من يحمل على عاتقه أمانة لا يستطيع أن يغمض له جفن حتى يؤدى أمانته، ويستكمل مسيرته، ويضحى من أجل بقاء أمته، ويواصل دون كلل أو ملل مسارات تحسين وتطوير العلاقات مع الآخرين فى كل المجالات، وهذا ما نرصده من جولات الرئيس فى أوروبا؛ حيث يعمل على تعضيد العلاقات، لدى بلاد لم تطأها قدم رئيس مصرى من ذى قبل، ويعقد الشراكات، ويبرم الاتفاقات، والتعاونات التى فى ضوئها تفتح مجالات العمل، وتتنامى عجلة الإنتاج، وتتبادل الخبرات؛ بغية التقدم والتطوير وتحقيق أقصى استفادة.
وزيارات لا تستهدف تحسين العلاقات وما تمت الإشارة إليه فقط؛ لكن هنالك بعدًا ينبغى أن نلتفت إليه؛ ألا وهو الثقل الاستراتيجى للدولة المصرية والمتمثل فى جغرافيتها وتاريخها ووضعها الإقليمى ومواقفها النبيلة تجاه كافة القضايا ذات الشأن الخارجي، وتفاعلها مع الأحداث باتزان وتعقل، ومقدرتها على توظيف ماهية الحكمة، وقوتها فى ردع من يود النيل منها ومن مقدراتها، ناهيك عن مقومات الثقة التى تعد جاذبة للتعاون مع الدولة المصرية والتى منها الشفافية والمصداقية وشرف الكلمة مع صبغة التقدير والاحترام.
ويؤكد الرئيس عبر زياراته على دلالات يصعب حصرها؛ لكن ما يعد واضحًا منها بوجهة نظر متواضعة أن مصر الدولة الكبرى تحمل رسالة السلام وتتخذ مسار النهضة والتقدم سبيلًا وحيدًا وتتجنب بكل الطرائق ما يغرقها فى بحور النزاعات والخلافات، وتدير مصالحها بحكمة ولا تنساق خلق شائعات وتداعيات يختلقها من يريد بها وبأهلها سوءً؛ فلديها قيادة رشيدة بما تحمله الكلمة من معني، وجميعنا يشهد على ذلك دون استثناء.
والرسالة واضحة البيان التى يقرأها كل من يتعامل مع الدولة المصرية ورئيسها المقدام، أن الدولة ومن يمثلها تمثيلًا مشرفًا تحمل الخير والود والمحبة وتخلص فى كل تعاملاتها وتفى بمواثيقها وتقدم كل ما من شأنه يسهم فى تحقيق الغاية الحميدة وتحرص على الوفاء بالعهود، وهذا ما يترجم ماهية المحبة للبشرية جمعاء ويؤكد أن الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة توجهاتها واضحة وسياستها بيضاء ناصعة.
ومن الرسائل التى تؤكدها جولات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى إيضاح أن مصر صاحبة عطاء وحضارة عريقة وسجل من التاريخ مشرف وثقافة تحمل مفاهيم السلم والتعايش والود والوداد، ولديها ما تقدمه لسائر دول العالم، ولديها ما يدعو لشرف زيارتها والاستمتاع بمفردات الطبيعة الخلابة والتطور والتقدم والازدهار التى حققته على مدار آلاف السنين، والإنجازات التى شهدته الدولة فى العقد الأخير بفضل سواعد أبنائها المخلصين وتوجيهات ورعاية من قيادة تمتلك رؤى التطوير والنهضة فى كافة المجالات.
ومن دلالات زيارات وجولات الرئيس المستدامة التأكيد على أن البيئة المصرية أضحت جاذبة للاستثمارات فى شتى مجالات التنمية، وأن مصر ماضية عبر ما تقوم به من مشروعات عملاقة نحو القمة، وأن مصر أضحى الاستثمار فى ربوعها ممهدًا؛ فمن يبرم شراكات أو يستهدف استثمارات أو يدشن بروتكولات تجارية بتنوعاتها المختلفة؛ فإن دون مواربة رابح، ويستطيع أن يحقق ما لا يحققه فى دول أخرى؛ فقد باتت مصر تمتلك مقومات ما تمت الإشارة إليه على أرض الواقع.
نثمن ما يقوم به السيد الرئيس من جولات وزيارات لكثير من بلدان العالم؛ فمن خلال ذلك يؤكد سيادته على أن السياسة المصرية تتسم بالمصداقية وتنئ عن بوابة الاستقطاب التى أضحت زريعة لتحقيق مصالح ضيقة، والتى يزول أثرها بعد تحقيق غاية لا نرى فيها صيبًا أو نفعًا مستدام، بل للأسف يدل على نوايا غير مخلصة، ومآرب لا تتسق مع ما تربينا عليه من قيم نبيلة، ومن ثم نفخر بسياستنا المصرية المتزنة التى تقوم على رجاحة العقل ونبل الموقف وصدق النية.
إن الرسالة الكبرى التى تؤكدها مصر ورئيسها لدول العالم قاطبة تتمثل بوضوح فى محاربة التطرف والإرهاب بكل صوره؛ فما من دولة سادت فيها سياسة التعصب وحل المشكلات بالنزاعات وتغليب الفكر المنحرف على وسطية الرأى والعقيدة الصحيحة، والتمييز على أساس عنصرى أو طائفي؛ ألا وانهارت مؤسسات تلك الدولة، وتمزقت أوصالها، وصار الأمن والأمان والاستقرار من الأحلام بمكان، والواقع خير شاهد ودليل على ما نسطر من حروف تحمل بين مكونها الحسرة والألم على دول أضحت فى بوتقة الانفلات والظلام.
نحن ندرك أهمية مصر بالنسبة لدول العالم، ونعى أن الأنظار عليها، وأن هناك من يريد بها ولها الخير ويمد يده للتعاون والشراكة الحقيقية مع مؤسساتها فى كثير من المجالات، وفى المقابل نعلم أن هناك من لا يرد لها أن تتقدم، بل ويبغى إسقاطها والنيل من مقدراتها؛ لكن ستظل مصر دولة قوية بشعبها ولحمته وجيشها ورباطه وقيادتها وحكمتها فى تناول القضايا وسائر أمور إدارة هذه الدولة العظيمة القدر والمقدار والمكانة، وسنظل لها داعمين عاشقين لترابها يقبع الولاء والانتماء فى وجداننا ما حيينا.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.
عصام محمد عبد القادر أستاذ المناهج وطرق التدريس كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر