تصدى قاسم أمين لقضية تحرير المرأة غير أن المعارك كانت من كتاب عصره فالفكرة التي طرحها كانت جديدة وغير ملائمة لدى الكثيرين الذين تصدوا له وعبروا عن وجهات نظر مغايرة، ونذكر أبرز ما جاء بهذا السياق.
معركة مع طلعت حرب
الخصومة بين قاسم أمين وطلعت حرب، ظهرت عام 1889، بعد صدور كتاب الأول "تحرير المرأة" فرد عليه طلعت حرب بكتاب "تربية المرأة والحجاب"، فجاء فى الكتاب الأخير أن الناس يرفضون أفكار قاسم أمين لأن رفع الحجاب والاختلاط أمنية تتمناها أوروبا منذ قديم الأزل لهزيمة مصر من خلال تحرر نسائها، وتابع طلعت حرب فى كتابه قائلا: "أسمينا الكتاب تربية المرأة والحجاب، وهو اسم كنا نتمنى أن يجعله حضرة قاسم بك أمين عنوانا لكتابه فإنه أليق من اسم تحرير المرأة"، وساند "حرب" فى خصومته لقاسم، الزعيم مصطفى كامل حيث أثنى عليه فى مقال له فى جريدة اللواء عام 1900.
لم تكن خصومته الفكرية مع قاسم أمين على قضية التحرير الأدبى للنساء وإنما كانت تتمركز حول مخاطر هذه الطفرة الطارئة التى لا مبرر لها فى حياة النساء وما وراء هذه الطفرة من شر قد يستغله الدخلاء لتحقيق مصالح مادية ومعنوية، خاصة أنه يعتبر أن قاسم أمين قد انطلق فى قضية تحرير المرأة من المرجعية الغربية التى تسعى للنيل من الهوية الإسلامية.
لكن المراجعات الفكرية لطلعت حرب، اختلفت بعد نحو 30 عاما من تلك المعركة الفكرية مع "أمين" اختلف رأيه وسارت كل أفعاله عكس اتجاه ما يقول، فكان أول الداعمين للسيدة لطيفة النادى، أول سيدة تقود طائرة وتحلق بها وحدها عام 1933، بل وبدأ اقتحام عالم التمثيل والسينما عام 1925، لاعتقاد بأن الفنون صناعة وطنية أصيلة، وإنشاء استوديو مصر عام 1934 لينتج عددا من الأفلام الكلاسيكية المصرية أهمها فيلم وداد لكوكب الشرق أم كلثوم، ويبدو أن طلعت حرب أدرك بعد ثلاثة عقود، ألا يمكنه بناء مجتمع ونصف طاقته معطلة، وبعدما كان ينظر للمرأة على أن خلعها حجابها وعملها انتصار للاستعمار، راهن على المرأة وأوفد بعثات دراسية لأوروبا لتعلم فن الإخراج وصناعة السينما.
معركة مع الرافعى
شن مصطفى صادق الرافعى هجوما على أفكار قاسم امين تحت عنوان: فلسفة طائشة، وقد وردت كلماته بكتابه وحى القلم حملة ضارية على قاسم أمين صاحب «تحرير المرأة» و«المرأة الجديدة» فقال : "أخطأ قاسم في إغفال عمل الزمن من حسابه، وهاجم الدّين بالعُرف، وكان من أفحش غلطه ظنّه العرف مقصوراً على زمنه، وكأنّه لم يدرِ أنّ الفرق بين الدّين وبين العُرف هو أنّ هذا الأخير دائم الاضطراب، فهو دائم التغيّر، فهو لا يصلح أبداً قاعدةً للفضيلة"، وقد جاءت مقالة الرافعي بعنوان "فلسفة الطائشة" في مجلة الرسالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة