‬اللعبُ‭ ‬على‭ ‬أوتار‭ ‬العُنصريَّة‭ ‬والإجهاض‭ ‬فى‭ ‬تقريب‭ ‬المسافات؛‭ ‬فإنَّ‭ ‬تكاليفَ‭ ‬المُغامرات‭ ‬الخارجية‭ ‬لم‭ ‬تكُن‭ ‬معزولةً‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬السباق‭: ‬فواتير‭ ‬الدم‭ ‬فى‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬أفغانستان،‭ ‬وأعباء‭ ‬المال‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية،‭ ‬وسَقطة‭ ‬الضمير‭ ‬والأخلاق‭ ‬إزاءَ‭ ‬النكبة‭ ‬الواقعة‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬


المُقدِّمات‭ ‬السابقةُ‭ ‬كلُّها‭ ‬لَعِبَت‭ ‬دورًا‭ ‬مُتقدِّمًا‭ ‬على‭ ‬خلاف‭ ‬العادة‭ ‬فى‭ ‬ترسيم‭ ‬التنافُس،‭ ‬وتقدير‭ ‬الحظوظ،‭ ‬فساهمت‭ ‬فى‭ ‬إمالةِ‭ ‬قطاعٍ‭ ‬عريض‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ترامب،‭ ‬وبعضهم‭ ‬مِمَّن‭ ‬لا‭ ‬يُحبّونه‭ ‬أو‭ ‬يختلفون‭ ‬مع‭ ‬وَصفَتِه‭ ‬اللاذعة،‭ ‬وربَّما‭ ‬كان‭ ‬الاختيارُ‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬‮«‬أهون‭ ‬الضَّرَرَيْن‮»‬‭ ‬التى‭ ‬تردَّدت‭ ‬فى‭ ‬خطابات‭ ‬بابا‭ ‬الفاتيكان،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنها‭ ‬تسرَّبت‭ ‬للوعى‭ ‬العام‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وخارجها‭. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬المُفاضلةُ‭ ‬بين‭ ‬مَشروعَيْن‭ ‬يتنافسان‭ ‬فى‭ ‬السوء؛‭ ‬فإنَّ‭ ‬طزاجةَ‭ ‬الارتباك‭ ‬الديمقراطى‭ ‬رجَّحت‭ ‬كفَّة‭ ‬الاحتمال‭ ‬الجمهورى،‭ ‬كما‭ ‬أنَّ‭ ‬أملَ‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬صعبًا‭ ‬مع‭ ‬اليمينىِّ‭ ‬المُحافظ؛‭ ‬فإنه‭ ‬مُستحيلٌ‭ ‬بالكُلِّيَة‭ ‬مع‭ ‬اليسار‭ ‬الليبرالىِّ،‭ ‬على‭ ‬الأقلِّ‭ ‬بمَنطق‭ ‬أنَّ‭ ‬مَنْ‭ ‬صَنَعَ‭ ‬المُشكلةَ‭ ‬ربما‭ ‬يكونُ‭ ‬آخرَ‭ ‬القادرين‭ ‬على‭ ‬حَلِّها‭.‬


كانت‭ ‬خطَّة‭ ‬نتنياهو‭ ‬واضحةً‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭. ‬وقفَ‭ ‬على‭ ‬قِمَّة‭ ‬‮«‬الطوفان‮»‬‭ ‬مُتطلِّعًا‭ ‬إلى‭ ‬الحاضر‭ ‬والمستقبل؛‭ ‬فرأى‭ ‬إدارةً‭ ‬أمريكيَّةً‭ ‬شديدةَ‭ ‬الرخاوة‭ ‬والضعف،‭ ‬وصندوقَ‭ ‬انتخاباتٍ‭ ‬على‭ ‬مرمى‭ ‬حجر‭. ‬ولعلَّه‭ ‬حَزَم‭ ‬حقائبَه‭ ‬وقرَّر‭ ‬من‭ ‬يَومِها‭ ‬أن‭ ‬يستنزفَ‭ ‬بايدن‭ ‬بكلِّ‭ ‬طاقته،‭ ‬ويُمرِّرَ‭ ‬الوقتَ‭ ‬حتى‭ ‬يُلاقيه‭ ‬ترامب‭ ‬على‭ ‬هندسةٍ‭ ‬مُغايرة‭ ‬للصراع‭. ‬كلُّ‭ ‬رصاصةٍ‭ ‬يتحصَّلُ‭ ‬عليها‭ ‬كانت‭ ‬تشطُبُ‭ ‬صوتًا‭ ‬من‭ ‬جو‭ ‬ونائبته،‭ ‬وكلُّ‭ ‬يومٍ‭ ‬ضائع‭ ‬كان‭ ‬يُقرِّب‭ ‬‮«‬دونالد‮»‬‭ ‬وفريقَه‭ ‬خطوةً‭ ‬نحو‭ ‬المكتب‭ ‬البيضاوىِّ‭. ‬


والمُحصِّلةُ‭ ‬أنَّ‭ ‬خطَّتَه‭ ‬السوداء‭ ‬تجاوزت‭ ‬أصعبَ‭ ‬مراحلِها‭ ‬مع‭ ‬اليسار،‭ ‬وتمكَّنَ‭ ‬من‭ ‬تحييد‭ ‬أغلب‭ ‬خُصومِه‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬وتمهيد‭ ‬الأرضيَّة‭ ‬المُناسبة‭ ‬للحَسْم‭ ‬مع‭ ‬شريكٍ‭ ‬يمينىٍّ‭ ‬يكره‭ ‬الحروب؛‭ ‬لكنه‭ ‬يُحسِنُ‭ ‬إدارتَها‭ ‬وتحقيقَ‭ ‬أهدافها‭ ‬بوسائل‭ ‬أُخرى‭. ‬وعليه؛‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الصهيونىُّ‭ ‬الماكرُ‭ ‬مُجمَّعًا‭ ‬انتخابيًّا‭ ‬بمُفرده،‭ ‬وراهن‭ ‬على‭ ‬المُرشَّح‭ ‬الجمهورىِّ‭ ‬وقتَما‭ ‬كان‭ ‬يُنكِرُه‭ ‬الأصدقاءُ‭ ‬قبل‭ ‬الأعداء،‭ ‬واحتفلَ‭ ‬بنَصرِه‭ ‬مُبكِّرًا،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يلمَسَه‭ ‬هو‭ ‬أو‭ ‬يحتفلُ‭ ‬به‭. ‬كان‭ ‬التصعيدُ‭ ‬مع‭ ‬لبنان‭ ‬وإيران‭ ‬آخرَ‭ ‬مراحل‭ ‬الحملة‭ ‬العِبريَّة‭ ‬الداعمة،‭ ‬وكانت‭ ‬إقالةُ‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت‭ ‬بمثابة‭ ‬خطاب‭ ‬النصر‭.‬


من‭ ‬الصَّعب‭ ‬اختزال‭ ‬النتيجة‭ ‬النهائية‭ ‬فى‭ ‬عاملٍ‭ ‬واحد،‭ ‬ولا‭ ‬فى‭ ‬عِدّة‭ ‬عوامل‭ ‬تدور‭ ‬صعودًا‭ ‬ونزولاً‭ ‬مع‭ ‬درجة‭ ‬التقدير‭ ‬لفاعليّة‭ ‬السياسة‭ ‬وكفاءة‭ ‬الإدارة‭ ‬والقرار‭. ‬عُوقِبَ‭ ‬الديمقراطيِّون‭ ‬قَطعًا‭ ‬على‭ ‬سوء‭ ‬الأداء؛‭ ‬لكنَّ‭ ‬‮«‬كامالا‮»‬‭ ‬عُوقِبَت‭ ‬مرَّة‭ ‬إضافيَّة‭ ‬وبالتوازى‭ ‬على‭ ‬الجنس‭ ‬واللون‭. ‬المَوجةُ‭ ‬اليمينيَّةُ‭ ‬فى‭ ‬أعلى‭ ‬مَناسِيبها،‭ ‬وتجربةُ‭ ‬الانتخابات‭ ‬قبل‭ ‬الماضية‭ ‬أكَّدت‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدعُ‭ ‬مجالاً‭ ‬للاختلاف،‭ ‬أنَّ‭ ‬الأمريكيين‭ ‬ليسوا‭ ‬جاهزين‭ ‬بعد‭ ‬لرُؤية‭ ‬سيِّدةٍ‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬جورج‭ ‬واشنطن؛‭ ‬فاستخفَّ‭ ‬التقدُّمِيّون‭ ‬بالإشارات‭ ‬الواضحة،‭ ‬وأضافوا‭ ‬إلى‭ ‬أسباب‭ ‬الهزيمة‭ ‬سببًا‭ ‬آخر،‭ ‬باستقدامِ‭ ‬امرأةٍ‭ ‬مُلوّنةٍ‭ ‬وبلا‭ ‬تاريخٍ‭ ‬سياسىٍّ،‭ ‬ولم‭ ‬تكُن‭ ‬زوجةَ‭ ‬رئيسٍ‭ ‬بارزٍ‭ ‬كسابقتِها‭ ‬مثلاً‭. ‬


إنها‭ ‬مسألةٌ‭ ‬ثقافيَّةٌ‭ ‬فى‭ ‬المقام‭ ‬الأوَّل،‭ ‬ومن‭ ‬جُملةِ‭ ‬ما‭ ‬تُشيرُ‭ ‬إليه‭ ‬تلك‭ ‬النزعة‭ ‬القوميَّة‭ ‬المُحافِظة،‭ ‬وما‭ ‬تُحرزه‭ ‬فى‭ ‬تمدُّدِها‭ ‬العالمىِّ‭ ‬وداخل‭ ‬المعاقل‭ ‬التقليدية‭ ‬للرجل‭ ‬الأبيض‭. ‬كان‭ ‬‮«‬أوباما‮»‬‭ ‬تجربةً‭ ‬استثنائيًّة‭ ‬فى‭ ‬الظروف‭ ‬والتفاصيل،‭ ‬ونجاحُه‭ ‬فى‭ ‬العبور‭ ‬قبل‭ ‬نحو‭ ‬عقدين،‭ ‬لا‭ ‬يعنى‭ ‬أنَّ‭ ‬السياقَ‭ ‬مُلائِمٌ‭ ‬لتمرير‭ ‬نُسخته‭ ‬النسوية‭. ‬فماذا‭ ‬لو‭ ‬أضفنا‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬العَقَبةِ‭ ‬الكأداء،‭ ‬كلَّ‭ ‬ما‭ ‬جناهُ‭ ‬ااديمقراطيون‭ ‬على‭ ‬أنفسِهم‭ ‬والعالم،‭ ‬وعلى‭ ‬البيئة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أوَّلاً‭ ‬وقبل‭ ‬كلِّ‭ ‬شىء‭.‬


الحصادُ‭ ‬مُعبَّأٌ‭ ‬بالدلالات،‭ ‬وبعضُها‭ ‬أضخمُ‭ ‬من‭ ‬الإنكار‭ ‬أو‭ ‬التجاوز‭ ‬السهل‭. ‬يعودُ‭ ‬الرئيسُ‭ ‬السابقُ‭ ‬للبيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بعدما‭ ‬غادرَه‭ ‬بطريقةٍ‭ ‬دراميَّة‭ ‬صاخبة،‭ ‬وبدا‭ ‬أنه‭ ‬استنزفَ‭ ‬المشروعَ‭ ‬والرصيدَ‭ ‬وفُرَص‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬المُنافسة،‭ ‬وهى‭ ‬عودةٌ‭ ‬نادرةٌ‭ ‬لم‭ ‬تحدُث‭ ‬إلَّا‭ ‬مرَّةً‭ ‬سابقةً،‭ ‬وقبل‭ ‬نحو‭ ‬مائة‭ ‬وثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬مع‭ ‬الديمقراطى‭ ‬جروفر‭ ‬كليفلاند‭. ‬ويزيدُ‭ ‬أنها‭ ‬الحالةُ‭ ‬الأُولى‭ ‬التى‭ ‬يترشَّحُ‭ ‬ويفوزُ‭ ‬فيها‭ ‬شخصٌ‭ ‬مُدَانٌ‭ ‬فى‭ ‬اتِّهاماتٍ‭ ‬جنائيَّة،‭ ‬ومُلاحَقٌ‭ ‬فيدراليًّا‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬عدّة‭ ‬ولايات‭. ‬فضلاً‭ ‬على‭ ‬أنَّه‭ ‬يُجاهرُ‭ ‬بخصومتِه‭ ‬مع‭ ‬النظام،‭ ‬ومُعاداته‭ ‬لكثيرٍ‭ ‬من‭ ‬تفاصيله‭ ‬وآليَّات‭ ‬عملِه،‭ ‬ولا‭ ‬يخفِى‭ ‬رغبتَه‭ ‬فى‭ ‬تعديله‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬معالمه،‭ ‬أكان‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬مشروع‭ ‬2025‮»‬‭ ‬الذى‭ ‬امتدحَه‭ ‬دون‭ ‬تَبَنِّيه‭ ‬رسميًّا،‭ ‬أو‭ ‬عبرَ‭ ‬أىِّ‭ ‬تصوُّرٍ‭ ‬بديل‭.‬


والشواهدُ‭ ‬هُنا‭ ‬تتخطَّى‭ ‬فكرةَ‭ ‬شعبيَّة‭ ‬الفائز‭ ‬أو‭ ‬تآكُل‭ ‬قاعدة‭ ‬الخاسرين،‭ ‬لتُلامِسَ‭ ‬سقفَ‭ ‬الإزعاج‭ ‬والقلق‭ ‬على‭ ‬الصيغة‭ ‬الأمريكية‭ ‬ومُستقبلِها؛‭ ‬إذ‭ ‬تُعبِّرُ‭ ‬عن‭ ‬مقدارِ‭ ‬الريبة‭ ‬الذى‭ ‬يحيكُ‭ ‬بصدور‭ ‬الجمهور‭ ‬تجاه‭ ‬الدولة،‭ ‬وعدم‭ ‬رضاهم‭ ‬عن‭ ‬بنيانِها‭ ‬العام،‭ ‬أو‭ ‬افتقاد‭ ‬الثقة‭ ‬فى‭ ‬استقامة‭ ‬المُؤسَّسات‭ ‬وعدالة‭ ‬القانون،‭ ‬وما‭ ‬يتَّصل‭ ‬بهما‭ ‬من‭ ‬مخاوف‭ ‬التوظيف‭ ‬السياسىِّ‭ ‬لأُمورٍ‭ ‬تقعُ‭ ‬فى‭ ‬صُلب‭ ‬النزاهة‭ ‬والقِيَم‭ ‬المُجرَّدة‭. ‬وهكذا‭ ‬لا‭ ‬تعودُ‭ ‬المسألةُ‭ ‬مُتَّصِلَةً‭ ‬بترامب‭ ‬أو‭ ‬مَحصورةً‭ ‬فيه؛‭ ‬بل‭ ‬بالمجال‭ ‬العام‭ ‬وتوازُنات‭ ‬القوى‭ ‬داخل‭ ‬البوتقة‭ ‬الوطنية،‭ ‬واستشعار‭ ‬الشارع‭ ‬أنه‭ ‬مُحَيَّدٌ‭ ‬ومَعزولٌ‭ ‬عن‭ ‬اتِّخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬أو‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حالةٍ‭ ‬ديمقراطيَّةٍ‭ ‬سليمةٍ‭ ‬وناضجة؛‭ ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أنها‭ ‬لن‭ ‬تَكونَ‭ ‬آخرَ‭ ‬الانقلابات‭ ‬ولا‭ ‬أكثرَها‭ ‬صِدامًا،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تُبشِّرُ‭ ‬بمسارٍ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬والمُناكفات،‭ ‬لن‭ ‬تبقى‭ ‬فيه‭ ‬تقاليدُ‭ ‬الآباء‭ ‬على‭ ‬حالها،‭ ‬وقد‭ ‬تستَولِدُ‭ ‬بالتفاعُل‭ ‬الخلَّاق‭ ‬أو‭ ‬الانقسامات‭ ‬العميقة،‭ ‬طريقًا‭ ‬ثالثةً‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬كَرَّسَه‭ ‬الماضى‭ ‬ويَأبَاه‭ ‬الحاضرُ،‭ ‬و«الترامبيَّةُ‮»‬‭ ‬ربَّما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬خُطوتِها‭ ‬الافتتاحيَّة‭.‬


ليست‭ ‬كثيرةً‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬حالاتُ‭ ‬التسليم‭ ‬الشعبىِّ‭ ‬الواسع‭ ‬بتَلوين‭ ‬جَنَاحَى‭ ‬السُّلطة‭ ‬بلونٍ‭ ‬واحدٍ‭. ‬وما‭ ‬حدثَ‭ ‬أنَّ‭ ‬الجمهوريِّين‭ ‬اقتنصوا‭ ‬الرئاسة،‭ ‬وسيطروا‭ ‬على‭ ‬الكونجرس‭ ‬بمَجْلِسَيه،‭ ‬وأحرزوا‭ ‬أغلبيَّةً‭ ‬عدديَّة‭ ‬بين‭ ‬حُكَّام‭ ‬الولايات‭. ‬إنه‭ ‬‮«‬طوفانٌ‭ ‬أحمر‮»‬‭ ‬صنعَه‭ ‬ترامب‭ ‬بفائض‭ ‬طاقته،‭ ‬أو‭ ‬حُمِلَ‭ ‬على‭ ‬مَوجِه‭ ‬الهادر‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭. ‬وإن‭ ‬دَلَّ‭ ‬على‭ ‬شىءٍ؛‭ ‬فإنه‭ ‬الغضبُ‭ ‬العارمُ‭ ‬من‭ ‬إطالة‭ ‬عُمر‭ ‬التجربة‭ ‬الأوباميَّة،‭ ‬والرَّفْض‭ ‬لحالةِ‭ ‬التنازُع‭ ‬التى‭ ‬عرفَها‭ ‬الكابيتول‭ ‬طوالَ‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬والأهمُّ‭ ‬أنه‭ ‬يَنُمُّ‭ ‬عن‭ ‬عُلوِّ‭ ‬النزعة‭ ‬المُحافِظَة،‭ ‬وسيادةِ‭ ‬الانشغال‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬عداه،‭ ‬والهروبٍ‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬من‭ ‬استحقاقات‭ ‬التورُّط‭ ‬فى‭ ‬الصراعات‭ ‬الدولية،‭ ‬وعن‭ ‬رغبةٍ‭ ‬واضحة‭ ‬فى‭ ‬إنهائها‭ ‬بكُلِّ‭ ‬السُّبل؛‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬الطريقة‭ ‬التى‭ ‬اختبروها‭ ‬سابقًا‭ ‬مع‭ ‬رئيسٍ‭ ‬فَوْضَوىٍّ‭ ‬مُتَسَلِّطٍ‭ ‬وغير‭ ‬مُتَوَقَّعٍ‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬


بدا‭ ‬المجتمعُ‭ ‬مَهجُوسًا‭ ‬بفكرة‭ ‬الهُويَّة،‭ ‬وبالبحث‭ ‬عن‭ ‬تعريفٍ‭ ‬مُغاير‭ ‬للامبراطورية،‭ ‬لا‭ ‬يكونُ‭ ‬مُرتبطًا‭ ‬بالسداد‭ ‬الدائم‭ ‬للفواتير،‭ ‬ولا‭ ‬بخَوض‭ ‬معارك‭ ‬الآخرين‭ ‬بدلاً‭ ‬عنهم‭. ‬ما‭ ‬يعنى‭ ‬أنَّ‭ ‬الدعمَ‭ ‬المُفرِطَ‭ ‬لأوكرانيا‭ ‬ليسَ‭ ‬مَحلَّ‭ ‬إجماعٍ،‭ ‬ولا‭ ‬طريقةَ‭ ‬التعاطِى‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل؛‭ ‬رغم‭ ‬وَضعِيَّتِها‭ ‬المُمَيَّزَة‭ ‬فى‭ ‬العقيدة‭ ‬الأمريكية‭. ‬لقد‭ ‬قدَّم‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬نفسَه‭ ‬للجمهور‭ ‬على‭ ‬صِفَة‭ ‬رجل‭ ‬الإطفاء،‭ ‬واختيارُه‭ ‬إنما‭ ‬يُؤكِّد‭ ‬رغبتَهم‭ ‬فى‭ ‬تفعيل‭ ‬الأسلحة‭ ‬لا‭ ‬تقطعُ‭ ‬الشرايين؛‭ ‬وإنْ‭ ‬أرهقَتْ‭ ‬الجيوب؛‭ ‬إذ‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬اقتراحاته‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬أبدى‭ ‬قدرًا‭ ‬من‭ ‬الانعزاليَّة،‭ ‬وانحازَ‭ ‬للقتال‭ ‬بالدولار‭ ‬والضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬الجُمركيّة،‭ ‬وكُلّها‭ ‬يُحتَمَلُ‭ ‬أن‭ ‬ترفعَ‭ ‬التضخُّمَ‭ ‬وتزيد‭ ‬الأعباء؛‭ ‬لكنها‭ ‬تشُقُّ‭ ‬مسارًا‭ ‬بديلاً‭ ‬عن‭ ‬المُحاربة‭ ‬الدائمة‭ ‬لطواحين‭ ‬الهواء،‭ ‬وعن‭ ‬البقاء‭ ‬فى‭ ‬مَحرقة‭ ‬الاستنزاف‭ ‬الأبدىِّ،‭ ‬أو‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬‮«‬فَخّ‭ ‬ثيوسيديدس»؛‭ ‬انتظارًا‭ ‬للصدام‭ ‬الاضطرارىِّ‭ ‬الشامل‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬أو‭ ‬أىِّ‭ ‬صاعدٍ‭ ‬آخر‭ ‬إلى‭ ‬النزاع‭ ‬على‭ ‬قُطبِيَّة‭ ‬العالم‭.‬


وعدَ‭ ‬المُرشَّحُ‭ ‬الجمهورىُّ‭ ‬فى‭ ‬حَملتِه‭ ‬بإيقاف‭ ‬حربِ‭ ‬أوراسيا،‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬موجودًا‭ ‬ما‭ ‬اشتعلَ‭ ‬الشرقُ‭ ‬الأوسطُ‭ ‬من‭ ‬الأساس‭. ‬والمُؤكَّد‭ ‬أنَّه‭ ‬سيشتغلُ‭ ‬أوَّلَ‭ ‬ما‭ ‬يشتغلُ‭ ‬على‭ ‬تبريد‭ ‬الأجواء‭ ‬مع‭ ‬روسيا،‭ ‬ولو‭ ‬على‭ ‬حسابِ‭ ‬أوكرانيا‭. ‬والديمقراطيِّون‭ ‬عاجزون‭ ‬قطعًا‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الغبار‭ ‬هُنا،‭ ‬بعدما‭ ‬كانوا‭ ‬سببًا‭ ‬مُباشرًا‭ ‬فى‭ ‬استثارة‭ ‬العاصفة‭ ‬أصلاً‭. ‬كما‭ ‬لن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬من‭ ‬مقعد‭ ‬الأقليّة‭ ‬التشريعيَّة‭ ‬أن‭ ‬يُعَطِّلوا‭ ‬أيَّة‭ ‬أجندة‭ ‬حمراء‭ ‬للتلطيف‭ ‬مع‭ ‬بوتين‭. ‬

يتوافرُ‭ ‬للعائدُ‭ ‬المُظَفَّر‭ ‬فى‭ ‬الولاية‭ ‬الثانية‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬غائبًا‭ ‬عن‭ ‬الأُولى‭: ‬الدولةُ‭ ‬بكاملِها‭ ‬من‭ ‬لَونِه‭ ‬وطبقته،‭ ‬والسلطاتُ‭ ‬مثلَ‭ ‬قطعةِ‭ ‬عُملةٍ‭ ‬يُمكِنُ‭ ‬التعرُّف‭ ‬على‭ ‬وَجهيها؛‭ ‬إنما‭ ‬يستحيلُ‭ ‬فَصلُهما‭ ‬أو‭ ‬وَضعُهما‭ ‬فى‭ ‬مُقابلة‭. ‬كما‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لنانسى‭ ‬بيلوسى‭ ‬التى‭ ‬كانت‭ ‬تختصمُه‭ ‬وتتعمَّد‭ ‬إهانتَه،‭ ‬وحاولت‭ ‬عزلَه‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يُنقِذَه‭ ‬الشيوخُ‭ ‬الجمهوريون،‭ ‬فكأنَّه‭ ‬قطارٌ‭ ‬على‭ ‬مُنحَدرٍ‭ ‬مفتوحٍ‭ ‬دون‭ ‬عوائق،‭ ‬ولا‭ ‬ضابطَ‭ ‬له‭ ‬إلَّا‭ ‬ما‭ ‬يُحدِّده‭ ‬ويُلزِمُ‭ ‬به‭ ‬نفسَه‭ ‬وإدارتَه،‭ ‬وحتى‭ ‬هامش‭ ‬المُناكفة‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬حزبِه‭ ‬يُمكن‭ ‬استيعابُه‭ ‬بالترغيب‭ ‬أو‭ ‬الترهيب،‭ ‬ومن‭ ‬مُنطَلَق‭ ‬عِلمِهم‭ ‬جميعًا‭ ‬أنَّ‭ ‬الشارع‭ ‬فى‭ ‬صَفِّ‭ ‬الرئيس،‭ ‬وأنه‭ ‬يمتلئ‭ ‬بإحساس‭ ‬السموّ‭ ‬فى‭ ‬المكانة،‭ ‬والفضل‭ ‬على‭ ‬التيَّار،‭ ‬وقد‭ ‬صار‭ ‬مُكافئًا‭ ‬للحزب؛‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬تأثيرًا‭.‬


الحيِّزُ‭ ‬الوحيدُ‭ ‬المُتاح‭ ‬لإبراء‭ ‬الذمَّة،‭ ‬واستكشافِ‭ ‬الجولة‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬لعبةِ‭ ‬التشغيب‭ ‬ووَضع‭ ‬العراقيل،‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬وفيما‭ ‬يتَّصلُ‭ ‬بالحرب‭ ‬الدائرة‭ ‬فى‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأُفقِها‭ ‬المفتوح‭ ‬بين‭ ‬الصهيونية‭ ‬والشيعيَّة‭ ‬المُسلَّحة‭. ‬تحرَّر‭ ‬بايدن‭ ‬ونائبتُه‭ ‬من‭ ‬كلِّ‭ ‬الضغوط‭ ‬والحسابات،‭ ‬وأقربُ‭ ‬محطَّةٍ‭ ‬انتخابيَّة‭ ‬فى‭ ‬التجديد‭ ‬النصفى‭ ‬بعد‭ ‬عامين،‭ ‬ومن‭ ‬ثمَّ‭ ‬لا‭ ‬تهديدَ‭ ‬لحظوظ‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬لو‭ ‬مارسوا‭ ‬قدرًا‭ ‬من‭ ‬الغطرسة‭ ‬على‭ ‬نتنياهو‭ ‬وحكومته‭. ‬والمُتَوَقَّع‭ ‬أن‭ ‬يُديرَ‭ ‬العجوزُ‭ ‬الراحلُ‭ ‬ماكيناته‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬سرعة،‭ ‬ويسعى‭ ‬لتطويق‭ ‬الميدان‭ ‬من‭ ‬غزَّة‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان،‭ ‬وصولاً‭ ‬لإيران‭ ‬نفسِها‭.


صحيحٌ‭ ‬أنه‭ ‬يُمكنُ‭ ‬أن‭ ‬يندفعَ‭ ‬إلى‭ ‬مسار‭ ‬الحربِ‭ ‬دون‭ ‬خشيةٍ‭ ‬من‭ ‬عواقبها،‭ ‬وعلى‭ ‬معنى‭ ‬أنه‭ ‬يُورِّثُ‭ ‬غريمَه‭ ‬تركةً‭ ‬ثقيلةً،‭ ‬مثلما‭ ‬فعلَ‭ ‬معه‭ ‬فى‭ ‬أفغانستان؛‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬سيكولوجية‭ ‬العجوز‭ ‬الراحل‭ ‬تُعزِّز‭ ‬احتمالات‭ ‬أنْ‭ ‬ينحو‭ ‬إلى‭ ‬التبريد‭ ‬لا‭ ‬التسخين،‭ ‬لأنَّ‭ ‬الأوَّل‭ ‬يُحَقِّقُ‭ ‬له‭ ‬خِتامًا‭ ‬أخلاقيًّا‭ ‬للرحلة،‭ ‬وشَطبًا‭ ‬على‭ ‬سوءاته‭ ‬السابقة،‭ ‬ولعلْمِه‭ ‬أنَّ‭ ‬التوراتيين‭ ‬فى‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬يطلبون‭ ‬الثانى،‭ ‬والردُّ‭ ‬على‭ ‬نكايتهم‭ ‬يستوجِبُ‭ ‬بالضرورة‭ ‬حِرمانَهم‭ ‬مِمًّا‭ ‬يسعون‭ ‬إليه،‭ ‬وقطعَ‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يستثمروا‭ ‬يَمينيّة‭ ‬ترامب،‭ ‬وإن‭ ‬حَدَثَ‭ ‬فليَكُن‭ ‬على‭ ‬معنى‭ ‬افتتاح‭ ‬الحروب‭ ‬وإشعال‭ ‬النيران‭ ‬المُطفَأة،‭ ‬وليس‭ ‬استكمال‭ ‬دراما‭ ‬الإدارة‭ ‬الراحلة،‭ ‬والتذَرُّع‭ ‬بلَملَمة‭ ‬ما‭ ‬تركَتْه‭ ‬خلفَها‭ ‬من‭ ‬فوضى‭ ‬وحساباتٍ‭ ‬عَالِقة‭.‬


من‭ ‬هُنا‭ ‬يُمكنُ‭ ‬أن‭ ‬نفهَم‭ ‬قرارَ‭ ‬نتنياهو‭ ‬الأخير‭ ‬على‭ ‬معنىً‭ ‬أعمق‭. ‬لقد‭ ‬استبَقَ‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬بإعلان‭ ‬إقالة‭ ‬يوآف‭ ‬جالانت،‭ ‬ونقلَ‭ ‬يسرائيل‭ ‬كاتس‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬إلى‭ ‬الدفاع،‭ ‬مع‭ ‬إدخال‭ ‬جدعون‭ ‬ساعر‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬قائدًا‭ ‬للدبلوماسية‭. ‬صحيحٌ‭ ‬أنَّ‭ ‬التغيير‭ ‬ليس‭ ‬مُفاجئًا‭ ‬على‭ ‬الإطلاق،‭ ‬وكان‭ ‬معروضًا‭ ‬على‭ ‬الملأ‭ ‬بتفاصيلِه‭ ‬الكاملة‭ ‬منذ‭ ‬أسابيع؛‭ ‬إلَّا‭ ‬أنَّ‭ ‬التوقيتَ‭ ‬يمنحُه‭ ‬دلالاتٍ‭ ‬إضافيَّةً،‭ ‬ويُفصِحُ‭ ‬عن‭ ‬نوايا‭ ‬مُتَّخِذ‭ ‬القرار‭ ‬بشأن‭ ‬الخطوة؛‭ ‬إنْ‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬التحضُّر‭ ‬لمُلاقاة‭ ‬الفائز‭ ‬بالبيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬أو‭ ‬التحسُّب‭ ‬والحذر‭ ‬من‭ ‬الرقصة‭ ‬الأخيرة‭ ‬المُحتمَلَة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الخاسر‭.


برَّر‭ ‬زعيمُ‭ ‬الليكود‭ ‬موقفَه‭ ‬بتصاعُد‭ ‬الخلافات‭ ‬وفقدان‭ ‬الثِّقة،‭ ‬وقال‭ ‬وزيرُ‭ ‬الأمن‭ ‬إنه‭ ‬ضحيّةُ‭ ‬التنازُع‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬قضايا‭: ‬عُموميَّة‭ ‬التجنيد‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭ ‬الحريديم،‭ ‬واستعادة‭ ‬الأسرى‭ ‬ولو‭ ‬بتنازُلاتٍ‭ ‬سياسية‭ ‬قاسية،‭ ‬والتحقيق‭ ‬فى‭ ‬إخفاق‭ ‬‮«‬الطوفان‮»‬‭ ‬وما‭ ‬تلاه؛‭ ‬للتبصُّر‭ ‬وتحديد‭ ‬المسؤوليات‭ ‬واستلهام‭ ‬المواعظ‭ ‬والدروس‭. ‬وبينما‭ ‬هلَّلَ‭ ‬التوراتيِّون‭ ‬شُركاءُ‭ ‬الائتلاف؛‭ ‬ثارت‭ ‬ثائرةُ‭ ‬الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬بكلِّ‭ ‬أطيافها‭ ‬تقريبًا،‭ ‬وتتابعَتْ‭ ‬الانتقاداتُ‭ ‬من‭ ‬اليمين‭ ‬والوسط،‭ ‬واشتعلَ‭ ‬الشارعُ‭ ‬بالتظاهُرات‭ ‬الرافضة‭ ‬للخطوة‭ ‬باعتبارها‭ ‬مُراوغةً‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الحاكم‭ ‬الفرد‭. ‬أدانها‭ ‬جانتس‭ ‬وأيزنكوت‭ ‬ولابيد‭ ‬وليبرمان‭ ‬ونيفتالى‭ ‬بينيت،‭ ‬وأجمَعوا‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬سَحبَ‭ ‬الجنرال‭ ‬السابق‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬الميدان‭ ‬المُشتعِل‭ ‬خطيئةٌ‭ ‬حربيَّةٌ‭ ‬واستراتيجيّة،‭ ‬وتغليبٌ‭ ‬للسياسة‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومىِّ،‭ ‬وللاعتبارات‭ ‬الشخصيَّة‭ ‬على‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬وأولويَّات‭ ‬الدولة‭.‬


لا‭ ‬تنفصلُ‭ ‬الإطاحة‭ ‬عن‭ ‬أجواء‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة؛‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬مُبيَّتَةً‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الحرب،‭ ‬وربما‭ ‬قبلها‭. ‬لم‭ ‬تعُد‭ ‬المُماطَلةُ‭ ‬مُمكِنَةً‭ ‬بشأن‭ ‬الهُدنة‭ ‬مع‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬التهدئة‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬لبنان؛‭ ‬وقد‭ ‬فضحَتْها‭ ‬قضيَّةُ‭ ‬التسريبات،‭ ‬وأكَّدت‭ ‬أنَّ‭ ‬مكتبَ‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬يُقامر‭ ‬بالجنود‭ ‬والرهائن‭ ‬لإبقاء‭ ‬الميدان‭ ‬ساخنًا‭. ‬وهو‭ ‬إذ‭ ‬ينحرُ‭ ‬القائدَ؛‭ ‬فإنه‭ ‬يُقدِّم‭ ‬لمَرؤوسيه‭ ‬نموذجًا‭ ‬لأُمثولة‭ ‬‮«‬رأس‭ ‬الذئب‭ ‬الطائر‮»‬،‭ ‬ويحرِفُ‭ ‬الأنظارَ‭ ‬عن‭ ‬الجبهات‭ ‬الساخنة‭ ‬وارتباكاتها،‭ ‬ويتلطَّى‭ ‬وراء‭ ‬السحابة‭ ‬الحمراء‭ ‬فى‭ ‬واشنطن؛‭ ‬لينجو‭ ‬بمُخطَّطه‭ ‬الكامل‭ ‬فى‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭. ‬وفوقَ‭ ‬كلِّ‭ ‬هذا؛‭ ‬يقولُ‭ ‬ضِمنيًّا‭ ‬إنه‭ ‬قوىٌّ‭ ‬وثابت،‭ ‬كسياسىٍّ‭ ‬لا‭ ‬يخشى‭ ‬تصفية‭ ‬الحسابات‭ ‬تحت‭ ‬أىِّ‭ ‬ظرفٍ،‭ ‬وكاستراتيجىٍّ‭ ‬لا‭ ‬يتورَّعُ‭ ‬عن‭ ‬تغيير‭ ‬مُقاتليه‭ ‬فى‭ ‬قَلبِ‭ ‬الحرب،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬خطرَ‭ ‬على‭ ‬المؤسَّسة‭ ‬والرؤية‭ ‬والأهداف‭ ‬التكتيكية‭ ‬والعَمَلانيَّة‭.‬


ثمّةُ‭ ‬ثأر‭ ‬قديم‭ ‬نسبيًّا‭ ‬مع‭ ‬جالانت‭. ‬إنه‭ ‬الليكودىُّ‭ ‬المُناكِف‭ ‬من‭ ‬الداخل،‭ ‬وقد‭ ‬تصدَّى‭ ‬لمشروع‭ ‬الإصلاح‭ ‬القضائىِّ‭ ‬المُعَدّ‭ ‬بالاتفاق‭ ‬مع‭ ‬التوراتيِّين‭ ‬وأحزاب‭ ‬المستوطنين،‭ ‬وأُقِيلَ‭ ‬وقتَها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬بضَغطِ‭ ‬الشارع‭. ‬نتنياهو‭ ‬هُنا‭ ‬يستدركُ‭ ‬على‭ ‬إخفاقِه‭ ‬القديم،‭ ‬ويُعبِّر‭ ‬عن‭ ‬هيمنتِه‭ ‬بأعلى‭ ‬صُوَرِها‭ ‬المُمكِنَة،‭ ‬إذ‭ ‬يُحقِّق‭ ‬فى‭ ‬زمن‭ ‬الحرب‭ ‬ما‭ ‬تعذَّر‭ ‬عليه‭ ‬فى‭ ‬أزمنة‭ ‬السِّلم‭. ‬والمُفارقة‭ ‬أنه‭ ‬يزيحُ‭ ‬غريمًا‭ ‬ويستجلبُ‭ ‬آخر؛‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬جدعون‭ ‬ساعر‭ ‬ليكوديًّا‭ ‬أيضًا،‭ ‬ونافسه‭ ‬على‭ ‬رئاسته،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ينشَقّ‭ ‬عنه‭ ‬بعد‭ ‬الخسارة‭ ‬ويُؤسِّس‭ ‬حزبَ‭ ‬‮«‬أمل‭ ‬جديد‮»‬،‭ ‬وإعادتُه‭ ‬اليومَ‭ ‬تأكيدٌ‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬بيتِه‭ ‬وتعزيز‭ ‬سُلطتِه‭ ‬فيه،‭ ‬ثمَّ‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬الساحة‭ ‬اليمينية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬رَفدِ‭ ‬أغلبيّته‭ ‬البسيطة‭ ‬بستَّة‭ ‬مقاعد‭ ‬إضافيَّة،‭ ‬ما‭ ‬يُلقِى‭ ‬ضغوطًا‭ ‬على‭ ‬حليفيه‭ ‬بن‭ ‬جفير‭ ‬وسموتريتش،‭ ‬ويُقلِّص‭ ‬نسبيًّا‭ ‬من‭ ‬ابتزازِهم‭ ‬له‭ ‬وتهديداتهم‭ ‬المُتكرِّرة‭ ‬بإسقاطه‭. ‬هو‭ ‬يُريد‭ ‬الابتزازَ‭ ‬ويُجيدُ‭ ‬توظيفَه؛‭ ‬لكنّه‭ ‬يُحِبُّ‭ ‬أن‭ ‬يكونَ‭ ‬ورقةً‭ ‬فى‭ ‬يَدِه‭ ‬لا‭ ‬خنجرًا‭ ‬على‭ ‬رقبته‭.‬


التغييرُ‭ ‬الآن‭ ‬هدفُه‭ ‬إعادةُ‭ ‬الساعة‭ ‬إلى‭ ‬الوراء‭. ‬سيطلبُ‭ ‬الوزيرُ‭ ‬الجديدُ‭ ‬مُهلةً‭ ‬قبل‭ ‬الخوض‭ ‬فى‭ ‬مُداولات‭ ‬التهدئة،‭ ‬وهو‭ ‬آتٍ‭ ‬من‭ ‬حقل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬وقادرٌ‭ ‬على‭ ‬المُراوغة،‭ ‬ويعرفُ‭ ‬الأمريكيِّين‭ ‬جيِّدًا‭ ‬ويُجيدُ‭ ‬التعامل‭ ‬معهم؛‭ ‬إنما‭ ‬من‭ ‬زاويةٍ‭ ‬صهيونيَّةٍ‭ ‬قوميَّة‭ ‬شديدة‭ ‬التطرُّف‭ ‬والإخلاص‭ ‬لنتنياهو‭. ‬كان‭ ‬جالانت‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن،‭ ‬ويُحتَمَلُ‭ ‬أن‭ ‬يصير‭ ‬خنجرًا‭ ‬فى‭ ‬الخاصرة‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬العشرة‭ ‬المُتبقيّة‭ ‬له‭ ‬فى‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يُريدُ‭ ‬الاصطدام‭ ‬بمُفاجآتٍ‭ ‬داخلية‭ ‬تُعزِّزُ‭ ‬الضغوط‭ ‬المُتوقَّعة‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الديمقراطيِّين؛‭ ‬لا‭ ‬سيَّما‭ ‬مع‭ ‬نظرتهم‭ ‬لحكومة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬باعتبارها‭ ‬طرفًا‭ ‬أصيلاً‭ ‬فى‭ ‬خسارتهم‭. ‬وإلى‭ ‬هذا؛‭ ‬فإنه‭ ‬يحتاجُ‭ ‬للاستعداد‭ ‬وتمهيد‭ ‬الأرض‭ ‬قبل‭ ‬تنصيب‭ ‬ترامب،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬جاهزًا‭ ‬بكاملِ‭ ‬عتاده‭ ‬ورجالِه‭ ‬الأوفياء،‭ ‬بحيث‭ ‬يضعُ‭ ‬على‭ ‬طاولة‭ ‬الحليف‭ ‬العتيد‭ ‬ورقةً‭ ‬وطنيّة‭ ‬واحدةً،‭ ‬مُتماسِكَة‭ ‬دون‭ ‬ثغراتٍ،‭ ‬ولها‭ ‬حُجّيَّة‭ ‬الإجماع‭ ‬أيضًا‭.‬


ضربَ‭ ‬عصفورين‭ ‬بحجرٍ‭ ‬واحد؛‭ ‬تخلَّص‭ ‬من‭ ‬خصمِه‭ ‬اللدود،‭ ‬وحَمَّلَه‭ ‬ضِمنيًّا‭ ‬مسؤوليةَ‭ ‬الفشل‭ ‬والإخفاق،‭ ‬وأعاد‭ ‬ضبطَ‭ ‬ساعتِه‭ ‬من‭ ‬الصفر،‭ ‬وبدأ‭ ‬التحضيرَ‭ ‬للمُواجهة‭ ‬الشاملة‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬بجبهةٍ‭ ‬مُتماسِكة،‭ ‬وبإسنادٍ‭ ‬أمريكىٍّ‭ ‬مضمون‭. ‬وطهران‭ ‬من‭ ‬جانبِها‭ ‬لن‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬الأرجح،‭ ‬إذ‭ ‬يُحقِّق‭ ‬صعودُ‭ ‬ترامب‭ ‬قدرًا‭ ‬من‭ ‬الردع‭ ‬المعنوى‭ ‬الفاعل،‭ ‬وهذا‭ ‬مِمَّا‭ ‬يُضاعف‭ ‬حاجةَ‭ ‬اليمين‭ ‬الإسرائيلىِّ‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬هيئةٍ‭ ‬سياسية‭ ‬عسكريّة‭ ‬راغبةٍ‭ ‬فى‭ ‬الاستفزاز‭ ‬وقادرةٍ‭ ‬عليه‭. ‬ومع‭ ‬تسريب‭ ‬أنباء‭ ‬عن‭ ‬الاقتراب‭ ‬من‭ ‬إقالة‭ ‬رئيس‭ ‬الأركان‭ ‬ومدير‭ ‬الشاباك،‭ ‬ثمَّ‭ ‬نَفيها،‭ ‬فقد‭ ‬جرى‭ ‬ترويض‭ ‬هاليفى‭ ‬ورونين‭ ‬بار،‭ ‬وضمان‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬نتنياهو‭ ‬إلى‭ ‬موعده‭ ‬الطبيعى‭ ‬فى‭ ‬2026،‭ ‬دون‭ ‬أثرٍ‭ ‬لدعوات‭ ‬الانتخابات‭ ‬المُبكِّرة،‭ ‬أو‭ ‬فاعليّةٍ‭ ‬لمَنطق‭ ‬أنَّ‭ ‬تغيير‭ ‬الجنرال‭ ‬فى‭ ‬الحرب‭ ‬يُبرِّر‭ ‬تغييرَ‭ ‬السياسىَّ،‭ ‬ولا‭ ‬يجعلُه‭ ‬مُستحيلاً‭ ‬أو‭ ‬تهديدًا‭ ‬وجوديًّا‭. ‬


باختصار،‭ ‬أطلقَ‭ ‬‮«‬السنوار‮»‬‭ ‬طوفانَه‭ ‬ليُغرِقَ‭ ‬حكومةَ‭ ‬الليكود؛‭ ‬فأغرقَ‭ ‬نتنياهو‭ ‬خصومَه‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭ ‬والخارج،‭ ‬وحتى‭ ‬حليفَه‭ ‬الأمريكىَّ‭ ‬الخاضع‭ ‬تمامًا‭ ‬لإملاءاته‭. ‬خسرت‭ ‬غزّة‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الضحايا‭ ‬والمصابين،‭ ‬وتضرَّر‭ ‬حزبُ‭ ‬الله،‭ ‬وانتكست‭ ‬الشيعيَّةُ‭ ‬المُسلَّحة‭ ‬من‭ ‬رأسها‭ ‬إلى‭ ‬أذرعها،‭ ‬وطُرِدَ‭ ‬الديمقراطيِّون‭ ‬من‭ ‬كلِّ‭ ‬السُّلطات‭ ‬طَردًا‭ ‬عنيفًا،‭ ‬والفائزُ‭ ‬الوحيد‭ ‬تقريبًا‭ ‬ذئبٌ‭ ‬جائعٌ‭ ‬يجلس‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬دولةٍ‭ ‬نازيّة‭ ‬مُتوحِّشة،‭ ‬ليشربَ‭ ‬نخبَه‭ ‬من‭ ‬دماء‭ ‬الأبرياء،‭ ‬ويشكرَ‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأعداء‭ ‬على‭ ‬الهدايا‭ ‬المجانية،‭ ‬والخِفَّة‭ ‬والعشوائية‭ ‬وسوء‭ ‬التقدير،‭ ‬وأوَّلاً‭ ‬وأخيرًا‭ ‬على‭ ‬الغباء‭ ‬فى‭ ‬المحبَّة‭ ‬والعداوة‭ ‬على‭ ‬حدٍّ‭ ‬سواء‭.‬







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة