سطرت المحكمة الدستورية العليا، اليوم السبت، برئاسة المستشار بولس فهمى، حكما في غاية الأهمية ويهم ملايين المؤجرين والمستأجرين، بعد أن قضت بعدم دستورية المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، الخاص بتأجير الأماكن السكنية وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر "قانون تحديد أجرة الأماكن".
منطوق الحكم
قضت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الأولى من كل من المادتين (1 و2) من القانون رقم 136 لسنة 1981، في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنتاه من ثبات الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى إعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، وحددت المحكمة اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها.
الفقرة الأولى من المادة "1" من القانون:
فيما عدا الإسكان الفاخر، لا يجوز أن تزيد الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكن اعتبارا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7% من قيمة الأرض والمباني وعلى ألا تقل المساحة المؤجرة لهذه الأغراض عن ثلثي مساحة مباني العقار.
الفقرة الأولى من المادة "2" من القانون:
تقدر قيمة الارض بالنسبة إلى الاماكن المنصوص عليها في الفقرة الأولي من المادة السابقة وفقا لثمن المثل عند الترخيص بالبناء، وتقدر قيمة المباني وفقا للتكلفة الفعلية وقت البناء، فـإذا ثبت تراخي المالك عمدا عن إعداد المبنى للاستغلال، تقدر تكلفة المباني وفقا للأسعار التي كانت سائدة في الوقت الذي كان مقدرا لإنهاء أعمال البناء وذلك دون الإخلال بحق المحافظة المختصة في استكمال الأعمال وفقا للقواعد المنظمة لذلك.
تفسير الحكم
ينظم القانون رقم 49 لسنة 1977 إجراءات ومدة وبنود عقود تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما ينظم القانون رقم 136 لسنة 1981 معايير تحديد قيمة أجرة تأجير الأماكن وزيادتها السنوية، وتمثل قوانين الإيجار القديم قنبلة موقوتة لما تتضمنه من أمرين: أولهما هي مدة العقد وامتداد هذه المدة للورثة وثانيهما أجرة الايجار وزيادته السنوية.
أولا: مدة العقد حيث أن عقد ايجار الشقق السكنية لم يكن محدد فيه مدة انتهائه والمعروف بـ"تأبيد عقود الإيجار"، "أي تستمر إلى ابد الابديين" وبالتالي فان الشقة تظل يتوارثها ورثة المستأجر الأصلي حتى الدرجة الثالثة.
(لكن فى 14 نوفمبر 2002 تصدت المحكمة الدستورية لذلك وقضت الحكم بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما لم تتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلتزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، وفى عام 2011 حكمت فسرت المحكمة الدستورية الحكم بان تكون لمرة واحدة).
وأثر هذا الحكم هو عدم جواز امتداد العقد إلى أقارب المستأجر المقيمين معه بحيث يكون مقتصرا على جيل واحد فقط من ورثه المستأجر الأصلى وهو "الأبناء والزوجات والوالدين"، ويبدأ العقد معهم وينتهى بوافاتهم، بشرط الإقامة الهادئة المستقرة لمدة سنة على الأقل قبل وفاة المستأجر الأصلى.
ثانيا: تحديد أجرة الإيجار فقد نص القانون على تشكيل لجنة في كل محافظة وتحدد قيمة الايجار المناسب لكل منطقة والزيادة السنوية لها بشرط لا يتم رفع قيمة الزيادة السنوية للايجار عن 7% من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وعرف ذلك بـ"تأبيد الأجرة وزياتها" وبالتالي يقوم المستأجر أو ورثته من الدرجة الأولى بدفع قيمة ايجارية زهيدة مع حظر زيادتها عن 7% كل عام.
كما أن هذا الحكم يخص الأماكن السكنية فقط مثل الشقق السكنية وليست للأغراض التجارية والصناعية كالمحلات.
موعد تنفيذ الحكم
وفقا لمنطوق الحكم فأن موعد تنفيذ الحكم سيكون في اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب وهو ما يعنى ضرورة قيام البرلمان من الآن وحتى فض دور الانعقاد بصياغة مشروع قانون بتعديل الفقرتين الأولى من المادتين 1 و2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 الخاص بقيمة الزيادة السنوية للايجار بالنسبة للوحدات السكنية المؤجرة بهذا القانون.
علما بأن دور الانعقاد العادى بدأ في شهر أكتوبر 2024 الجاري ويستمر لمدة تسعة أشهر وعقب انتهائه يبدأ تنفيذ الحكم أي يرجح في يونيو أو يوليو 2025.
أثر الحكم على المواطنين
هناك أثرين على المواطنين سواء مالكين للشقة السكنية أو مستأجرين بالايجار القديم:
1-
اذا أصدر مجلس النواب قبل يوليو 2025 تشريع ينظم نسبة الزيادة في قيمة الأجرة بحيث يكون هناك زيادة في ضعف الزيادة الحالية بالنسبة للعقارات المبنية قبل تاريخ القانون عام 1981 كذا زيادة ضعف الزيادة الحالية بالسنبة العقارات المبنية بعد القانون ومن ثم تكون هناك زيادة في الأجرة وكذا رفع الزيادة السنوية وتطبيقها من المدة التي سيحددها التشريع الجديد2-
اما اذا لم يصدر مجلس النواب تشريع وتم تنفيذ الحكم فأنه من حق الملاك تقديم دعاوى طرد للمستأجر استنادا لحكم الدستورية وعدم تنفيذه.
حيثيات الحكم
شيدت المحكمة قضاءها على سند من أن القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن السكنية تنطوي على خصيصتين: أولاهما الامتداد القانوني لعقود إيجارها، والأخرى التدخل التشريعي في تحديد أجرتها، وكلاهما ليس عصيًا على التنظيم التشريعي، فإذا كان الامتداد القانوني قد حدد نطاقًا بفئات المستفيدين من حكمه، دون سواهم، فإن تحديد الأجرة يتعين دومًا أن يتساند إلى ضوابط موضوعية تتوخى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، مما يوجب تدخل المشرع لإحداث هذا التوازن، فلا يمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالًا لحاجة المستأجر إلى مسكن يأويه، ولا يهدر عائد استثمار الأموال - قيمة الأرض والمباني - بثبات أجرتها بخسًا لذلك العائد فيحيله عدمًا.
وأضافت المحكمة أن النصين المطعون عليهما قد حظرا زيادة الأجرة السنوية للأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى اعتبارًا من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون على 7٪ من قيمة الأرض عند الترخيص، والمباني طبقًا للتكلفة الفعلية وقت البناء، وهو ما مؤداه ثبات القيمة الإيجارية عند لحظة من الزمان ثباتًا لا يزايله مضى عقود على التاريخ الذي تحددت فيه، ولا تؤثر فيه زيادة معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية لقيمة الأجرة السنوية، واضمحلال عائد استثمار الأعيان المؤجرة بما يدنيه من العدم، وهو ما يشكل عدوانًا على قيمة العدل وإهدارًا لحق الملكية.
وقد أعملت المحكمة الرخصة المخولة لها بمقتضى المادة (49) من قانونها وحددت اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي العادي الحالي لمجلس النواب تاريخًا لإعمال أثر حكمها؛ وذلك لحاجة المشرع إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الأماكن المرخص في إقامتها لأغراض السكنى الخاضعة للقانون رقم 136 لسنة 1981.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة