-
مريض ثلاسيميا: تعرضت لنزلات معوية وحمى وارتميت لأشهر فى فراش المرض لا أستطيع الوقوف على قدمى بسبب قلة الدم والطعام
-
مدير جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا بغزة: لدينا 282 مريضا ووفاة 27 بسبب القصف ونقص الدماء والمتبرعين
-
الصحة الفلسطينية تدشن حملة #دمنا ـ واحد" لتوفير الدم ونقله لشمال غزة لإنقاذ المرضى
-
مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: مجموعة قليلة خرجت للعلاج خارج غزة قبل غلق معبر رفح
-
المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه على حياة 63 مريضًا بالثلاسيميا من بينهم 35 أنثى فى شمال غزة
-
مرض ثلاسيميا: 40 مريضا لديهم تحويلات للعلاج بالخارج ولا يستطيعون الخروج ووضعنا سيئ للغاية
-
وزير الصحة الفلسطينى: الاحتلال دمر 22 مستشفى وأصبح خارج الخدمة كليا
كان حسين كريزم، يتردد كل شهر إلى مجمع الشفاء الطبي فى شمال قطاع غزة وأحيانا مستشفى كمال عدوان، للحصول على وحدات الدم التى يحتاجها، كونه مريض ثلاسيميا، لم يكن يحتاج إلى متبرع للحصول على الوحدة، بل كانت وحدات الدم متوفرة، وكان تحليل الهيموجلوبين يصل إلى 8 و9، وكان آخر موعد له فى مطلع أكتوبر عندما حصل على وحدة دم، ولم يكن يعلم أنه بعد أيام ستصبح مسألة الحصول على وحدات دم أشبه برحلات الموت، وأنه سيتعين عليه إيجاد متبرع بديل كى يستطيع أن يحصل عليها، بل إنه قد لا يجد متبرعا بسبب سوء تغذية مئات الآلاف فى غزة نتيجة نقص الطعام، أيام قليلة فاصلة بين حال حسين كريزم قبل العدوان وبعد بداية العدوان فى 7 أكتوبر 2023.
هذا باختصار حال معاناة مرضى "الثلاسيميا" في قطاع غزة، وهو معاناة المريض من انخفاض مستوى الهيموجلوبين وانخفاض عدد كريات الدم الحمراء عن المعدل الطبيعى، مما يضطره لضرورة الحصول على وحدات دم بديلة كل أسبوعين أو شهر حال كانت الظروف طبيعية، إلا أنه مع حرب الإبادة الجماعية التى يعيشها أهالى القطاع منذ أكثر من عام، ونقص المستلزمات الطبية والأدوية ووحدات الدم وخروج عشرات المستشفيات عن الخدمة، لم يعد لدى مريض الثلاسيميا إلا ضرورة إيجاد متبرع، والذى لن يمنعه حال الحصول على الدم من تدهور صحته نتيجة نقص الغذاء والذى أدى حتى الآن إلى استشهاد العشرات من المرضى بسبب سوء التغذية وعدم الحصول على وحدات الدم الكافية له من المستشفيات.
حملة حكومية فلسطينية لتوفير دماء لمرضى الثلاسيميا فى غزة
فى 21 سبتمبر الماضى، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن تدشين حملة "دمنا واحد" لتوفير الدم لمرضى الثلاثيميا فى قطاع غزة الذى يتعرض لعدوان عنيف من جانب الاحتلال، حيث قالت وزارة الصحة الفلسطينية، خلال حملتها :"يعانى قطاع غزة من نقص حاد بوفرة وحدات الدم و خصوصا فى شمال القطاع الذى يعانى أهله سوء التغذية و فقر الدم مما يحول دون قدرتهم على التبرع بالدم، وينفذ بنك الدم فى وزارة الصحة "حملة #دمناـواحد" لتوفير الدم و نقله لشمال القطاع، ندعوكم لتلبية النداء و التوجه للتبرع بالدم فى كافة فروع بنوك الدم فى المحافظات.
تبعها أيضا بيان من جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا فى فلسطين والتي قالت عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك": "الحملة مستمرة "#دمناـواحد " للتبرع بالدم لصالح أهلنا فى قطاع غزة فى كافة فروع بنك الدم بالمحافظات.
حملات تبرع لمرضى الثلاسيميا في غزة
نعود لحسين كريزم، مريض الثلاسيميا، والمقيم فى معسكر جباليا شمال قطاع غزة، هذه البقعة من الأرض التى تعانى من مجاعة شديدة نتيجة نقص المساعدات الغذائية التى تصل لتلك المنطقة، حيث تحدثنا خلال التحقيق الذى أجريناه عن أوضاع مرضى "الثلاسيميا" فى غزة عن معاناة "حسين" الذى أصبح مهدد بالوفاة حال استمرار معاناته فى الحصول على وحدات الدم والطعام الصحى والذى يحتاجه بشكل عاجل من أجل استقرار حالته الصحية.
ويقول "كريزم" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" من جباليا :"ظروف حياتنا صعبة للغاية فى ظل الحرب، وبداية المعاناة منذ أول أيام الحرب، ففى شهر نوفمبر الماضى حدثت لدينا مجزرة فى شارعنا فاضطررنا لإخلاء المنزل والنزوح إلى دار خالى، وكان هناك صعوبة فى الحصول على وحدات الدم فكننا نذهب بصعوبة ولا نجد مواصلات وأجرنا سيارة للذهاب لمستشفى الشفاء الطبى مع مجموعة من المرضى للحصول على وحدات الدم، وحينها وجدنا الشهداء منتشرين فى المستشفى فى هذا الوقت والوضع كان مأساوى وكانت الإصابات بالآلاف وظللنا لساعات من أجل تدبير وحدة الدم، وحصلنا عليها بصعوبة، وعدنا لمنزلنا".
معاناة مريض الثلاسيميا للحصول على وحدات الدم وانهيار نتائج التحاليل الطبية
"كل شهر قبل الحرب كنت أحصل على وحدة الدم وتكفينى شهر وزيادة، ولكن بعد أول وحدة دم فى الحرب ظللت شهر ونصف تقريبا لم أحصل على وحدة الدم لأنه بعدها اشتدت الحرب علينا"، هنا يشرح حسين كريزم المعاناة التى يعيشها مرضى الثلاسيميا فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى، قائلا :" فى شهر نوفمبر 2023 حدث اقتحام برى من جانب قوات الاحتلال ودخلوا مستشفى الشفاء واقتحموها فكانت الأمور مأساوية ولم يتبق فى شمال غزة سوى مستشفى كمال عدوان ومستشفى الأندونيسي".
ويتابع :"مستشفى الأندونيسى باعتباره يتواجد فى منطقة الحدود وكانت منطقة إخلاءات فإن الوصول للمستشفى خطر فلم أذهب للمستشفى وظللت منذ أول وحدة فى نهاية شهر أكتوبر وظللت كذلك حتى صارت الهدنة فى نهاية شهر نوفمبر وانتهت فى بداية شهر ديسمبر وظللت أكثر من شهر لم أحصل على وحدة دم وهو ما أثر كثيرا على صحته".
ويشرح حسين كريزم رحلة البحث عن وحدات الدم فى مستشفيات شمال غزة خلال الهدنة الإنسانية التى بدأت فى نهاية نوفمبر 2023، قائلا: "ذهبت إلى مستشفى كمال عدوان فى أول أيام الهدنة للحصول على وحدة دم وأول يوم هدنة كان هناك إصابات كثيرة وكان الوضع مأساوى فلم استطع الحصول على وحدة الدم وذهبت مرة أخرى ثالث أيام الهدنة وكان الوضع استقر بشكل قليل ولكن الوضع كان مأساوى، وبصعوبة حصلت على وحدة الدم بعد أن طلبوا منى أن أحضر بديل للوحدة لعدم توافرها فتمكنت من إحضار متبرع وحصلت عليها من بين المصابين والمرضى والشهداء وظللت فى الطوارئ وسط الشهداء للحصول عليها".
ويواصل حديثه :"بعد ذلك دخل الاحتلال معسكر جباليا وتم محاصرة مستشفى كمال عدوان والأندونيسى فاضطررنا للنزوح إلى مدينة غزة، وكانت الأمور صعبة هناك وذهبنا لملعب اليرموك ونمت فى الشارع وعانيت كثيرا خلال نزوحى فى هذا الملعب، حيث لا يوجد شئ يسترنا على الإطلاق وكنا فى بداية الشتاء فى ديسمبر وكانت الأمور صعبة وكان الاحتلال ينسحب تدريجيا من مستشفى الشفاء فكانت فرصتنا للذهاب لمستشفى الشفاء، ثم زادت الأمور تعقيدا فى جباليا، وبعد انسحاب الاحتلال من مستشفى الشفاء تم تشغيل بنك الدم فى المستشفى، وحصلت هناك على 3 وحدات دم وفى هذا الوقت حدثت مجاعة فى شمال غزة، ولم يكن هناك أرز أو طحين وبدأت المجاعة تضرب بالسكان وتأثرنا نحن مرضى الثلاسيميا من هذه المجاعة وظللنا أشهر نأكل أرز ولا نجد خبز ولا طحين، وعندما تجد الخبز يكون سعره من 10 لـ20 شيكل".
من فتح لنا التحقيق عن معاناة أصحاب مرضى الثلاسيميا، كان عبر حديثنا بالصدفة مع أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، عن أسباب تجدد أزمة سوء التغذية والمجاعة فى قطاع غزة فى الفترة الراهنة، وخلال حديثه عن تلك المأساة عرج إلى عدم توافر الدقيق والأطعمة الصحية لأصحاب الثلاسيميا فى القطاع مما يهدد حياتهم، كان هذا هو الخيط الذى بحثنا خلفه للتوسع فى الحديث عن معاناة تلك الفئة فى القطاع، لنتحدث بعدها مع الدكتور عائد ياغى، مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة، الذى أكد فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن القطاع كان يعيش فيه 306 مريض ثلاسيميا قبل العدوان الإسرائيلى فى 7 أكتوبر 2023، ولكن زادت معاناتهم مع بداية الحرب وما تبعها من آثار منها نقص الطعام بجانب استمرار القصف، مؤكدا أن هناك العديد من الحالات لا زالت باقية فى القطاع دون العلاج، ومجموعة قليلة خرجت للعلاج خارج غزة قبل غلق معبر رفح.
بحثنا أكثر عن معاناة مرضى الثلاسيميا، فوجدنا أنه فى 21 سبتمبر الماضى، أطلق المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، نداءً عاجلًا لتوفير وحدات دم لإنقاذ حياة مرضى الثلاسيميا فى مناطق شمال قطاع غزة المحاصرة، مطالبا المجتمع الدولى ومؤسسات الأمم المتحدة المعنية، وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الاسرائيلى للسماح بوصول وحدات الدم لمرضى الثلاسيميا فى مناطق شمال قطاع غزة المحاصرة.
وقال المركز الفلسطينى لحقوق الإنسان، خلال بيانه عبر موقعه الرسمى، إن هذا النداء يأتى بعد ورود عدة مناشدات من مرضى عجزوا عن الحصول على وحدات دم بعد تعذر قدرة السكان فى مناطق شمال القطاع على التبرع لهم، كنتيجة طبيعية لمعاناتهم من سوء التغذية الحاد الناجم عن الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية الهادفة لتدمير سكان قطاع غزة جزئيًا أو كليًا فى سياق جريمة إبادة جماعية مستمرة.
حياة 63 مريضًا بالثلاسيميا معرضة للخطر بينهم 35 أنثى شمال غزة
وأعرب المركز عن قلقه الشديد على حياة 63 مريضًا بالثلاسيميا من بينهم 35 أنثى، فى مستشفيات مدينة غزة وشمالها، حيث يواجه هؤلاء صعوبات كبيرة فى الحصول على وحدات الدم بالمواصفات المطلوبة لحالتهم المرضية، وذلك نتيجة معاناة معظم السكان من الجوع الكارثى المصنف ضمن المرحلة الخامسة من التصنيف الأممى المتكامل لمراحل الأمن الغذائي.
وأشار المركز، إلى أن هناك وحدات دم طازج مطلوبة، ومصدرها متبرعين من خارج قطاع غزة، وهو ما لم تسمح به القوات المحتلة حتى هذه اللحظة، تاركةَ المرضى فى مدينة غزة وشمالها يتعرضون لمضاعفات صحية تهدد حياتهم، بجانب معاناتهم الكبيرة من انهيار المنظومة الصحية وعجزها عن توفير متطلبات العلاج الملائم لجميع المرضى.
نعود لحسين كريزم، والذى يكشف وضع مرضى الثلاسيميا فى المجاعة التى ضربت شمال قطاع غزة قائلا :"ظللنا فى المجاعة حتى شهر أبريل الماضى، ثم بدأت الأمور تتحسن تدريجيا وتدخل المساعدات وفى هذا الوقت كان الوضع الصحى الخاص بى صعب للغاية وبعد نزوحنا لغزة عاد الهدوء لمجمع الشفاء للمرة الثانية فاضطررنا للنزوح من شرق غزة إلى معسكر جباليا مرة أخرى، فكانت المجاعة فى عزها، ولم يكن هناك طعام أو مياه صالحة للشرب، وأنا كنت أشرب مياه ملوثة ونعانى كثيرا ومرت أيام المجاعة وتأثرت بها بشكل غير طبيعى وتعرضت لنزلات معوية وحمى وارتميت لأشهر فى فراش المرض، من قلة الدم والطعام فحدث ضغط على النخاع كما تحدث معى الطبيب ولم أكن أستطيع الوقوف على قدمى وكان الناس يحملونى من أجل الوصول للحمام".
ويحكى كريزم يومياته مع المجاعة فى شمال غزة قائلا :"لم أكن أتوقع الخروج من هذه المجاعة حيا، وعندما كنت أذهب للحصول على وحدات الدم كان لابد من توفير متبرع بل وكنت أحتاج مزيد من وحدات الدم لأنه لا يوجد طعام أو شراب فكنت اصطدم من نتيجة تحليل الدم والهيموجلوبين الذى يصل إلى 4 و 5 وأحيانا أجده 3، فأصبحت أحصل على وحدتين دم وليس وحدة واحدة وأحيانا كنت أحصل على 3 وحدات، وتأثرت صحى للغاية بشكل سئ، وكنت مهتم بعلاجى، ونسبة الحديد قبل الحرب كانت 2000 ولكن منذ شهور لا أحصل على العلاج ولا يوجد فحوصات فلا أعلم نسبة الحديد لدى، ولا يوجد فحوصات وظائف الكلى ولا فيروسات".
ويتابع: "وحدات الدم التى كنا نأخذها منذ أول يوم الهدنة فى نهاية نوفمبر 2023 حتى شهر مايو الماضى كنا نحصل عليها من غير فحص للفيروسات ووظائف الكلى فلا نعرف أى تفاصيل عن وظائف الكلى وتحاليل الفيروسات فى أجسادنا، ولا يوجد صور إيكو ولا صور تليفزيونية على البطن ولدى مشاكل فى المرارة والتى تألمنى كثيرا وأحتاج لعملية جراحية ولا أستطيع إجرائها لأنها تتطلب إمكانيات لأنى مريض ثلاسيميا فالأطباء يخشون إجراء عملية جراحية لي".
ويتحدث حسين كريزم عن تفاصيل العملية التى يحتاج إجرائها بشكل سريع، حيث يقول :"عملية المرارة أحتاجها ضرورى، وكنت قبل الحرب أذهب لإجراء تحاليل وأجد أن فحص الهيموجلوبين وصل لـ 8 أو 9، وكنت كل شهر أصيب بصداع ولكن الآن كل أسبوعين يصيبنى وجع عظام وصداع وهزلان، وأذهب للمستشفى فأجد الهيموجلوبين 5 و 6، وقبل الحرب كنت كل شهر أذهب للمستشفى أحصل على وحدة دم ولكن الآن بسبب سوء وضعى الصحى أصبحت كل أسبوعين أحصل على وحدة دم فوضعنا مأساوى وربنا يزيح الغمة عنا ومع وجع المرارة أصبح هناك ضرورة لسرعة إجراء عملية جراحية حتى لا تتدهور حالتى الصحية".
وفاة مريض ثلاسيميا بعد عدم قدرة أسرته على إيصاله للمستشفى نتيجة القصف
وعن كيفية حصوله على وحدات الدم فى الوقت الراهن مع استمرار العدوان الإسرائيلى يشرح حسين كريزم :"حتى الآن نحصل على وحدات الدم يتطلب بديل لبنك الدم من خلال متبرع، ولا نعلم إلى متى سيستمر هذا الحال، ونتمنى السفر لخارج القطاع للعلاج كى نستعيد صحتنا لما كانت عليه قبل الحرب، ولا يوجد علاج على الإطلاق فى غزة، فقط وحدات الدم، وتوفى زملاء مرضى كثيرين تقريبا 27 مريضا من أصدقائنا سواء من خلال القصف أو من المرض وقلة الطعام والعلاج".
ويتحدث حسين كريزم عن صديقه المريض ثلاسيميا والذى توفى نتيجة عدم قدرتاه الذهاب إلى المستشفى للحصول على وحدة دم قائلا :"كان لدى صديق مريض ثلاسيميا يدعى أحمد من معسكر جباليا تم محاصرته فى جباليا وأهله لم يستطيعون الذهاب به للمستشفى للحصول على وحدة دم واستشهد بعد أن تصفى دمه غير الذين ماتوا بسبب المجاعة وقلة الطعام، حتى الآن نحن كمرضى لا نأكل طعام صحى منذ 5 شهور، ونعيش على المعلبات منذ دخول المساعدات، لا يوجد خضار ولا لحوم والأكل الصحى غير موجود مطلقا، بل معلبات من اللحم والفاصوليا والعدس والحمص وكل شئ معلبات، وهذه لديها أضرار على صحة الإنسان السليم والتالى تأثيرها يكون أخطر على مريض الثلاسيميا الذى تكون مناعته ضعيفة ولديه مشكلات صحية كثيرة".
ويختتم حسين كريزم رسالته قائلا: "هذه قد تكون رسالتي الأخيرة لأننا محاصرين في جباليا والإبادة في كل مكان، ومستشفى كمال عدوان خالي من الممرضين والأطباء وأي شخص حد بتحرك في الشارع يتم قصفه، والوضع صعب للغاية في الشمال، والحرب أشد من أيامها الأولى والمجاعة والحصار عاد أقوى من قبل".
33 مريضا يعاجلون فى الخارج و282 داخل القطاع
تحدثنا مع أحمد عياش، مدير جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا فى غزة، الذى كشف تفاصيل معاناة أصحاب هذا المرض، مؤكدا أنهم ينظرون بقلق إلى أحوال مرضى ثلاسيميا فى القطاع وعددهم 282 مريضا والذين تقطعت بهم سبل الوصول إلى الخدمات الصحية سواء فى شمال أو جنوب قطاع غزة، بقى منهم 63 مريضا فى شمال القطاع و 219 فى جنوبه، وفقد القطاع منذ بداية الحرب 27 مريضا ومريضة معظمهم بسبب نقص الخدمات الصحية والأدوية.
ويضيف مدير جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا فى غزة، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن مريض الثلاسيميا يحتاج بشكل أساسى إلى نقل دم من خلال مرشح دم (filter) كل ثلاث أسابيع بشكل دائم و مستمر، إضافة إلى أدوية طاردة للحديد بسبب تراكم الحديد فى الأعضاء الحيوية فى الجسم نتيجة نقل الدم المستمر والتى قد تصل مضاعفاتها إلى الوفاه، وغير ذلك تكون حياة مريض الثلاسيميا على المحك، مشيرا إلى أن معظم الوفيات فى غزة نتيجة قصور عضلة القلب بسبب تراكم الحديد وسوء التغذية.
"الحالة المعيشية التى يتعرض لها مريض الثلاسيميا صعبة للغاية أسوة بباقى النازحين سواء بسوء التغذية أو بسبب نقص المواد الغذائية"، هكذا يشرح أحمد عياش حجم معاناة مريض الثلاسيميا فى غزة فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى، مشيرا إلى أن هذه الحياة الصعبة تنعكس مباشرة على واقع المريض الصحى إضافة إلى انتشار الأمراض الوبائية المنقولة بسبب نقص معدات النظافة الشخصية وخصوصا لمريضى الثلاسيميا فى مراكز ومخيمات الإيواء.
ويوضح أن المرضى يتلقون العلاج فى مركزين وهما مستشفى كمال عدوان فى الشمال، ومستشفى مجمع ناصر فى الجنوب، والمرضى الذين غادروا غزة للعلاج 33 مريضا ومريضة منهم حاليا 22 متواجدين فى مصر، و مريض واحد فى الأردن، 2 مرضى فى إيطاليا، ومريضة فى ليبيا، ومريضة فى الجزائر، ومريض فى تونس، ومريض فى تركيا، ومريض فى الإمارات، وعدد المرضى قيد الانتظار للسفر للعلاج 36 مريضا ومريضة.
ويشرح أحمد عياش، حجم معاناة مريض الثلاسيميا فى شمال غزة والتى تعانى من مجاعة ونقص شديد فى مواد الغذائية، مؤكدا أن مرضى الثلاسيميا يعانون فى شمال القطاع من نقص وفرة الدم بسبب قلة التبرع، ذلك بسبب سوء التغذية وفقر الدم الذى يعانى منه المواطنين هناك، بسبب شح المواد الغذائية و تحديدا المواد الغذائية الصحية منها، حيث أن معظم الأغذية هناك هى عبارة عن معلبات فقط، متابعا :"لذلك نسعى من خلال المنظمات الدولية إلى إدخال وحدات دم سواء من الضفة الغربية أو من الأردن لكن يواجهنا العرقلة الإسرائيلية وعدم إعطاء تصاريح لإدخال الدم".
من بين الحالات التى تعانى داخل قطاع غزة، المواطن الفلسطينى إبراهيم عبد الله مريض الثلاسيميا، وهو فى ذات الوقت منسق جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا فى شمال غزة، والذى يؤكد أن عدد المرضى حتى الآن وصل لـ 288 مريضا داخل القطاع، واستشهد خلال الحرب 27 شهيدا بينهم 6 نتيجة القصف الاسرائيلى والـ21 الآخرين نتيجة عدم وجود متابعة صحية لهم وعدم وجود غذاء صحى بشكل متواصل وعدم نقلهم للدم باستمرار بسبب عدم توافر نقل للدم عندما يحتاجه المريض.
62 مريضا فى شمال غزة يفتقرون للغذاء الصحى ونقص المتبرعين بسبب المجاعة
ويتحدث إبراهيم عبد الله، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، عن تفاصيل معاناة مرضى الثلاسيميا فى شمال قطاع غزة، والذى يعانى الآن من مجاعة بعد قلة وصول المساعدات لهم، حيث يقول:" مرضى الثلاسيميا فى شمال غزة عددهم 62 مريضا وأنا منهم نفتقر للغذاء الصحى وغير الصحى أيضا، حيث إنه حاليا فى شمال غزة لا يوجد غذاء وفقط بعض المعلبات وتحتوى على مواد حافظة والمواد الحافظة تضر بالمرضى بشكل عام ونحن المرضى الثلاسيميا بشكل خاص".
ويضيف :"المريض بالثلاسيميا يحتاج إلى نقل دم بشكل دورى ولكن كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع نحتاج لنقل دم دورى، وعندما نريد أن نأخذ وحدة الدم نحضر متبرع بوحدة الدم، ونحن منذ أكثر من 20 عاما، ننقل وحدات الدم بدون متبرع ولكن خلال هذه الحرب يجب إحضار متبرع بالدم بسبب شح وحدات الدم وكثرة الإصابات واستخدامهم لوحدات الدم الموجودة فى المستشفى فنقوم بإحضار متبرع".
ويتحدث عن تفاصيل معاناة مريض الثلاسيميا فى إيجاد متبرع بالدم، قائلا :"للأسف عندما نحضر متبرعين يكون دمهم ضعيف ولا يمكن أن يتبرعون بدمهم لأن الغذاء غير متوفر للأشخاص الطبيعيين كى يتمكنون من التبرع بدمائهم، ونحن نعانى فى شمال غزة من هذا الموضوع بشكل كبير للغاية وناشدنا كثيرا أن يكون هناك توفير لوحدات الدم عن طريق الدول المجاورة وتدخل المؤسسات الدولية لتوفير الدم لنا فى شمال غزة ونحن الـ62 مريضا نعانى بشكل دورى من هذه المعاناة وهى أكبر معاناة لنا".
كما يتحدث إبراهيم عبد الله عن حال المرضى فى جنوب القطاع، قائلا إنه فى جنوب قطاع غزة يعانى أغلب المرضى من الحياة داخل الخيام ومراكز الإيواء ومعيشتهم سيئة للغاية وفقدنا عدد من المرضى نتيجة هذه الحياة غير الصحية، رغم توافر الغذاء فى جنوب غزة ولكن بعض المرضى لا يكون لديهم مال لشراء هذا الغذاء، متابعا :"وضع المرضى فى قطاع غزة سئ للغاية، وخرج للعلاج خارج القطاع 33 مريضا قبل إغلاق معبر رفح وهناك حوالى 40 مريضا لديهم تحويلات ويريدون أن يكون لهم علاج بالخارج ولكن بسبب غلق معبر رفح والمعابر الأخرى هم موجودين داخل قطاع غزة ويعانون معاناة شديدة ومنهم من فقدناهم وعدد كبير من مرضانا وضعهم سئ ويزداد معاناتهم يوميا ولا يمكن علاجهم فى ظل هذه المنظومة الصحية المدمرة فى غزة ويحتاجون للعلاج للخارج ولكن لم يكتب لهم تحويلات لأن المعبر مغلق".
ويختتم إبراهيم عبد الله حديثه قائلا :"الوضع سئ للغاية ولا نجد من يتحدث عن مرضانا لأن عددنا قليل وبالتالى حقوقنا مهضومة فى غزة سواء بالشمال والجنوب، ونتمنى أن يكون هناك تدخل وأن ينظر الجميع لمرضى الثلاسيميا ووضعهم الصحى، حتى فى المساعدات التى تدخل شمال غزة يدخل دجاج وخضار ولكن مرضى الثلاسيميا محرومين منها ولم يستفيدون من هذه البرامج مطلقا".
تدمير الاحتلال للمنظومة الصحية في غزة
خلال حديث منسق جمعية أصدقاء مرضى الثلاسيميا فى شمال غزة، تطرق إلى المنظومة الصحية المدمرة فى غزة بفعل العدوان، وهو ما يمنع علاج مرضى الثلاسيميا فى ظل خروج الكثير من المستشفيات بالقطاع عن الخدمة، حيث يكشف الدكتور ماجد أبو رمضان، وزير الصحة الفلسطينى، حجم التدمير الذى ألحقه الاحتلال بالمنظومة الصحية الفلسطينية، موضحا أن المحافظات الجنوبية فى قطاع غزة كان بها 38 مستشفى وكانت تعمل بكامل قدرتها قبل الحرب، وخلال العدوان على قطاع غزة، قصف جيش الاحتلال الإسرائيلى ودمر معظم هذه المستشفيات كليا أو جزئيا.
ويضيف وزير الصحة الفلسطينى، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن جنود الاحتلال الإسرائيلى دمروا أكبر مستشفى فى غزة وهو مجمع الشفاء الطبى والذى كانت قدرته السريرية قبل الحرب حوالى 800 سرير، وتم تدمير كذلك مجمع ناصر الطبى والذى بلغت قدرته السريرية 400 سرير قبل الحرب وإعادة وزارة الصحة ترميم أجزاء منها ليعملان جزئيا بخدمات أساسية.
ويشير ماجد أبو رمضان، أن هناك 16 مستشفى تعمل الآن فى قطاع غزة بشكل جزئى ودمر الاحتلال الإسرائيلى 22 مستشفى وأصبح خارج الخدمة كليا، متابعا:"فى المحافظات الشمالية فى الضفة الغربية، انتهك جيش الاحتلال حرمة المستشفيات ويعتدى عليها بشكل مباشر وغير مباشر إما عن طريق اقتحامها مثلما حدث مؤخرا فى مستشفى الرئيس محمود عباس فى حلحول بمحافظة الخليل، أو عن طريق محاصرة المستشفيات وتدمير البنية التحتية للشوارع والطرق المؤدية لها مثلما حدث مؤخرا فى مشافى محافظات جنين وطولكرم وطوباس، إضافة إلى منع جيش الاحتلال من صول مركبات الإسعاف إلى المستشفيات خلال الاجتياحات التى تنفذها فى المدن الفلسطينية و منع إجلاء الجرحى من الميدان وإغلاق مداخل المشافى الحكومية والخاصة وجه مركبات الإسعاف والمرضى".
وفى 6 أكتوبر الماضى، أصدر الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى، تقريرا يكشف فيه حجم انهيار المنظومة الصحية فى غزة فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى، مؤكدا تعرض المستشفيات والمراكز الصحية للتدمير بسبب القصف ما أدى إلى انهيار قدرة الأنظمة الصحية على تلبية احتياجات الناس، كما قلت فرص الوصول إلى الخدمات الصحية بشكل كبير، كما أن الحصول على العلاج والأدوية أصبحا صعبا للغاية، ما زاد من معاناة المرضى، خصوصا المصابين بأمراض مزمنة مثل السكرى وأمراض القلب، الذين يحتاجون إلى رعاية مستمرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة