واحدة من أقدم اللغات فى العالم، وإحدى اللغات التى سبقت انتشار اللغة العربية في مصر قبل الفتح العربي، كانت اللغة القبطية، والتي كانت بمثابة أخر مراحل تطور اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، التي صمدت أمام الاحتلال البطلمي عام 323 ق.م - 30 ق.م، الذي جعل اللغة اليونانية هي اللغة الرسمية لمصر، حيث بقيت القبطية لغة الشعب، حتى في ظل تبعية مصر للإمبراطورية الرومانية وسيادة اللغة اليونانية طوال أكثر من 670 عاما خلال الفترة ما بين 30 ق.م - 641 م، ودخول العرب مصر.
كُتِبَت اللغة المصرية القديمة بحروف يونانية بدايةً من القرن الثاني الميلادي، مع إضافة سبعة حروف أخرى لأصوات لم تتوفر في اللغة اليونانية، وكُتِبَت بحروف يونانية مدة من الزمن قبل الديانة المسيحية. وقد استعملت اللغة القبطية حروف الهجاء اليونانية كلها بنطقها ومزاياها التي كانت لها في ذلك العهد، وأضافت على الأبجدية اليونانية سبعة حروف اقتبستها من الكتابة الديموطيقية للتعبير عن النطق بسبعة أصوات لا توجد في اللغة اليونانية.
وبحسب موقع الكنسية القبطية المصرية، فأن اللغة الهيروغليفية تطورت تبسيطا إلى الهيراطيقية نسبة إلى الكهنة (العلماء) ثم إلى الديموطيقية أي الخاصة بعامة الشعب نحو القرن السابع قبل الميلاد للاستخدام في الحياة اليومية، ثم إلى اللغة القبطية الحديثة، وترجم الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية في القـرن الثاني المیلادی حيث قام العلامة بنتينوس مدير مدرسة الاسكندرية نحو عام 181 مع بعض تلاميذه بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة القبطية كما كتبت الصلوات الكنسية والتسبحة باللغة القبطية وترك لنا الآباء كثيرا من أقوالهم النافعة باللغة القبطية بلهجاتها المختلفة وتوجد آلاف المخطوطات والبرديات في الأديرة والكنائس والمتاحف في مصر وجميع أنحاء العالم تحتاج إلى الدراسة والتحقيق.
ويوضح الموقع ذاته، أن القدماء المصريين كان لهم السبق العلمى في تدوین لغتهم بمحاولات أولية بالنقش التصويرى والمقاطع منذ نحو سبعة آلاف سنة وتمتاز اللغة المصرية القديمة بأنها أول لغة لها أبجدية في شكلها الهیروغلیفی نحو القرن الثلاثون قبل الميلاد، وعنها أخذ معظم شعوب العالم حيث صارت لهم أبجديات تتشابه كثيرًا مع الأبجدية الهيروغليفية شكلاً ونطقًا بل وبالنسبة للقواعد النحوية أيضا والتركيبات اللغوية.
مثلت اللغة القبطية عائقا أمام الحكام العرب للتفاهم مع أهل مصر الذين حرصوا على تعليم أولادهم اللغة المصرية في المدارس والدواوين، لذلك أصدر والي مصر عبدالله بن عبدالملك، مرسوم تعريب الدواوين عام 706م، وفي القرن الـ11 الميلادي، أمر الحاكم بأمر الله بمنع استخدام اللغة القبطية في الطرق والمنازل، ومع حلول القرن الـ12 الميلادي أصبح الشعب المصري يعرف اللغة العربية والقبطية على السواء، حيث بدأت اللغة العربية في الانتشار لتحل تدريجيا مكان القبطية، وهنا قام البابا جبريال الثاني بن تريك، البطريرك الـ70 للكنيسة المصرية بإصدار أوامره بقراءة الأناجيل والعظات الكنسيّة وغيرها من القراءات باللغة العربية بعد قراءتها بالقبطية، لكي يفهم شعب الكنيسة تلك الصلوات والمواعظ، ما أسهم في بقاء اللغة القبطية مستمرة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة