رغم مرور عقود على تكرار الانتخابات الأمريكية وتبادل الرئاسات بين الجمهوريين والديموقراطيين، فإن العوامل الشخصية لعبت دورا فى تحديد سياسات كل رئيس، لكن العنصر الغالب كان استمرار السياسات المتعلقة بالاحتواء والتدخل، بل وشن الحروب، وهو أمر قد يبدو أقرب الى الجمهوريين، لكنه ليس بعيدا عن الديموقراطيين، ومن هنا فإن النظر للسياسات عموما ينطلق من زوايا توازنات ومصالح، وتداخلات متنوعة.
على سبيل المثال فإن العلاقة مع إسرائيل أمر مشترك بين الجمهوريين والديموقراطيين، باعتبار أن اللوبى الأكثر تنظيما وتأثيرا فى الولايات المتحدة يساهم فى رسم الضغوط والسياسات، ومع هذا الاشتراك فقد كان الرئيس جو بايدن أكثر رؤساء أمريكا ترددا فى مواجهة الحرب والتدخل، بل إنه تعرض مرات لهجوم وسباب من قبل نتنياهو، وفى عهد بايدن دارت أطول حرب إبادة والتى تصِم الولايات المتحدة بشكل كبير، وقد يكون هذا أحد عوامل تراجع بعض الأصوات للديموقراطيين، لكنها ليست العوامل الحاسمة، حيث يمثل الاقتصاد العمود الأساسى لأى انتخابات من حيث النمو والبطالة والضرائب وتوفير استثمارات أو دعم.
وبالتالى قد لا يكون هناك فرق بين الديموقراطيين والجمهوريين فى الدعم للاحتلال الإسرائيلى لكن أيضا هناك خلل فى علاقة الطرف الآخر، من حيث محاولة استعمال أوراق السياسة، والحديث بنفس الخطاب، وتسويق ما يجرى بحقيقته وليس من خلال أباطيل وادعاءات، بل وربما يمكن توظيف أوراق الاقتصاد فى السياسة وبناء علاقات أقوى مع الولايات المتحدة.
والدليل أنه لا فارق كبيرا فى ما يتعلق بالسياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فقد شن جورج دبليو بوش، واليمين الأمريكى حروبا وغزوات انتهت إلى فوضى فى العراق والمنطقة العربية. ولما جاء باراك أوباما وحظى بأكبر دعم من العرب، كأول رئيس أسود فى البيت الأبيض، سحب الجيش الأمريكى من العراق، أوباما ساهم فى خلق حروب أقل صوتا من الغزو وأقوى تأثيرا، ثم إن الإدارة الأمريكية ساهمت فى نقل وتمويل إرهابيين من جميع أنحاء العالم إلى سوريا والعراق، وأوباما لم يغلق سجن جوانتنامو، وبعض من غادر السجن المذكور انضم لداعش والنصرة وباقى تنويعات الإرهاب الموجه.
فى إبريل الماضى مرت 21 عاما على الغزو الأمريكى للعراق بمزاعم حيازة العراق لأسلحة دمار شامل لم يعثر عليها، فضلا عن تدمير مؤسسات العراق من دون القدرة على إعادة بناء العراق الذى تحول من دولة غنية إلى دولة فاشلة تأكلها الطائفية والعرقية والصراعات والفساد، وفى حديثه لصحيفة «نيويورك بوست» عام 2020 أكد الرئيس الأمريكى وقتها دونالد ترامب أن إطلاق الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، حملة غزو العراق عام 2003 كان أسوأ قرار فى تاريخ الولايات المتحدة، ترامب بالرغم من أنه جمهورى فقد اتهم سلفه الديموقراطى باراك أوباما وهيلارى كلينتون بأنهما صنعا داعش فى العراق.
بل إن هيلارى وهى وزيرة خارجية لعبت دورا فى دعم الفوضى والإرهاب، ومع هذا فقد سافر نشطاء ومواطنون عرب ومصريين لمساندة هيلارى، بالرغم من أنها تمثل أكثر عناصر الدعم لداعش، ومع هذا كانوا يرون أن فوزها إنجاز للديموقراطية وهو ما تكرر مع كامالا، من قبل زعامات ونشطاء يفترض أن لدى بعضهم بعض الخبرات التى تعلمهم أنه لا فارق بين الجمهوريين والديموقراطيين، إلا من خلال ما يمكن أن يرتبه العرب أو الدول نفسها، من خلال الاستقلال والتعامل بندية، من زوايا خلاف أو اتفاق من دون تجاهل أوراق المصالح، باعتبار الخلاف فى الدرجة وليس فى النوع، وأن الهدف فى النهاية هو الاقتصاد والنمو والضرائب ومصالح أمريكا.
مقال أكرم القصاص
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة